الحرب على الإرهاب تنتج تصادما بين الحكومات والشبكات الاجتماعية

  • 6/17/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الحرب على الإرهاب تنتج تصادما بين الحكومات والشبكات الاجتماعيةمع وقوع حادثة إرهابية جديدة، تتجه أصابع الاتهام إلى مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها شريكا في تلك الجريمة. وتتهم حكومات أوروبية الشبكات الاجتماعية بالتقاعس في دحر تحركات الإرهابيين على الإنترنت والسماح لهم بتنسيق عمليات وتجنيد العشرات لارتكاب جرائم، داعية إلى فرض عقوبات وغرامات عليهم. ويخشى مراقبون من تأثير القوانين والعقوبات المقترحة على حرية الرأي وتحويلها إلى وسيلة قمع.العرب محمود زكي [نُشر في 2017/06/17، العدد: 10666، ص(18)]واتساب كان المسؤول لندن - تواجه مواقع التواصل الاجتماعي حربا شرسة بسبب اتهامات بلعب دور محوري في تعزيز عمل الإرهابيين ونشر الخطاب المتطرف والمتشدد بين التنظيمات الإرهابية وخلاياها النائمة في أنحاء العالم. وألقت السلطات البريطانية والفرنسية مؤخرا غضبها على الشبكات الاجتماعية بعد ارتفاع وتيرة الأعمال الإرهابية في أوروبا مع تكرر عامل استخدام الإنترنت في أغلب العمليات، مما دعا الحكومة البريطانية والفرنسية إلى تهديد بفرض غرامات مالية كبيرة بسبب فشل الشبكات الاجتماعية في حذف المشاركات المتطرفة. وقالت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي هذا الأسبوع من فرنسا “أستطيع أن أعلن اليوم أن بريطانيا وفرنسا ستعملان معاً من أجل تشجيع الشركات على بذل المزيد من الجهد وتحمل مسؤوليتها الاجتماعية لحذف المحتوى الضار من شبكاتها، بما في ذلك بحث احتمال وضع مسؤولية قانونية على الشركات التكنولوجية إذا ما فشلت في حذف المحتوى غير المقبول”. وكشفت تحقيقات بريطانية وفرنسية عن حالات عدة استخدمت فيها الإنترنت قبل وأثناء ارتكاب عمليات إرهابية، ولعل أبرزها استخدام خالد مسعود منفذ هجوم ويستمنستر في مارس الماضي حسابه على واتساب قبل ساعة من دهس مارة بالقرب من البرلمان البريطاني، بالإضافة إلى استخدام مرتكبي هجمات باريس في عام 2016 والتي راح ضحيتها نحو 130 شخصا تطبيقات للتواصل أثناء الهجوم. ومنذ إعلان تنظيم داعش “الخلافة” في أبريل عام 2014 بعد سيطرته على أراض بالعراق وسوريا، نجح في إقامة إمبراطورية إعلامية متوسعة الأركان على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. كما استخدم أعضاء تنظيم داعش مواقع فيسبوك وتويتر وتليغرام كوسيلة لنشر أخبار التنظيم واستراتيجيته الفكرية المتطرفة بهدف إذاعة مقاطع وصور وتقارير تثير الرعب والصدمة، وتجذب المزيد من المتطرفين حول العالم إلى صفوفه.يوتيوب دعا مستخدمي الموقع للمشاركة في مشروع جديد يهدف إلى إعداد جيل من المستخدمين تكون له صلاحيات أوسع في الإبلاغ ووقف حسابات ومقاطع مصورة مشكوك فيها واستخدم داعش مواقع أخرى أبرزها واتساب وفايبر كوسيلتي اتصال مباشرة بين أعضائه من أجل إعداد وتنظيم عمليات إرهابية في دول عدة. ويأتي القرار الفرنسي البريطاني بعد تعرض كلتا الدولتين لهجمات إرهابية متعاقبة، كان آخرها هجوما لندن ومانشستر، في شهر مايو الماضي، اللذان راح ضحيتهما نحو 30 شخصا. ورغم اتفاق غالبية صناع القرار والخبراء على ضرورة تقويض تحركات الإرهابيين