«الـجمهور عايز كده» .. جـملةٌ يتداولـُها بعض الناس وبخاصة من لهم مصالـح شخصية، لتبرير انتشار مُنتجات إعلامية تـجارية معيّنة، ونشر السُّخف والاضطراب السلوكي الإعلامي في مـجتمعات تحتاج إلى الارتقاء الأخلاقي والانضباط السلوكي أكثر من غيرها، في ظل غياب رؤية ومنهجية واضحة لـمعظم الإعلام الـموجَّه، إذ من السّهل وضع اللوم على أفراد الـمجتمع لـتهافتهم على مُشاهدة «ما هبّ ودبّ» من الإنتاج الإعلامي، بغضّ النظر عن صلاحيته للاستهلاك الإنساني السويّ.من الواضح تـحكّم «إمبراطوريات إعلامية» ذات رؤوس أموالٍ ضخمة في نوع الـمواد التـي يُشاهدها الـمُواطن العربـي، فالـهدف استئثار القناة التجارية بأكبـر عددٍ من الـمشاهدين وبـخاصةٍ وقت الذروة، فكان أن اعتمدت إنتاج موادّ وبرامج أقلّ ما يقال عنها أنـها ضعيفةُ الـمُحتوى مكررة الأداء، يصل بعضها حدّ الابتذال الأخلاقي، بالرغم من تكلفتها الباهظة، ثـم الإصرار على عرضها لسنواتٍ مُتتالية، ضاربةً بعرض الـحائط الانتقادات السافرة التي تتواصل من جـمهور الـمُشاهدين في قنوات التواصل الاجتماعي، أو ما يكتبه بعض الكتّاب من انتقاداتٍ موضوعية تثيـر أسئلة حول غياب الـمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية لبعض تلك البرامج والأفلام والقنوات.ليست القضية بتلك البساطة التي «يتفلسف» بـها بعضهم بقوله: «إن لـم تُـعجبك قناةٌ أو برنامج، فغيـّر القناة» !، لكن القضية ترتبط بقلة الوعي الـمُجتمعي الذي تـمّ إهماله لسنوات، وتجهيل الشعوب العربية فنياً وثقافياً بـمشاركة الإعلام، وخيانة تلك الكيانات للمسؤولية الإعلامية، وتفضيلها العائد الـمادي الباهظ من الإعلانات التجارية والرعاة التجارييـن والـمُـنتجِين الأثرياء، في سبيل استمرار تقديـم برامج وأفلام هابطةٍ تلاحق الـمُشاهد من قناة لأخرى، دون مراعاة الأدب العام وأوقات العرض، والإصرار على دعم بعض الشخصيات الفنية غيـر السويّـة على حساب الذوق الفنـّي، ذلك الذوق الذي يرتفع تدريـجياً لدى الـمُشاهد العربـي، دون أن تـُحاول بعض تلك الـمُنتجات «الـمليونية» احترامه وتقديره.يـُخبرنـي أحد الـمرتبطيـن إعلامياً بقناة عربية: «لا يهم ما تقدّمه للجمهور، الـمهم للقناة: هل لديك مـموّلون أقوياء ورعاةٌ رسـميون أثرياء»؟!.يبدو أن «الـجمهور» بـمختلف شرائحه في معظم الـحالات مظلومٌ مغبون، وأن الـمُشاهد في حقيقة الأمر أسيـرُ الزّخَم الإعلانـي والإعلامي التجاري الـمُوجَّه، وأن الـحقيقة هي: «الـمُخرج عايـز كـده» !!.
مشاركة :