كتب المحلل السياسي فياتشيسلاف كوستيكوف مقالا نشرته صحيفة "أرغومينتي أي فاكتي" عن الهستيريا السياسية والإعلامية، التي يشتد أوارها حول دونالد ترامب في الولايات المتحدة. كتب كوستيكوف: www.culture.ru فياتشسلاف كوستيكوف لا تنوي النخبة، التي تشكلت في عهد بيل كلينتون وولايتي باراك أوباما، الاعتراف بهزيمتها وتريد أن تثأر. ففي التلفزيون والصحف تسود كلمة "العزل"، وبدأت الحملة ضد دونالد ترامب تتخذ طابعا عدوانيا، حتى أن الأمور وصلت إلى أن الصحف تومئ إلى أن مصيره سيكون كمصير جون كيندي، أي القتل. وبالطبع، فإن ترامب جاء إلى البيت الأبيض بموجب الدستور وإرادة الناخبين. ولكن لماذا تحاربه نخبة المجتمع الأمريكي؟ يبدو أن "أمريكا أخرى" صوتت لمصلحته – أمريكا المنسية من جانب واشنطن الغنية ونخبة نيويورك. لقد راهنت الإدارة السابقة على طبقات المدن والمتعلمين ونخب المجتمع بمن فيهم الفنانون والاعلاميون، حيث إن هؤلاء بالذات نظموا الحملة العالمية لمنح أوباما جائزة نوبل للسلام، وقد نجحوا في ذلك. لقد انخفضت شعبية أوباما عام 2014 من 51 في المئة إلى 33 في المئة، ويعدُّه الأمريكيون أسوا رئيس منذ الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، تستمر الصحافة الأمريكية في مدح فريق أوباما – كلينتون، وتعدُّه فريقا مثقفا مدافعا عن حقوق الإنسان والبيئة. لقد انتصر ترامب من دون دعم سياسي وإعلامي من جانب النخبة الأمريكية. كما أنه أنفق من أمواله الشخصية على حملته الانتخابية. وفوز ترامب لا يعني انتصار المال، بقدر ما يعني أنه كان نتيجة إصغائه إلى مشكلات العمق الأمريكي المهمل وطرحها في حملته الانتخابية. والمقصود هنا نقل الطاقات الإنتاجية إلى خارج البلاد، وخلل الميزان التجاري مع الصين وديون أمريكا وغيرها، وتعهده بإعادة العظمة إلى أمريكا. لقد تبين أن هذا الانتصار لم يكن متوقعا من الجانب المنافس فقط، بل وكان خطرا على المنتصر. إن ما يعقد وضع ترامب عدد من الأمور، التي سوف يستغلها خصومه الداعين إلى عزله. وليس لترامب عمليا خبرة سياسية، ولم يشغل يوما ما منصبا سياسيا، لكنه رجل أعمال ناجح، لذلك فإن موقفه ضعيف حتى داخل الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه، وهذا أدى إلى ارتفاع نسبة المؤيدين لعزله إلى 43 في المئة. ولم تعد تنفعه خصاله الإنسانية الجيدة ونزاهته وإخلاصه، في حين يضر به غروره المتزايد. فبعد أن قرر الترشح للانتخابات الرئاسية، قال: "سأكون أعظم رئيس خلقه الله" و"سأكون بوصلة أخلاقية لشباب أمريكا". وبغض النظر عن هذه الدرر وطاقته الكبيرة، فإنه يستطيع فعلا أن يكون رئيسا قويا وذا مبادرة في أمريكا والعالم... إذا لم يوقعه خصومه في حبائلهم بسبب أخطائه. وإن برنامج ترامب طموح ومخيف في آن معا فإضافة إلى "جعل أمريكا عظيمة من جديد" ينوي منافسة الصين بقوة، واعادة النظر في الشراكة عبر المحيطين الهادئ والأطلسي، ويريد التدخل في النظام الأمني للشرق الأوسط وأوروبا. فبعد جولته في الشرق الأوسط وأوروبا وقعت فضائح مختلفة بسبب مطالبته بزيادة النفقات العسكرية، وبأن على ألمانيا سداد ديونها لأمريكا عن الناتو؛ ما أثار اضطرابات في العقول الأوروبية واستياء ساسة ألمانيا. ويحاول خصومه في الولايات المتحدة والآن في أوروبا تقديمه على أنه "شخص سيئ" جاء من المجهول ولم يألف قوانين التحضر. ويتهمونه بعدم ضبط النفس ويشكون من العجز عن التنبؤ بسلوكه وعدم الاستقرار النفسي. لقد انتَخب أكثر بقليل من نصف الشعب الأمريكي ترامب، وإن محاولة عزله ستعمق الانشقاق الحاصل في المجتمع الأمريكي. ويقول الخبراء إن عزل ترامب سيؤدي إلى انهيار الأسواق بنسبة 5-10 في المئة. وهناك من يقول: "لن يبقى في أسواق المال حجر على حجر". ويضاف إلى هذا كون عملية عزل الرئيس في الولايات المتحدة معقدة جدا، وتحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الذي يشكل الجمهوريون غالبيته. ترجمة وإعداد: كامل توما
مشاركة :