رئيس برلمان كردستان: الاستفتاء بمثابة بيعة لبارزاني وليس لاستقلال الإقليم

  • 6/16/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكد في حوار لـ«المجلة» أن المؤسسة التشريعية كانت ضحية «كرسي الرئاسة» رئيس برلمان كوردستان يوسف محمد* لإقليم كردستان طريقان فقط للانفصال عن العراق؛ إما الحوار مع بغداد وأن ينتج عن الحوار استفتاء، وإما الحوار مع المجتمع الدولي على أقل تقدير. * بارزاني يبرر ضرورة الاستفتاء بأنه حق الشعب الكردستاني في التعبير عن رأيه، وفي الوقت نفسه يعطل عمل البرلمان المنتخب (صوت الشعب)، أليست مفارقة؟! * حال الإقليم بعد القضاء على «داعش» لن يكون أفضل، خاصة ما يتصل بعلاقة الإقليم بالمركز. السليمانية: روشن قاسم وصف يوسف محمد رئيس برلمان كردستان، قرار إجراء استفتاء على استقلال كردستان، الذي من المقرر أن يجرى في 25 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، بأنه «قرار غير دستوري حسب دستور العراق، وليس قانونياً حسب القوانين في إقليم كردستان»، معبراً عن اعتقاده بأن «رئيس إقليم كردستان سيستغل قضية الاستفتاء ويجعلها بمثابة بيعة له من قبل مواطني الإقليم وليس لاستقلال الإقليم كما يدعي». فيما كشف في حوار لـ«المجلة» معه من السليمانية – حيث يقوم بمهامه كرئيس للبرلمان بدلا من أربيل عاصمة إقليم كردستان – تفاصيل الأزمة السياسية التي استفحلت لتصل إلى التضحية بالمؤسسة الشرعية في الإقليم وتعطيل البرلمان وإفشال الحكومة. وفيما يلي نص الحوار…* تم تحديد موعد استفتاء إقليم كردستان في 25 سبتمبر من العام الحالي، إلى أي مدى يعتبر القرار قانونياً في ظل تعطيل المؤسسة التشريعية ورئيس تعتبرون ولايته منتهية؟ – القرار اتخذ خلال اجتماع للأحزاب السياسية في الإقليم وبدعوة من مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي مقر بارزاني، بالتالي القرار ليس دستورياً، حسب دستور العراق، وليس قانونيا، حسب القوانين في إقليم كردستان. وللإقليم طريقان للانفصال عن العراق؛ إما عن طريق الحوار مع بغداد وأن ينتج عن الحوار إجراء الاستفتاء، وإما أن يكون هناك حوار مع المجتمع الدولي على أقل تقدير، وأن يفضي إلى استفتاء المواطنين في إقليم كردستان لتحديد مصيرهم، وأن تقوم الحكومة العراقية بموجبه بإجراء الاستفتاء كما حدث في اسكوتلندا، حيث تم إجراء هذا الاستفتاء وفق الاتفاقية التي وقعتها كل من الحكومة الاسكوتلندية والحكومة المركزية واختار الشعب الاسكوتلندي البقاء في الاتحاد ورفضوا فيه استقلال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة، إذن الطريق الأولى هي طريق الحوار مع بغداد، أما الطريق الثانية فهي الانفصال من جانب واحد من العراق، في هذه الحالة يجب أن تقوم المؤسسات الرسمية وخاصة التشريعية في إقليم كردستان بذلك، فبحسب القوانين الموجودة في إقليم كردستان وخاصة قرار رقم واحد لعام 2005 فإن برلمان كردستان هو المرجع الأعلى لاتخاذ القرارات المصيرية بالنسبة لشعب كردستان.* قانونياً ماذا سيترتب على هذا القرار من قبل البرلمان؟ – إن إجراء أي استفتاء دون أن يتم إصدار قانون من برلمان كردستان حول تحديد موعد الاستفتاء وآلية إجرائه، لن يكون رسميا ولن يختلف عملياً عن استفتاء استقلال كردستان في يناير (كانون الثاني) 2005 الذي أجرته حركة الاستفتاء الكردستانية إلى جانب الانتخابات البرلمانية العراقية وانتخابات كردستان العراق لعام 2005، الاستفتاء كان غير رسمي طالب فيه شعب كردستان إذا كانوا يفضلون البقاء جزءًا من العراق أو يفضلون كردستان مستقلة. وكانت النتيجة أغلبية ساحقة من 98.8 في المائة لصالح كردستان المستقلة، وسيكون الاستفتاء القادم الذي حدده «الديمقراطي الكردستاني» مصيره كالاستفتاء الذي أجري في 2005. والقرار اتخذ في اجتماع حزبي وليس اجتماعا رسميا للمؤسسات الرسمية في إقليم كردستان، إذن لا تترتب عليه أي آثار قانونية.* و ماذا عن دور البرلمان بخصوص هذه القضية؟ – نحن بدورنا أرسلنا كتابا إلى المفوضية المستقلة العليا للانتخابات، طلبنا التحضير لإجراء الانتخابات العامة في إقليم كردستان (البرلمانية والرئاسية) وأن يقوموا بالتحضيرات الأولية للاستفتاء في نفس توقيت إجراء الانتخابات بعد أن يتم إصدار قانون من قبل البرلمان يوضح خلاله آلية إجراء هذا الاستفتاء. وإذا كانت المفوضية قادرة على إجراء الاستفتاء والحكومة قادرة على توفير ميزانية للاستفتاء فالأولى أن يتم إجراء الانتخابات العامة في الإقليم (البرلمان والرئاسة) كونه استحقاقا لمواطني الإقليم، لا أن تؤجل الانتخابات ويدخل الإقليم في فراغ دستوري حيث برلمان معطل وحكومة تصريف أعمال ورئيس منتهي الولاية.* هل تتوقعون تأجيل الانتخابات؟ – لحد الآن لم يتم تحديد موعد للانتخابات، وأصل إثارة موضوع الاستفتاء هو أن مسعود بارزاني يريد أن يستخدم الاستفتاء كسلاح للبقاء في السلطة. وهنالك مخاوف من قبل مواطني الإقليم من أن يتم تأجيل انتخابات رئاسة وبرلمان الإقليم بعد الاستفتاء بداعي أن بارزاني وقتها سيعتبر الاستفتاء بمثابة تفويض له من قبل مواطني الإقليم، وهو كان أساس المشكلة في تعديل قانون رئاسة الإقليم والتي على أثرها اتخذ «الديمقراطي الكردستاني» قرار تعطيل البرلمان لأننا نؤيد أن يدار الإقليم وفق نظام برلماني، وبالتالي سينتخب رئيس الإقليم في البرلمان، وأن يمدد له في البرلمان، رغم أنه – قانونيا – استوفى دوراته في رئاسة الإقليم إلا أن بارزاني مصرٌ على أن ينتخب مجددا من قبل شعب كردستان ويريد أن يحول الاستفتاء إلى بيعة لرئاسته الإقليم. وهم الآن – عملياً – يقولون إن الاستفتاء ليس للاستقلال وإنه بعد الاستفتاء يتم الحوار مع الحكومة العراقية، وهذا ما أفصح عنه وبشكل واضح هوشيار زيباري القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بأن الاستفتاء لا يعني الاستقلال؛ إذ إن الاستفتاء بمثابة بيعة لبارزاني وليس لاستقلال الإقليم.* هل ما زلت ممنوعاً من دخول أربيل وبالتالي من دخول مبنى البرلمان؟ – أنا ممنوع من دخول أربيل منذ 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2015، حيث منعتني قوة خاصة تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني في إحدى السيطرات من دخول مدينة أربيل، في محاولة منهم للانقلاب على الشرعية؛ وذلك بعد جلسة 23 يونيو (حزيران) 2015، حيث شرع برلمان كردستان بمناقشة تعديل قانون رئاسة الإقليم الذي نص على انتهاء ولاية مسعود بارزاني في 19 أغسطس، وكان البرلمان أبرز ضحاياها، فلو لم نعقد جلسة 23 يونيو لكان هذا بالذات خرقا للنظام الداخلي، لأنه وفقاً للنظام الداخلي يحق للعدد القانوني من أعضاء البرلمان تقديم أي مشروع قانون. وفي الوقت نفسه منحنا الأطراف السياسية وقتاً للحوار والتفاوض، وحتى بعد القراءة الأولی لمشروع القانون كانت هناك فترة شهرين للحوار، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يكن مستعداً للاتفاق مع الأطراف السياسية الأخرى حول آلية انتخاب رئيس جديد لإقليم كردستان لا داخل البرلمان ولا خارجه. ونستطيع أن نقارن بين عملية تمديد ولاية السید مسعود بارزاني في عام 2013 والتي جرت في برلمان كردستان وكانت عملية غير قانونية؛ خلال يوم واحد تم جمع التوقيعات وقراءة المشروع والمصادقة عليه كل ذلك في يوم واحد. لكن مشروع قانون التعديل الرابع قانون رئاسة إقليم كردستان استغرق أكثر من شهرين. لذا كانت هناك فرصة جيدة للحوار والتفاوض كما تم الالتزام بالنظام الداخلي، وأنا لست ملزماً بتعطيل جلسة البرلمان بناء على طلب شخص أو طرف من الخارج، لا يجوز أن يقوم حزب معين بتعطيل البرلمان بسبب صدور قانون لا يخدمه أو لا يتوافق مع مصالحه.رئيس إقليم كوردستان مسعود بارزاني* هل بالفعل عدم وجود دستور للإقليم لحد الآن هو السبب في مشكلة الصلاحيات بين السلطات في الإقليم؟ أليست هناك قوانين تنظم الصلاحيات بين السلطات ومؤسسات الاقليم؟ – موضوع دستور الإقليم ليس بالعائق، ومثال على ذلك دستور المملكة المتحدة فهو مجموعة من القوانين والمبادئ التي تخضع لها المملكة المتحدة، كما الإقليم، ومن المعروف أن بريطانيا هي بلد ديمقراطي لا يملك دستوراً مكتوباً، فالدستور الإنجليزي غير مدون، أي أن أحكام هذا الدستور غير مضمنة في وثيقة واحدة أسوة بالدستور الفرنسي أو الأميركي أو غيرهما من الدساتير، وصحيح لحد الآن الإقليم ليس لديه دستور ولكن هناك قوانين دستورية، أو قوانين بطابع دستوري، مثلا لدينا قانون لانتخاب برلمان كردستان وينظم عمل البرلمان ولدينا قانون لرئاسة الإقليم ينظم عمل رئيس الإقليم وصلاحياته ولدينا قانون خاص بالمجلس القضائي ينظم الصلاحيات ومهام مجلس القضاء.* ولكن كان هناك مشروع دستور إقليم كردستان، أليس كذلك؟ – نعم كان هناك مشروع دستور لإقليم كردستان وتم تشكيل لجنة لإعادة صياغته حتى يتم إعداده لإجراء الاستفتاء عليه من قبل مواطني الإقليم، ولكن تعطيل عمل البرلمان أدى إلى تعطيل عمل اللجنة أيضا. هناك قوانين، لكن المشكلة أن هناك نفوذاً لبعض الأحزاب السياسية وخاصة «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» في القوات المسلحة في إقليم كردستان سواء قوات البيشمركة أو القوات الأمنية، فتم استخدامهما مرات عدة لفض الصراعات السياسية في الإقليم، «الاتحاد الوطني» لم يستخدم القوة لفرض رأيه على أحد في إقليم كردستان، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني يستخدم القوة لفرض رأيه.