على الإنترنت وحصر المعركة في الأماكن الميدانية الذين سيسيطرون عليها، يخشى البعض من خطورة تقنين تبادل المعلومات على الإنترنت على حرية التعبير. ويقول الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون الإرهاب أوليفر روي إنه “قبل الاتفاق حول وضع قواعد جديدة لدحر العمل المتطرف يجب أولا الكشف عن آلية تنفيذها ووضع قوانين متوازية تحمي حرية تداول المعلومات والتعبير عن الآراء الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي”. ويخشى مراقبون من استخدام القوانين المقترحة كوسيلة دكتاتورية جديدة لقمع الأصوات وحملات المعارضة الإلكترونية وكذلك اختراق خصوصية الأفراد بداعي محاربة الإرهاب على الإنترنت، متسائلين عن كيفية معرفة الفرق بين حساب يمتلكه متطرف وحساب آخر يعبر عن رأي لا يعجب البعض. وقامت بريطانيا مؤخرا بتمرير “قانون صلاحيات التحقيق”، الذي يعتبر أشمل قانون مراقبة في العالم الغربي، كما وضعت عددا من التدابير الرامية لمحاربة الإرهاب، وخاصة منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 وهجمات لندن 2005. ورغم محاولات إدارات مواقع التواصل الاجتماعي المستمرة مراقبة ومحاصرة الخطاب الإرهابي باستبعاد ووقف الحسابات المتطرفة، إلا أنها ترفض أن تكشف عن استراتيجيتها في مكافحة الخطاب المتطرف.الإرهابيون لا يستخدمون الإنترنت في التواصل والتجنيد فقط، إنما يقوم التنظيم بتوجيه المهاجمين إلى أماكن الهجمات ودعمهم لوجيستيا في بعض الأحيان وكان موقع يوتيوب مؤخرا قد دعى مستخدمي الموقع للمشاركة في مشروع جديد يهدف إلى إعداد جيل من المستخدمين تكون له صلاحيات أوسع في الإبلاغ ووقف حسابات ومقاطع مصورة مشكوك فيها. وكشف أستاذ العلوم السياسية بجامعة أوسلو النرويجية توماس إيغرمار أن “المضي قدما في سياسة التضييق على وسائل التواصل الاجتماعي سيكون له ضرر على عمل الأجهزة المخابراتية والباحثين المراقبين للحسابات المتطرفة”. ويوضح أن “الخطابات المتطرفة على الإنترنت تمثل مادة هامة للمخابرات لاكتشاف البؤر الإرهابية”، مضيفا أنها “مادة دسمة للأكاديميين لتحليل الأيديولوجيا الإرهابية التي من دورها فهم ووضع آليات لمقاومة التطرف في المستقبل”. ولا يستخدم الإرهابيون الإنترنت في التواصل والتجنيد فقط، إنما يقوم التنظيم بتوجيه المهاجمين إلى أماكن الهجمات ودعمهم لوجيستيا في بعض الأحيان. وكانت حسابات تابعة لداعش قد بثت قبل وقوع عمليات في فرنسا وألمانيا وبريطانيا مقاطع لتعليم كيفية استخدام السكاكين للطعن في أماكن قاتلة وصناعة قنابل منزلية. ويقلل خبراء من أهمية فرض قوانين منظمة لعمل الشبكات الاجتماعية بهدف مقاومة التطرف، إذ أن المعلومات التي تتناقلها الحسابات المتطرفة لا تزيد عن 20 بالمئة من إجمالي النشاط الإرهابي على الإنترنت. وكشفت دراسات أن نجاح التنظيمات الإرهابية في الإبقاء على قوتها الإعلامية على الإنترنت والاستمرار في تنفيذ هجماتها الإرهابية هو بسبب استخدام “الاتصالات المشفرة Dark web” بالإنترنت. وتمثل “الاتصالات المشفرة” طبقة عميقة يصعب اختراقها أو الوصول إلى المعلومات فيها إلا عن طريق رابط يرسله مستخدم إلى آخر. وتوضح الدراسات أنه من المستحيل تتبع الخطاب لمتطرف على تلك الشبكة أو اختراق المواقع بسبب الزخم المعلوماتي.

مشاركة :