نصير شمة: أراهن على إحياء الأمل والعمل لبناء العراق

  • 6/18/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إذا كان فنان الشعب الموسيقار نصير شمة المولود في مدينة الكوت عام 1963 قد أخذ أول دروسه العزف على العود من أستاذه الأول صاحب حسين الناموس، وأنهى دراسته التخصصية في معهد الدراسات الموسيقية "النغمية" في بغداد عام 1987، ليتخصص في العزف على آلة العود، وحاز سنة تخرجه على جائزة أفضل لحن للأغنية العاطفية بالعراق، وقدم حفله الأول في ملتقى الموسيقى العربية الأول في فرنسا مع نخبة من كبار فنانين العراق، لينطلق في عالم الشهرة والابداع في آن واحد، وبرغم معاناته من تسلط وهيمنة النظام العراقي السابق إلا أنه لم يتوقف عن عطائه ودعمه لشعب العراق، مستثمرا حضوره الطاغي والفاعل في المشهد الثقافي والفني عربياً وعالمياً. وكان للحرب الأميركية على العراق عام 1991 أكبر تأثير على مسيرة نصير شمة الإنسانية والفنية، فألف أشهر مقطوعاته الموسيقية (حدث في العامرية) التي أتت تعبيرا عن معاناة 800 مواطن عراقي قضوا نحبهم نتيجة قصف أميركي للملجأ في 13 فبراير/شباط 1991، حيث قضى نصير شمة في الملجأ أياما بعد القصف حتى استطاع نقل صورة الألم الذي انهي حياة المدنيين العراقيين في هذا الملجأ، الذي يفترض انه كان آمنا حتى اخترقته صاروخيا من طائرات أف 17، هذا وقد حفلت مقطوعته تلك بتكنيكات عالية تعد سبقا في تاريخ العود، وتحولت الى ما يزيد عن 30 عملا من لوحات ومسرح وباليه وأفلام تسجيلية وسينما. ودفعته الحالة الإنسانية المتردية في العراق بعد فرض الحصار عليه لكثير من الجهود الإنسانية فبدأ جولة في إيطاليا ضمن مهرجان "أنغام على ضفاف الرافدين" (مع مجموعة جسر إلي بغداد الإيطالية اليسارية) ثم الكثير من دول العالم منذ عام 1993 وما تلاه، حتى عبر عدد ما قدمه من حفلات في روما والمدن الإيطالية (تورينتو وبولونيا ونابولي)، حاجز الخمسين حفلا وخصص كل ريعها لصالح دعم وعلاج أطفال العراق. ولعل جمعيته الخيرية (طريق الزهور) التي أطلقها العام 1991، كانت خير شاهد على مبادراته الإنسانية المتنوعة، بتبني سفر الأطفال العراقيين المصابين بأمراض قلبية يصعب علاجها داخل العراق للسفر، واجراء عمليات القلب المفتوح بالتعاون مع مؤسسة ناريانا الصحية بمدينة بانغلور الهندية. وجاءت مبادرة (حملة أهلنا لدعم النازحين) وغيرها من المبادرات، للموسيقار العراقي العالمي نصير شمة، بالتعاون والدعم المباشر من رابطة المصارف العراقية الخاصة، لتحرك الساكن في هذا المجال الحيوي، وتحفز اصحاب المصارف لأخذ زمام المبادرة في سد النقص الحاصل في هذا المجال، لاسيما على صعيد التمويل والدعم لكثير من القطاعات، التي اتسعت لتشمل تكريم ورعاية أسر الشهداء، كما جرى في يوم السلام العالمي العام الماضي، حيث تم تأهيل نصب الشهيد والتبرع بريع الحفل الموسيقي الكبير، الذي أحياه شمة في المسرح الوطني بمشاركة فرقة موسيقية ضمت موسيقيين كبارا من اميركا وايطاليا والبرازيل وغيرها فضلا عن العراق. في دلالة موحية ومعبرة عن مشاركة العالم معنا، في نبذ لغة العنف والتطرف والارهاب، وتكريس