* يلاحظ أنك نشط دبلوماسياً، كيف ترى المؤسسات التشريعية، خاصة الأوربية، والتي تدعم حكومة الإقليم فيما يخص حربها ضد «داعش» بمختلف أنواع الدعم؟ – أقوم بزيارات دبلوماسية إلى البرلمانات الأوربية، ينظر المجتمع الدولي خاصة البرلمانات في الدول الديمقراطية بقلق شديد من تعطيل عمل البرلمان في إقليم كردستان، والذي يدل على تراجع خطير في العملية الديمقراطية في الإقليم ليس فقط لتراجع الديمقراطية في إقليم كردستان، بل ومبادئ حقوق الإنسان أيضا. كل هذا يعتبر رسائل ضد مستقبل الإقليم بالتأكيد.رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري خلال لقائه رئيس برلمان اقليم كردستان يوسف محمد* هل يعقل أن يكون البرلمان ضحية الصراعات السياسية؟ – البرلمان كان ضحية لكرسي الرئاسة في إقليم كردستان مع الأسف الشديد، بسبب تعنت بارزاني بالتمسك بكرسي الرئاسة وعدم رغبته في ترك المنصب رغم انتهاء ولايته ورغم انتهاء التمديد الذي منح له، كل ذلك أدى إلى أن لا يكون هناك الآن رئيس شرعي في إقيلم كردستان، وهو عطل عمل البرلمان لكي لا يتم تعديل قانون رئاسة الإقليم بالكيفية التي تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد من قبل برلمان كردستان، لأن المفوضية المستقلة العليا للانتخابات آنذاك اعتذرت عن القيام بإجراء انتخابات الرئاسة بسبب الأزمة المالية، فكان هناك أربع مشاريع قوانين، من خمس كتل برلمانية تمثل الأغلبية داخل البرلمان، لتعديل قانون رئاسة الإقليم.* بارزاني يعتبر الاستفتاء حقاً لشعب إقليم كردستان في تقرير مصيره… – هناك مفارقة كبيرة، ففي الوقت الذي يدعي فيه بارزاني وهو يتحدث عن حق الشعب الكردستاني في التعبير عن رأيه، يعطل عمل ممثلي الشعب الكردستاني الذين تم انتخابهم واختيارهم من قلبل شعب كردستان، فهو يمنع صوت شعب كردستان. في النهاية البرلمان صوت المواطن.* الحرب على «داعش» شارفت على الانتهاء… كيف ترى مستقبل الإقليم بعد «داعش»؟ – بنظرنا ستكون هناك مشكلات كبيرة بعد «داعش»، خاصة ما يتصل بالعلاقة بين الإقليم وبغداد، الآن هناك تحشيدات وهناك صراعات قد تصل للصراعات المسلحة في المناطق المتنازع عليها من طرف القوات العراقية والحشد الشعبي، ومن طرف آخر قوات البشمركة، فمثلا يمكن أن يكون تحرير الحويجة بداية لصراع مرير في كركوك حول وجود القوات العراقية والحشد الشعبي وقوات البيشمركة، وليس فقط على مستوى العلاقة مع الحكومة المركزية ولكن على المستوى الإقليمي. هناك أيضا عين على النفط والغاز في المناطق المتنازع عليها، فليس من المصادفة أن يستقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رئيس إقليم كردستان المنتهية ولايته مسعود بارزاني ويتفقا على تصدير نفط وغاز كركوك من جانب تركيا، وفي نفس التوقيت وزير الطاقة الإيرانية في بغداد يبرم اتفاقية مع السلطات العراقية لإنشاء أنبوب نفط من كركوك إلى إيران، إذن نحن مقبلون على صراعات داخلية بين المركز والإقليم وكذلك صراعات إقليمية، ناهيكم بالصراعات في البيت الكردي والذي لن يجعل الإقليم قادراً على مواجهة كل تلك التحديات.

مشاركة :