تجار الأسواق القديمة في تعز اليمنية ينتظرون زبائن بجيوب خاوية

  • 5/23/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تعز (اليمن) - يفتح الحاج محمد العصار أبواب دكانه الصغير في “سوق باب موسى” وسط مدينة تعز، جنوب غربي اليمن، على أمل أن يجني أموالا تكفيه لسداد الإيجار ورواتب العاملين معه. فالوضع الاقتصادي في المدينة وصل إلى شفا الانهيار، لكن العصار يأمل أن يكون شهر رمضان موسما مميزا لنشاط الحركة التجارية في متجره الذي يبيع البهارات. اعتاد اليمنيون في تعز كما في بقية المدن والقرى على استقبال شهر الصيام بالكثير من الاستعدادات لكن ظروف الحرب غيّبت مظاهر الاحتفال في العديد من المناسبات التي اعتادوا عليها خلال هذا الشهر. فالسوق التي نشأت مع بناء باب المدينة في القرن الثامن الهجري، تتحول في الشهر الفضيل إلى مقصد للآلاف من السكان. تبدأ الحركة التجارية في الأسواق منذ اللحظة التي يضع الزبائن أقدامهم فيها بالباب الذي يحرس المدينة القديمة، والذي تمتد على جنباته الأسوار الحصينة التي بُنيت إبان الحكم العثماني للمدينة في القرن العاشر الهجري. وتشهد الأسواق القديمة ازدحاما كبيرا يعول عليه التجار في تحقيق مكاسبهم، لتعويض الخسائر التي لحقت بهم طوال العام. يقول العصار، “نترقب شهر رمضان، فبالإضافة إلى كونه محطة روحية، فهو كريم في حركة البيع والشراء، وفيه نجني أرباحا، فالسوق تعد قبلة لأغلب سكان المدينة”. بالقرب من متجر العصار توزعت محال بيع البهارات بأنواعها، والأخيرة تجد رواجا واسعا في رمضان، حيث لا تخلو أي مائدة إفطار رمضانية من البهارات القادم أغلبها من الهند. وتعكس ألوان الأصناف، التي يعرضها التجار، جمال المدينة التاريخية؛ فسكان المدينة يفضلون شراء المواد الغذائية والبهارات من الأسواق التاريخية، و”سوق باب موسى” إحداها. تعود تسمية الباب، الذي ظل يمارس وظيفته التاريخية في حراسة المدينة منذ أكثر من خمسة قرون، إلى الشيخ موسى بن أحمد، وهو رجل دين كان يتمتع بكرامات من بينها مداواة المرضى، وفق مراجع تاريخية. ولا تزال الشواهد التاريخية باقية في الأسوار الذي تحتضنه، وعلى جنباته تراصّت الدكاكين الصغيرة التي بنيت في ذلك العصر، وهي تبيع المنتوجات اليدوية والتحف والأجبان المحلية والمواد الغذائية. وحسب مدير وزارة الثقافة في تعز عبدالخالق سيف فإن باب موسى، شهد توسعة إبان العهد العثماني، ليتحول إلى معلم تاريخي بالمدينة، ومحطة تجارية للقادمين من القرى والمناطق الغربية للمدينة. ويضيف سيف، نقلا عن مجلد يحكي تاريخ المدينة للمؤرخ اليمني محمد المجاهد، قوله إن “باب موسى لم يكن سوى بابا صغيرا ثم يليه ممر ضيق وملتو حتى قام بتوسيعه الوالي العثماني محمود باشا سنة 869 للهجرة”. وبقدر ما توفر السوق كل ما يحتاجه مرتادوها، فإنها تمثل لهم أيضا وجهة سياحية وروحية، تنقلهم من أجواء الحرب والقصف اليومي إلى أجواء الحياة والترفيه؛ فالمشاهد التراثية والتاريخية لا تزال حاضرة. ارتفاع أسعار المواد الغذائية وحصار الحوثيين قتلا فرحة اليمنيين في تعز بقدوم شهر الصيام يقول سليمان الوهيبي، أحد سكان المدينة، إن سوق باب موسى تمثل وجهته المفضلة للتسوق في رمضان، منذ أن كان صغيرا. ويضيف الرجل الأربعيني، “لا أتخيل رمضان دون التسوق من باب موسى، أو سوق الباب الكبير أو الشنيني، فربما هذه العادة هي المتبقية لنا منذ الصغر، حيث كانت تلك الأسواق وجهة آبائنا ونحن نرافقهم أطفالا”. وفي الوقت الذي ازدحمت فيه الحركة بالسوق، يشير الوهيبي إلى دكان يبيع الأدوات المنزلية القديمة، ويقول “هذه مشاهد ترتبط بالتاريخ وبالحياة الجميلة”. ارتفاع أسعار المواد الغذائية وحصار الحوثيين قتلا فرحة اليمنيين في تعز بقدوم شهر الصيام، ولم تستثن الظروف الصعبة الأطفال حيث لم يستقبلوا رمضان بنفس فرحتهم التي اعتادوا عليها في السنوات الماضية. ورغم الحركة التجارية، التي تشهدها أسواق المدينة القديمة، منذ مطلع الأسبوع الجاري، إلا أنها تظل متراجعة عما كانت الحال عليه قبل اندلاع الحرب في تعز، مطلع العام 2015 بين الحوثيين، والقوات الحكومية. ولم تكن الأسواق بمنأى عن الحرب، فخلال شهر رمضان الماضي قصف مسلحو الحوثي، بالمدفعية الثقيلة سوق باب موسى، وسقط جرحى، ما دفع بعض السكان إلى العزوف عن التسوق. كما أدى تدهور الوضع الاقتصادي جراء توقف صرف الرواتب لأكثر من 19 شهرا وارتفاع الأسعار بنسبة مئة بالمئة في بعض المواد الأساسية مقارنة بالسنة الماضية، إلى تدهور القدرة الشرائية لدى سكان المدينة. ويؤكد التجار أنهم ليسوا هم الذين يتلاعبون بالأسعار، وإنما الحصار الحوثي المستمر، وانخفاض الريال اليمني أمام الدولار الأميركي هو الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بهذه الشكل. وعن تردي الوضع في أسواق تعز يقول أكرم مسعد صاحب أحد متاجر بيع المواد الغذائية إنه حرص طوال الشهر الماضي على توفير مختلف ا البضائع وتنسيقها استقبالا للشهر الفضيل، إلا أنه لم يرتد متجره إلا القليل من الزبائن. ويتذكر بحسرة، “إن الحال تغيرت، حيث كان من الصعب المرور بين المتسوقين من شدة الزحام”، مضيفا، “اليوم ستمضي في السوق بسهولة، وهذا مؤشر على ضعف الحركة التجارية، لكننا أفضل حالا من غيرنا في بقية الأسواق”.

مشاركة :