لغة الحب والسلام والجمال، ناهيك عن مبادرة (ألق بغداد) الهادفة للإسهام في عودة بغداد متألقة، كما كانت عنواناً للجمال والرقي والذوق دوما، وغيرها من المبادرات التي كانت، كالعادة، تقف وراءها رابطة المصارف العراقية، وتحديدا رئيسها رجل الاعمال البارز والمصرفي الكبير وديع الحنظل، الذي يعمل بصمت وتواضع هو ومجموعة المصرفيين العراقيين لانجاز هذه المبادرات عبر توفير الرعاية والدعم المادي والمعنوي غير المسبوق وغير المألوف وبرعاية مباشرة من لدن محافظ البنك المركزي الدكتور علي اسماعيل العلاق. وبغية تسليط الضوء على هذا التوجه الاستثنائي والفريد من نوعه على مستوى فناني العراق من ذوي الشهرة والمكانة الكبيرة من العراقيين خاصة والعرب عامة وللوقوف عند المحطات والمواقف والمبادرات الإنسانية التي دأب على التزامها وتحفيز أصحاب المصارف ورجال الاعمال العراقيين والمنظمات الدولية، كمنظمة اليونسكو ومنظمة اللاعنف، مع هذا الفنان الكبي ، الذي يمثل حب الموسيقى وخدمة الإنسانية شريانين يحيا بهما ومن أجلهما منذ نعومة أظفاره، فتقديم يد المعونة للنازحين وتخفيف آلام المهجرين والمصابين منحة وهبها الله لـ(زرياب الصغير) ليستحق وبجدارة أن يكون سفيرًا للنوايا الحسنة في 2016، ثم سفيراً للسلام باليونسكو. ولكي نكشف عن روحه السمحة وخدمته للفن والإنسانية، كان لنا هذا الحوار الشامل الذي يدور للمرة الأولى مع فنان الشعب الموسيقار الكبير نصير شمة بعيدا عن الموسيقى وعوالمها: * ليس غريبا على فنان بمكانة وأهمية ومنزلة نصير شمة أن يكون قلبه على بلده ليطلق مبادرات وحملات انسانية وفنية نوعية وغير مسبوقة.. كيف ومتى تبلورت ولماذا أقدمت عليها؟ - لم يتوقف عملي من أجل العراق منذ أربعين يوما بعد وقف اطلاق النار في حرب الخليج الثانية عام 1991 الى اليوم، لكني كنت اعمل خارج العراق لفترات طويلة، وبعدما غادر الاميركان العراق وانتهى الاحتلال الرسمي، قررت العودة والعمل داخل العراق نظرا للحاجة الماسة، اذ نتيجة دوامة الصراعات ودوامة الحروب صار لدينا عدد كبير من النازحين، وعدد كبير من المهاجرين الى خارج العراق، وعدد كبير من الارامل والايتام والجرحي والمعاقين، فضلا عن الولادات المشوهة، فكان لابد من عمل داخل العراق، ويواكبه العمل خارج العراق الذي هو مستمر، عبر جمعيتي القديمة (طريق الزهور)، التي مازالت ترسل أطفالا الى الهند والتي لم تتوقف منذ العام 1991 عن عملها والحمد لله . والان دخلنا في ميدان الاغاثة الذي هو ميدان مهم جدا ويعد كله عمل طوارئ، فلذلك المبادرات يجب أن تنبع من الاحساس بالانتماء للانسانية قبل الانتماء لأي شيء آخر، والوطن عزيز وكل الاشياء الاخرى عظيمة ومهمة، لكن الانتماء للانسانية هو القيمة الاعلى. * لنتوقف إذا عند جمعية وحملة أهلنا الخيرية ما الذي تهدف له ؟ وما الذي يميزها شكلا ومضمونا عن نظيراتها عراقيا وعربيا؟ - بالنسبة لجمعية أهلنا اطلقتها كحملة وسجلت كجمعية، الهدف منها إغاثة النازحين، وأيضا احياء روح التكافل الاجتماعي بين أبناء الشعب العراقي، بعد الهوة التي بدأت تتسع بين العراقيين، واشتغال السياسة من أطراف من دول الجوار في تأجيج الصراع الطائفي داخل العراق، كان لابد من عمل شيء يشير ويشد بقوة تجاه لحمة الشعب العراقي، وتجاه التآخي والتعاون والتكافل الاجتماعي، فبدأت أعمل على أن تكون الحملة عراقية مائة بالمائة، ويكون الدعم عراقيا لعراقيين، وأيضا الحث على الرحمة، والحث على أن المواطن في الانبار والموصل والبصرة هو لا يختلف عن أي مواطن آخر من زاخو الى الكوت الى الجنوب في الفاو الى كل المدن العراقية. العمل الإنساني هو أقصر طريق لتصحيح المسار وتصحيح التشوه الذي حصل في العلاقة العراقية العراقية، وبين أبناء الشعب الواحد عندما يحصل تعاون من كل الجهات، لأجل نجدة النازحين والذهاب الى خيمهم ومساعدتهم بتغيير واقع حياتهم المرير، هو بحد ذاته يحسسهم بانتمائهم للعراق وحبهم للشعب العراقي وانتماء وحب الشعب العراقي لهم، وهذا فعلا اتى بنتائج كبيرة لأن الذين يعملون معنا في الجمعية من كل مكان، ولا نعرف حتى دياناتهم ،ولا يهمني معرفة دياناتهم، عندي فقط أن أعرف أن لديهم القدرة على العطاء والقدرة على مد يد العون، دون أن يسالوا عن الشخص المغاث من أين؟ فقط عراقي أو انسان بحاجة الى دعم. * وما الذي حققته ميدانيا وعمليا من برامج وأنشطة هنا، على الرغم من سعة وحجم المخاطر المعروفة، في ظل تصاعد الهجمات الارهابية وتعدد مراكز القرار؟ - تم تحقيق تواصل كبير مع كل المخيمات في كل مكان في العراق، ومع عوائل كثيرة خارج المخيمات يعيشون في مركز تجاري مهجور، أو أماكن لأناس عاديين خصصوها للنازحين، فذهبنا اليهم في كل مكان وتوجد جداول عن عدد الزيارات والتفاصيل التي قدمناها للنازحين، وطبعا كل هذا كان بشراكة مع القطاع المصرفي العراقي، عبر رابطة المصارف العراقية الخاصة، وهذه الشراكة الاستراتيجية بين مشاريعي الإنسانية وبين رابطة المصارف، عززت عملنا واعطتنا قوة، بالإضافة الى التبرعات الأخرى التي حصلنا عليها في بداية الحملة، والتي صرفناها كل هذه المدة المنصرمة وبنسبة مائة بالمائة، بمعنى انه في العادة أن هناك جمعيات تأخذ نسبة تشغيل حتى تصرف على مشاريعها من المتبرع، أنا هذا المبدأ رفضته من البداية، وقررت أن المتبرع الذي يضع مائة دولار تدفع المائة دولار هذه بكاملها للمستفيد، وهذا وفر لنا شفافية في التعامل مع الاخرين، خصوصا انني طلبت ان تكون حساباتنا مراقبة من ثلاث جهات مهمة جدا وكبيرة، منها البنك المركزي ورئاسة الوزراء، هذه الجهات هي التي تشرف على كل حساباتنا وتدقق فيها. وهذا اعطانا نوعا من الحصانة في الوقوع بالخطأ، وأن لا يمكن لأحد أن يتلاعب أي احد بقوت الناس، والحمد لله حققنا انتشاراً واسعاً، وصولا الى الموصل والى كل الأماكن، بما فيها المناطق غير الامنة، حيث كنا نصلها دون تردد، وقضينا ساعات طويلة في التواجد في مخيمات في الصحراء، وذهبنا اليهم بالماء والغذاء والبطانيات والمواد الاغاثية الأخرى التي يحتاجونها. * لم تتوقف مبادراتكم وحملاتكم عند حدود معينة فوظفتم قدراتكم الابداعية في تطوير وتفعيل اوجه الدعم والتأصيل لاسيما في يوم السلام العالمي العام الماضي ومنها مشروع (ألق بغداد) بالتعاون مع البنك المركزي ورابطة المصارف العراقية الخاصة؟ - بات من الواجب أن يسهم العراقيون في عودة بغداد متألقة كما كانت عنواناً للجمال والرقي والذوق دوما، وهو ما يمثل جوهر هذه المبادرة، لأن بغداد تستحق من الجميع وقفة حقيقية لتعود الى ما كانت عليه، من بين عديد من العواصم العربية التي كانت مازالت تحبو في طريق التمدن والتحضر، ناهيك عن عمق بغداد الحضاري والتأريخي المعروف لدى الجميع. وقد رعت الامانة العامة لمجلس الوزراء الاجتماع الاول للجنة العليا المشتركة، بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية وأمانة بغداد والبنك المركزي العراقي ورابطة المصارف العراقية لتأهيل ساحات بغداد وضفاف مقطع من نهر دجلة بمعدل كيلومتر واحد بمحاذاة شارع ابي نواس، اضافة الى انشاء نافورة السلام شاملة للخدمات والمحال والكافتريات، ضمن غابة بغداد على مساحة 50 الف دونم وانشاء متحف عالمي لعرض تأريخ وحضارات العراق المتعاقبة على مدى 8300 عام. والمقترح انشاؤه في موقع جامع الرحمن في منطقة المنصور حيث سيلمس المواطن نتائج حقيقية بعد انجاز العمل في هذا المشروع الحيوي المهم في دلالاته ومؤشراته، وتتحمل المصارف الخاصة تكاليف التنفيذ والادامة، بواقع ساحتين او ثلاث لكل مصرف عبر رابطة المصارف، وتحت اشراف البنك المركزي العراقي. * وتتوجت مبادراتكم بمشروع (جسر المعرفة)، الذي يعد الفريد من نوعه عراقيا، لنسلط الضوء على هذه المبادرة الاستثنائية. - هذا حلم تأخر بسبب الظرف العراقي الحالي، لكنه موجود وحي ودائما يشغل بالي في أن نوفر طاقات جديدة للعراق، ففي السنوات السابقة بعث العراق أناسا للدراسة لكنها ظلت تقيم في الخارج دون عودة، نريد أن نبعث أناسا يدرسون ويتعلمون ومن ثم يرجعون للعراق ليفيدوا في مواقع وتخصصات نادرة ومهمة يحتاجها العراق، في مجالات الزراعة والتكنلوجيا والعلوم والطب والفنون. ففي كل المجالات العراق يحتاج كوادر مهمة جدا يأخذون مواقعهم عندما يعودون في المناطق التي تناسبهم وتناسب اختصاصاتهم. هذا مشروع في الحقيقة فاتحت فيه كذا عميد من عمداء الكليات القدامى، ورؤوساء جامعات أجنبية مثل السوربون، وعلماء وطاقات عراقية وغير عراقية نجحوا في العالم كاوربا والعالم العربي وابدوا استعدادهم ورغبتهم بالتطوع في هذا العمل، ليكونوا بشكل بورد أو مجلس يعنى بالتخصصات المهمة ونوفر المبالغ المالية التي تؤهل الطلبة العراقيين للدراسة والعودة من ثم للعراق، من خلال الالتزام بعقود تشترط فقط أن يعود المستفيد من البعثة ليدرس أو يعمل عشر سنوات في العراق وبعد ذلك هو حر. وإن شاء الله ننجح في هذا المشروع وسيطلق بعد انتهاء تحرير الأراضي وبمجرد ان تستقر الدولة، وسيشمل كل محافظات العراق دون استثناء، والمتميز هو الذي سيأخذ فرصته، واسمينا هذا المشروع (جسر المعرفة) وربما سنغير الاسم او نستقر عليه. * سمعنا عن مبادرة اخرى في الجانب الصحي لم يتم التطرق لها إعلاميا إلا بشكل محدود فماذا عنها وهل سيتسع نطاقها؟ - مشروع مستشفى السرطان كان ومازال يشغل بالي، والحقيقة الفساد هو الذي أجل هذا المشروع، بمعنى أني لست قادرا أن أجد الفريق الذي اعتمد عليه، وأضع بين يديه كل هذه الإمكانيات التي تتعلق ببناء مستشفى بكامل معداته. وأيضا مسألة الأجهزة التي تخص معالجة السرطان والمواد والأدوية، هذه مسألة كبيرة لابد أن يكون فيها نظام محكوم جدا، لأن المعالجة في هذه المستشفى ستكون مجاناً مائة بالمائة. وأيضا أجلت هذا المشروع لحين استقرار الظروف الأمنية لكن اهتمامنا بدعم الجانب الصحي لم يتوقف حتى هذه اللحظة، وعندما زرت قبل أشهر مستشفى الطفل المركزي في الإسكان وجدت المستشفى في حال يرثى لها، ووجدت منظمة خيرية بذلت جهودا في ترميم طابق واحد، لكن الموضوع كان أكبر من ذلك، لأن المستشفى بحاجة الى تأهيل كامل، وفعلا ذهبت الى رئيس المصرف المتحد والنائبة وطلبت التبرع بتأهيل أحد طوابق المستشفى. وكنت أمر على كل رجال الاعمال ليسهموا في ذلك، على أن نسمي كل طابق يتم تأهيله بالكامل باسم المتبرع، وقيمة التأهيل لكل طابق بحدود تسعين مليون دينار عراقي، ولكني فوجئت بالسيد رئيس او مالك المصرف المتحد يقول لي هذه الزيارة عزيزة علينا، ونحن سنقوم بتأهيل المستشفى بالكاملز وفعلا بدأ العمل فوراً بإرسال فريق هندسي تابع للمصرف، ووصلنا اليوم في عملية التأهيل الى الطابق قبل الأخير، وأنصح الناس أن يزوروا المستشفى وهناك سيجدون اسم الحاج لؤي والحاج عباس رئيس مجلس إدارة البنك ونائبه مكتوب متبرعين دون مقابل. والحمد لله هذا العمل مستمر والمستشفى سيصبح قادراً مائة بالمائة على استقبال الحالات المرضية، مع توفر الأجهزة والمختبرات التي ينبغي أن تكون في هكذا مستشفى مهم جدا، وسأبقى وراء هذا الموضوع لتعميمه على باقي المستشفيات. * ما الرسالة التي تريد ايصالها في ضوء كل ماتحقق، وفي ضوء هذا التعاون اللامحدود من اصحاب المصارف عبر رابطتهم الفاعلة، بقيادة رئيسها المصرفي البارع والمتفهم وديع الحنظل؟ - هي ليست رسالة واحدة بل رسائل عدة من وراء هذه الاعمال، أولاً أنا عندي جمعية اسمها (طريق الزهور)، وهذه لم تتوقف من العام 1991 الى الان، عن ارسال الأطفال المرضى الى مستشفى نيريانا في بانغلور بالهند، ومعالجتهم على يد أعظم جراح (ديدي شتي). ومن خلال جريدة (الصباح الجديد) أدعو كل العراقيين الذين لديهم أطفال دون سن الرابعة عشرة او السادسة عشرة، والمصابين بفتحات في القلب أو بأمراض في القلب، أن يدخلوا على صفحتنا (طريق الزهور) في الفيسبوك، ويرفعوا التقرير الطبي المطبوع باللغة الإنكليزية، ويشخص الحالة بدقة، ونحن فورا وبدون (واسطات)، وبدون تدخل من أحد على الفيسبوك سيأتي مختص بعد يومين أو ثلاثة من ارسال التقرير الى الهند. اذا كانت المستشفى قادرة على العلاج وعنده افورا سنأخذه ونتكفل به بالكامل، وفي هذا المجال عالجنا اعداداً كبيرة جداً، وقد فوجئت قبل مدة بأن اعداد الاطفال الذين تمت معالجتهم من عام 2005 وحتى اليوم يفوق الاعداد التي تمت معالجتها من قبل الدكتور مجدي يعقوب في مستشفى اسوان النظيرة بجمهورية مصر العربية. وهذا شيء بالنسبة لنا مهم جدا، ويقف وراءه كثير من المتطوعين والمتبرعين، حيث ان التبرعات تذهب الى المستشفى مباشرة من المتبرع وليس عن طريقنا، وهذه سياسة اعتمدتها في كل الاعمال التي مارستها، كي