بين الحرب على الإرهاب والحرب على الإسلام | سامي سعيد حبيب

  • 1/17/2015
  • 00:00
  • 27
  • 0
  • 0
news-picture

انتشرت في العديد من المواقع الإلكترونية أصداءٌ واسعة لمليونية باريس التي انطلقت يوم الأحد الماضي وشارك فيها أربعون من قادة العالم، كما شارك فيها -في تجلٍ واضح لازدواجية المعايير- الإرهابي الأكبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لم تجف يداه بعد من دماء الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ غزة من المدنيين فيما عُرف بعملية الجرف الصامد في يوليو 2014، وعلى الرغم من الاشتباه بتورُّط الموساد الإسرائيلي، بعد ظهور الخلل في الرواية الرسمية للعملية الإرهابية، وظهور عدد من النظريات منها: أن إسرائيل ضالعة في أحداث باريس الإجرامية التي ارتُكِبَت ضد العاملين بصحيفة "تشارلي إيبدو" كدرس تُلقِّنه لفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية على تصويتها لصالح مشروع قرار إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بمجلس الأمن، وقد أثار دهشة الكثيرين في العالم ظهور صور لأشخاص على خلفية تلك المسيرة، وهم يرتدون أزياء الفرسان أيام الحروب الصليبية في القرون الوسطى، وبدا وكأن أوربا تسفر عن روح صليبية يُراد أن يعيدونها جذعة من جديد في أجواء شحن عدائية على الإسلام والمسلمين. قليل من المنصفين من قادة العالم الغربي ينظرون إلى صدام الحضارات (الحرب على العالم الإسلامي) بقدر من التجرد والموضوعية، أحد الأمثلة على ذلك رئيس وزراء فرنسا السابق "دومنيك دو فيلبان"، حيث رأى بأن ما يُسمَّى بالإرهاب "الإسلامي" هو من صنع السياسات الخارجية للدول الغربية، وقال دو فيلبان: (حان الوقت أن نتعلّم في أوروبا والولايات المتحدة من تجربة الحرب على أفغانستان، ففي عام 2001 "موعد بدء الحرب الأمريكية في أفغانستان" كان لدينا بؤرة إرهاب واحدة، أما الآن وبعد خوض عمليات عسكرية على مدار الـ13 سنة الماضية شملت أفغانستان والعراق وليبيا ومالي أصبح لدينا نحو 15 بؤرة إرهابية بسبب سياستنا المتناقضة)، كما جاء على لسانه، واعتبر دو فيلبان أن "تنظيم الدولة الإسلامية"، "وليد مشوّه ونتاج للسياسة الغربية المتغطرسة والمتقلبة". كما جاء في مقال نشره موقع مدونة واشنطن Washington.Blog بتاريخ 12 يناير 2015م تحت عنوان: (كيف نوقف الإرهاب: سبع طرق لتجفيف المستنقع) تم فيها طرح سبع طرق عملية لإيقاف الإرهاب عند حده وهي: التوقف عن دعم الغرب للأنظمة الدكتاتورية، التوقف عن دعم "الإرهابيين بالسلاح والعتاد، توقف الغرب عن الأعمال الإمبريالية في الدول العربية، التوقف عن التجسس والتنصت على العالمين العربي والإسلامي، التوقف عن التعذيب، التوقف عن اغتيال المدنيين الأبرياء بالطائرات الموجهة، والتوقف عن تغطية ما حدث حقيقة في أحداث 11 سبتمبر 2001م، وتطرح الدراسة التالي كمعالجة واقعية وآنية للبدء في وقف الإرهاب: يجب النظر للإرهابيين على أنهم مجرمين وليسوا مقاتلين، ويظهر تحليلنا بأنه ليس هناك حل عسكري ميداني للإرهاب"، وهي وجهة نظر قد نتفق مع بعضها ونختلف مع البعض الآخر، إلا أنها بمثابة جرس إنذار، فلن يستطيع العالم الغربي أن يستمر في إشعال الحرائق في العالمين العربي والإسلامي دون أن تطاله نيرانها ولو بعد حين. هذه الدراسات والنظرة الموضوعية نسبيًا للنزر اليسير من ساسة الغرب لا تُشكِّل الرأي العام الغربي وإن كانت إحدى مكوّناته التي بدأ صوتها في الظهور ولو على استحياء، فكثير من المؤشرات الأخرى تؤكد أن الغرب منساق وراء التخريب والإفساد الصهيوني في تأجيج الفتن وصراع الحضارات على العالم الإسلامي بدلاً من التعايش معه بالاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة، وأن الصدام الحقيقي بين الحضارات كما تنبَّأ به بعض منظريهم هو مسألة وقت لا غير، وأن الإنسانية ستنجرّ إلى هاوية الملاحم والفتن، فهل سنفيق على واقعنا الأليم ونبادر بالاستعداد لما هو آت. أسأل الله أن نفعل قبل فوات الأوان.

مشاركة :