غداة تعهد الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو إعادة الهدوء إلى شرق بلاده خلال أسبوع، بدأت في كييف مفاوضات بين السفير الروسي زورابوف الذي عاد إلى العاصمة الأوكرانية بعد استدعائه إلى موسكو منذ أشهر، والسفير الأوكراني في ألمانيا بافلو كليمكين وممثلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هيدي تاغلياني، لبحث إنهاء حركة التمرد الدموية الموالية لروسيا في الشرق. كما استهلت في بروكسيل محادثات لمنع توقف شحنات الغاز الروسي الذي يخشاه الأوروبيون. وأعلن بوروشينكو أن مفاوضات كييف التي تعتبر الأولى منذ سقوط سلفه الموالي لروسـيا فيكتور يانوكوفيتش في نهاية شباط (فبراير) الماضي وسط حمام دم، ومنذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم في آذار (مارس) الماضي، ستجري يومياً حتى التوصل إلى حل للأزمة. وقال: «من غير المقبول أن يموت الناس يومياً، وتدفع أوكرانيا هذا الثمن الباهظ. ولتحقيق ذلك يجب استعادة حدود البلاد لضمان سلامة كل مواطن». ويبدو أن الرئيس الأوكراني يريد تهدئة سريعة في العلاقات مع موسكو، بعد أيام قليلة على لقائه القصير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فرنسا، ما أحيا الأمل بحلحلة الوضع. وهو وعد في خطاب تنصيبه السبت الماضي بعدم التخلي عن سكان الشرق، لكنه أبدى تشدداً حيال التوجه الأوروبي لأوكرانيا، وانتماء القرم إليها. وكان الرئيس الروسي الذي اعتبر السلطات الانتقالية الموالية للغرب في كييف غير شرعية ولم يعترف رسمياً بانتخاب بترو بوروشنكو، وصف مقاربة الرئيس الأوكراني بأنها «صحيحة». وأكد أن اتفاقاً بات «قريب المنال» في شأن النزاع حول الغاز بين البلدين. ورجح مصدر في موسكو أن يكون لقاء بروكسيل حول الغاز الذي يجمع المفوض الأوروبي المكلف شؤون الطاقة غونتر اويتنغر ووزيراً الطاقة الروسي والأوكراني ورئيسا شركتي «غازبروم» الروسية و»نفتوغاز» الأوكرانية «النهائي»، متوقعاً تسديد «نفتوغاز» التي حوّلت قبل أسبوع 786 مليون دولار من ثمن الغاز، بليون دولار إضافية، والتزامها في الأيام المقبلة جدولاً زمنياً لتسديد باقي الديون. كما يتوقع المحللون أن تتراجع «غازبروم» عن سعر 485 دولاراً لكل ألف متر مكعب الذي حددته روسيا بعد تسلم حكومة أوكرانية موالية للغرب السلطة في نهاية شباط، وتمنح أوكرانيا حسومات. وملف الطاقة يسمم العلاقات بين موسكو والاتحاد الأوروبي الذي حصل من بلغاريا على قرار بوقف أشغال بناء أنبوب غاز «ساوث ستريم» الذي تدعمه روسيا لنقل الغاز إلى أوروبا عبر الالتفاف على أوكرانيا بدءاً من نهاية 2015. إلى ذلك، أطلقت السلطات الأوكرانية الصحافيين الروسيين أندريه سوشنكوف وأنطون ماليشيف اللذين يعملان في شبكة «زفيزدا» التلفزيونية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، بعدما اعتقلا عند مدخل بلدة سلافيانسك (شرق) الجمعة الماضي للاشتباه في تنفيذهما مهمة جمع معلومات. ويسود التوتر العلاقات مع الصحافيين سواء من جانب الانفصاليين الذي هاجموا مرات صحافيين غربيين، أو من جانب القوات الأوكرانية التي اعتقلت مرات صحافيين روساً. على صعيد آخر، صرح فلاديمير تيتوف، نائب وزير الخارجية بأن «أي نشر إضافي لقوات الحلف الأطلسي (ناتو) قرب حدود روسيا سيدل على نيات عدائية، ويحتم اتخاذ موسكو إجراءات سياسية وعسكرية لضمان أمنها». جاء ذلك بعد عرض الرئيس الأميركي باراك أوباما مزيداً من الدعم العسكري لدول شرق أوروبا الأعضاء في الحلف الأطلسي، لتهدئة مخاوفهم من روسيا التي يتهمها الغرب بأنها تؤجج أزمة أوكرانيا. وخلال كلمة ألقاها في بولندا الأسبوع الماضي، كشف أوباما خططاً لإنفاق بليون دولار لدعم قوات دول الحلف المجاورة لروسيا وتدريبها. وأعلن البيت الأبيض أنه سيراجع مسألة نشر قوات في شكل دائم في أوروبا في ظل أزمة أوكرانيا، لكنه لم يصل إلى حد التزام إرسال الجنود كما تريد بولندا كضمانة أمنية.
مشاركة :