يطمئن المتبرع أن أمواله تدخل في حساب المستشفى في بانغلور وممنوع سحب أي سنت منها، بل كلها تذهب الى علاج الاطفال مائة بالمائة، والحمد لله هذه العملية مستمرة. أما عن الرسائل فأود أن اقولها بوضوح أن عمل الخيرعمل مهم جداً، ويحتاج ايماناً حقيقياً ويحتاج ايماناً بقدرة الانسان وتبنيه للقضية الإنسانية، فضلا عن عدم التفريق في الإنسانية بين شخص وآخر، لذلك كسبنا ثقة (رابطة المصارف العراقية الخاصة)، وكلهم اصبحوا اصدقاءنا، وكل المصارف التي نتصل بها بشكل فردي او جماعي تستجيب، لأن امورنا واضحة وطلباتنا واضحة، وطريق تلبية حاجة الناس واضح جدا. ففي سياستنا بالعمل لا فرق عندي بين انسان وآخر، الشيء الوحيد الذي يهمني هو أن هذا الانسان المحتاج في أي ركن من العراق أو أي جزء منه، أستطيع أن أساعد سأساعده، وحتى من هو خارج بلدي. والرابطة دورها مشرف، وكل المصارف التي اشتركت معنا دورها مشرف، وهناك طبعا أولوية، إذ أن هناك ستة مصارف رئيسية دائما هي التي تقود المبادرة وباقي المصارف تباعا، لكن عندما لا نجد الجميع متفقين على شيء، نجد على الأقل ستة من المصارف الرئيسية الذين هم معنا في كل مبادرة. * وما الذي تراهن عليه، وانت ترى حلمك ومشاريعك وحملاتك الانسانية تتحقق دون جعجعة أو ضجيج؟ - أنا اراهن على إحياء الأمل عند الناس، وإحياء روح العمل التضامني والمجتمعي، واذا لم تتحد كل الايادي يدا بيد لإعادة بناء الانسان وبناء العراق، لن نستطيع أن نحارب الإرهاب، ولن نستطيع أن نحارب الطائفية، ولن نتمكن من إعادة بناء البلد على مستوى العلم وعلى مستوى المعرفة ومستوى التعليم وعلى مستوى مجالات الحياة الأخرى، لذلك أراهن على الانسان العراقي الشريف، اراهن على الانسان العراقي الذي يحب بلده ويريد لهذا البلد أن يعود قويا وصديقا للكل، وفي نفس الوقت قادر على أن ينهض. واذا كانت اسطورة العنقاء خرجت من العراق، فعلينا ان نثبت ان العراق قادر على أن ينهض من الركام، ركام الطائفية وركام الإرهاب وركام الفساد، ويبني بلدا جميلا، ويصبح مثالا يقتدى به، هذا حلمي الحقيقي الذي راهنت على ان عملي الخيري سيكون عراقيا، بمعنى اعتمادي على العراق مائة بالمائة، على الشخصيات العراقية، وعلى الانسان العراقي الداعم والمدعوم في هذه المرحلة والحمد لله نجح هذا الرهان. * مع هذا كله.. لا يخلو أي مشروع أو برنامج من توجيه سهام النقد، سلباً او ايجاباً، أو حتى التشكيك، فما الذي تود قوله هنا؟ - بالنسبة للتشكيك وارد جداً، أنه أي عمل الناس تتساءل، لماذا شخص مثل نصير شمة يضيع وقته، يصرف تذاكر سفر وفنادق، ويذهب ويسافر ويترك عمله وعائلته كل وقت، والذي يحصل عليه في الموسيقى، يصرفه في العراق على أشياء من هذا القبيل، عدا ما يصرفه خارج العراق لأطفالنا في الهند وغيرها، لابد أن لديه مصلحة من وراء ذلك كله، ربما يريد أن يرشح نفسه في يوم من الأيام أو يفكر أن يستفيد من أشياء أخرى؟ في الحقيقة لا أستطيع أن أجيب على هذه التساؤلات، لكن يمكن الانسان عمله وسلوكه في الحياة هو الذي يجيب عن ذلك . القريب مني يعرف تماما طبيعة تصرفي وحرصي على كل فلس يدخل الجمعية، وكيف ينبغي أن يصرف والى أي مدى أحاول أن أصون، بأقصى ما يمكن كل تفصيلة تخص العمل الخيري وأحصنهز وأيضا حتى الذي يريد أن يعمل عمل خير أجد له اسلوباً لتحصين نفسه من السرقات، من الفساد الذي يحيط بكل مشروع، أنا ليس لدي رغبة في يوم من الأيام، أن أتولى أي منصب وليس لدي رغبة أن أرشح نفسي لأي منصب وليس لدي رغبة أو استعداد لأن أجعل بنتي تأكل من مال حرام. أحلامي إنسانية وعندي قناعة شديدة بحقيقة "زرعوا لنأكل ونزرع ليأكلون" وعندي حلم بأن نبني بلداً جميلا للجيل القادم، قد لانعيش فيه نح ، لكن على الأقل الأجيال القادمة تكون قد أحست أن فيه أناسا اشتغلوا وبنوا وأسسوا، والذي يحيي نفسا فكأنما احيا البشر أجمع. فنحن نسهم بإعادة الحياة لعدد كبير من الأطفال عبر عمليات القلب، أو عبر الإغاثة في المخيمات أو عبر أشياء أخرى كثيرة نعملها، ولا نحتاج جعجعة ولا نحتاج اعلاما كثيرة. وانت تشاهد المحطات التلفزيونية فهناك من إذا عالجوا طفلاً واحداً يعملون منها حلقات لمدة أسبوعين، ونحن كل ثلاثين طفل نعمل لهم ثلاثين عملية ونتحمل تكاليفهم بالكامل ونرجعهم سالمين غانمين، ولا نحكي ولا نصنع أفلاما عن ذلك، لأن الهدف حقيقي وانساني، ومن اجل الانسان وقيمة الانسان نفسه أولاً. * وفي هذا الصدد وفي حديث مباشر لي مع السيد وديع الحنظل رئيس رابطة المصارف العراقية الخاصة، سألته عن سر عدم استقطاب نجوم الفن العراقي الآخرين ممن لديهم جماهيرية كبيرة، أكد لي أن نصير شمة وجدناه يختلف عنهم، لأنه ليس لديه اهداف مادية مثلهم، فما الذي تقوله لهم؟ - السبب هو الثقة في التعامل ونكران ذات، فالإنسان خلال شهر أو شهرين وربما أكثر ينكشف اذا كانت له اهداف او أغراض او مطامع، فحبل الكذب قصير والانسان الحقيقي يبان في الشدة، يبان في الأوقات السهلة والصعبة معاً ويظهر معدنه الأصلي. والأستاذ وديع الحنظل وأصدقاؤنا في المصارف العراقية الخاصة شاهدوا، بمرور الوقت، أن الموضوع خال من هذه الشوائب الدنيوية، وهذا هو الذي عزز علاقتنا، فتحولت من عمل شراكة حول أشياء واهداف مشتركة الى صداقة حقيقية وأخوة حقيقية نتفقد بعض في تفاصيل خارج الشغل، نقف مع بعض حتى في التفاصيل الشخصية والإنسانية والعائلية، تحولت العلاقة الى صداقة مبنية على حسابات صحيحة، حسابات خالية من المصلحة الانية او المستقبلية او الشخصية. * وتتوجت هذه المسيرة والعطاءات الانسانية الفاعلة المكملة لدوركم وعطائكم الابداعي في مجال الموسيقى، في منحكم لقب سفير السلام من منظمة اليونسكو كيف تنظر لهذا اللقب؟ وما الذي ستقدمه على هذا الصعيد؟ - لايخفى عليك صديقي أنه سبق أن عرض علي اكثر من لقب من منظمات دولية كبيرة واعتذرت عنها، لأنه كنت أعتقد ان عملي لا يمكن أن يكون وراءه نتائج من هذا القبيل، أو مثل هكذا تسميات. لكن اليونسكو تحديدا ومنظمة اللاعنف الدولية الاثنتان أحسست أن بلدنا اليوم بحاجة لهما وأعتبر منحهما لقبا لي هو تكليف وليس تتويج ففي العمل على مشروع اللاعنف، ولأن العراق خاض في العنف هذه السنين بشكل كبير جدا وجدت أن علينا أن نعد برنامجا ًكبيراً. وفعلا نحن بصدد اعداد برنامج ضخم حول مشروع اللاعنف في