هذا هو عنوان الندوة العلمية التي نظمها قسم اللغة العربية في جامعة القصيم يوم الأربعاء 14 شعبان 1438هـ، وتحدث فيها أربعة من أساتذة الجامعات: الأستاذ الدكتور إبراهيم بن صالح الحندود، أستاذ النحو والصرف في جامعة القصيم، وتحدث عن «أخلاقيات التحكيم العلمي»، والأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن حسن العارف، أستاذ اللغويات في جامعة أم القرى، وتحدث عن «واقع التحكيم العلمي»، والأستاذ الدكتور إبراهيم بن سليمان الشمسان، أستاذ النحو والصرف في جامعة الملك سعود، وتحدث عن «التحكيم العلمي: مشكلات وحلول»، والأستاذ الدكتور محمد بن سعيد الغامدي، أستاذ اللغويات في جامعة الملك عبدالعزيز، وتحدث عن «تحكيم الرسائل العلمية». وقدم الندوة وأدارها باقتدار الدكتور فريد الزامل الذي ذكر أن الندوة هي اللقاء السابع من ملتقيات القسم الدورية، وبيَّن أهمية موضوع الندوة، ثم أعطى الكلمة الافتتاحية لعميد الكلية الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم السعود الذي ارتجل كلمة، رحَّب فيها بالحضور وبالمشاركين، وشرح فيها أهمية اللقاءات العلمية في تطوير الأداء الأكاديمي وتجويد إجراءاته، وأثنى على رئيس القسم الدكتور إبراهيم اللاحم لجهوده التطويرية، ثم شكر المنتدين الذين تجشموا عناء السفر للمشاركة على الرغم من ضيق الوقت بالاختبارات والأعباء المختلفة. أخلاقيات التحكيم العلمي للحندود: بدأ الأستاذ الدكتور إبراهيم بن صالح الحندود بتعريف الأخلاق، واقتبس قول ابن القيم: «هيئة مركبة من علوم صادقة وإرادات زاكية وأعمال ظاهرة وباطنة موافقة للعدل والحكم والمصلحة وأقوال مطابقة للحق». ثم عرض المادة الثامنة والثلاثين من اللائحة المنظمة لشؤون منسوبي الجامعات السعوديين من أعضاء هيئة التدريس ومَن في حكمهم، وهي «يجب على عضو هيئة التدريس أن يتصف بالأمانة والخلق القويم، وأن يترفع عما يخل بشرف الوظيفة، وأن يلتزم بالقوانين والتعليمات». وانطلاقًا من ذلك فصّل القول في عدد من السمات الإيجابية التي ينبغي أن يتّصف بها المحكَّم، أولها (النية الصالحة). والحق أنّ هذا الأمر هو قطب الرحى؛ فالأعمال يمكن أن تكون عبادات بالنية «إنما الأعمال بالنيات»، فالمحكم متى كانت نيته صالحة صلح عمله كله؛ ولذلك فإنّ من الصفات الملازمة للنية الصالحة اتصاف المحكم بـ(الأمانة) التي تقتضي الاعتذار إن كان موضوع الحكم خارج اختصاصه، أو إن كان المحكم على غير دراية به، أو إن كان خارج دائرة اهتماماته. وهذا مثال من أمثلة (العدل) الذي ينبغي أن يتصف به المحكم، وهو توخي الحذر من الظلم والهوى الشخصي. ولا جدال أن من مقتضيات الأمانة والعدل (الإلمام بضوابط التحكيم وآلياته)، فمن غير ذلك لن يصل إلى مراده من الحكم المحوط بالنية الصالحة المشمول بالأمانة والعدل. ولن يتحقق له هذا الإلمام إلا بعد (الخبرة بالحكم) المقتضي الإحاطة بموضوع التخصص ومداومة البحث والتأمل وكثرة التجارب في ممارسة مجالات التحكيم ومناقشة الرسائل، وإجراء الاختبارات، وإجازة بحوث للنشر، وأعمال الترقيات وغيرها. ولأهمية التحكيم وخطورته كان من أهم لوازمه التزام المحكم بـ(المحافظة على الأسرار)، وأن يكون هدفه المحقق لنيته الصالحة (الوصول للحق قبولاً أو رفضًا) فهدفه بيان الحق إن قبل العمل أو رفض العمل. ولن يتحقق هذا على أكمل وجه إلا باتصاف المحكم بـ(الموضوعية والحيادية المطلقة) التي من أهم شروطها (الدقة والتأني وعدم الاستعجال) ثم (الرفق والبعد عن العنف اللفظي والتأدب في اللفظ والابتعاد عن التجريح). وكذلك (عدم قبول الرشوة أو الهدايا).. ولا غرو (فالمحكم بمنزلة القاضي). ومن سمات هذه الموضوعية (أن تكون قرارات المحكم قابلة للقياس والملاحظة) أي واضحة يمكن تبينها في العمل؛ فلا تكون بلفظ عام لا يسهل معرفة مدى صدقه على العمل. ومن الأمور المعينة على ذلك (ألا يكون في نفس المحكم شيء من الحسد)، ولا شك أنّ الحسد معاند للنية الصالحة. كما أن على المحكم (عدم الاستجابة للمؤثرات الخارجية) وأن يزاول حكمه (بعيدًا عن مؤثرات ضاغطة أو نزوع للهوى). ولعل من كمال ما تتحقق به النية الصالحة والموضوعية في الحكم (مراعاة الحالة النفسية للمحكم كالمرض أو الغضب أو الملل)، فإن كان في حالة من تلك الأحوال (فعلى المحكم أن يتوقف حينها عن الحكم). هذه محاولة للإشارة إلى أبرز جوانب أخلاقيات التحكيم التي سمعتها من أستاذنا الدكتور إبراهيم الحندود، ولمن أراد أن يسمعها غضة بصوته وصورته أن يرجع إليها بهذا الرابط.
مشاركة :