العراق، وهذا سيبرز الى العلن خلال الأشهر المقبلة. أما بالنسبة لمشروع اليونسكو فكما هو معروف أن العراق يقف على تنوع ثقافي مهول، شفاهي وحضاري وبقايا حضارات موجودة في انحاء العراق، هذا كله بحاجة الى (قوة ناعمة) الان تظهر هذا الشيء، وعليه بدأ عملي فعلا في هذا الجانب، وخلال بداية الشتاء القادم وتحديدا بداية الشهر العاشر، سيشهد العراقيون بعض الأشياء التي بدأت اعمل عليها من قبل تسميتي سفيرا للسلام في اليونسكو. ولكن الآن أكملتها واعطتني قوة في أن اواصل فيها، لها علاقة بالتعليم، لها علاقة بالثقافة، ولها علاقة بالآثار، والحمد لله قطعنا شوطاً في هذه المجالات الثلاث، وأؤكد خلال الشهر العاشر من هذا العام سيشاهد العراقيون أشياء مهمة تتعلق بعلاقتي باليونسكو، وكذلك علاقتي بمشروع اللاعنف، والذي هو مهم بالنسبة لي مثل أهمية الخبز في العراق. *كلمة أخيرة.. - أريد أن أشد على أيدي أصدقائي الذين صمدوا في العراق، وكنت أنا احدهم لغاية شهر اكتوبر/تشرين الأول عام 1993، لكني غادرت خوفا من التهديد بالقاء القبض مجددا وهربت في يوم واحد، لكني أشد على ايادي كل أصدقائي في الوسط الثقافي والفني والإعلامي وكل مجالات الحياة، لأنهم صمدوا طوال هذه السنين وأقدر من بقي محتفظاً بنزاهته وشرفه وعدم فساد ذمته. وبالنسبة لي أعتبرهم أناساً يحتاجون لمنحهم جائزة نوبل، لأنهم صمدوا في دوامة فساد وفي دوامة صعوبات، ومع ذلك مازالوا قادرين على العطاء، ولا يخفى أنت واحد من هؤلاء الناس الذين أشد على أيديهم وأقبل جبينهم، والذين لم يطلبوا في حياتهم شيئا مقابل شيء، ظلوا محافظين على قيمهم، وهؤلاء أنا الآن بدأت أحيي علاقتي التي كانت مستمرة معهم، وأحاول قدر الإمكان أن اقدم شيئا معنويا لهم من خلال عملي، من خلال محبتي لهم، من خلال ربما خدمة عملهم وخدمة توجهاتهم فيها. وأخيرا أرجو أن تكون سنة 2017 سنة خير على أمتنا، على العراق هذا البلد الذي قدم تضحيات مهولة طوال هذه السنين، أتمنى ان يكون العراقيون قادرين على الاختيار الدقيق في المرحلة القادمة، لا يجب أن تباع ذمم من أجل أن لا نخسر العراق، يجب أن لا يقبلوا، حتى المحتاج لا يجب أن يقبل رشوة من أجل أن يبيع صوته وينتخب شخصاً معروف أنه فاسد. علينا في الفترة القادمة ان ندخل الانتخابات ونحن نعرف من الذي يعمل ومن الذي يحرر البلد ومن الذي يحارب الفساد، وهؤلاء الذين يجب ان ينتخبوا، هؤلاء الذين يجب ان نقف معهم للوصول الى بر الأمانز العراق بحاجة الى أبنائه، بحاجة الى حب حقيقي وتضحية من أبنائه، مع أن هذا الشعب ضحى كثيرا لكن التضحية القادمة هي التضحية الأخيرة، أيها العراقي حافظ على صوتك واعطه بنزاهة للشخص الذي يستحقه، فعندما تنتخب شخصاً فاسداً، فإنك تدمر ليس فقط مستقبلك ومستقبل أولادك وإنما مستقبل أحفادك أيضا وتضع البلد عرضة لدول الجوار تلعب فيه وكأنه كرة. وهذا درس ينبغي أن لا نخطئ فيه واذا أخطأ الشعب العراقي مرة أخرى فستكون الضربة القاضية لمستقبل العراق، اذا اخطأ العراقيون مرة أخرى وانتخبوا مقابل بيع ذممهم ببعض الأموال أو ببعض المكاسب، سنخسر العراق الى الابد وهذا ما لا نتمناه.

مشاركة :