عندما تلتقي بطالب قد تخرج من الجامعة، سيء الخط، ولا يجيد الإملاء ولا يستطيع الإنشاء والتعبير عما يريد بطلاقة ويتلعثم بالكلام، فإن هذا ليس ذنبه، بل ذنب وزارة التعليم التي لم تعد تهتم بكثير من المهارات الأساسية لبناء النشء؛ حيث تم إلغاء تلك المهارات كمواد أساسية في نجاح أو رسوب الطالب، ولم نعد نرى حسن الخط، وسلامة الإملاء، وجودة التعبير بين أبنائنا. هذه مهارات رئيسة يجب أن يتقنها الطلبة في المرحلة الابتدائية، لأن عدم إتقانها في تلك المرحلة، لا يعدُّ خطأً فحسب وإنما خطيئة وجريمة، فالواقع للأسف أنه تم اختزال تلك المهارات أو لنقل تلك المناهج ضمن منهج واحد هضم حقوقها، وكأن وزارة التعليم لم تعد تؤمن بأهمية تلك المهارات الأساسية في التعليم. الطالب قديماً لوحظ في السنوات الأخيرة استمرار الضعف الإملائي ورداءة الخط العربي، والتعبير لدى الطلبة بنين وبنات، خصوصا في مراحل التعليم العام، لأن تلك المرحلة تعد من أهم مراحل التأسيس والتعليم لبناء مستقبل الطلبة على أساس علمي قوي ومتين، حتى لا يواجهوا المصاعب في حياته العملية إذا لم يتقنوا تلك المهارات الثلاث. لقد كان المعلم في السابق الذي يدرس أي من المهارات تلك يبذل جهوداً كبيرة مع طلبته لأجل تخريجهم كنخبة يفخر بهم لإتقانهم تلك المهارات، حتى أصبح الطالب سيئ الخط ضعيف التعبير والإملاء حالة نادرة في مدارسنا، ومن المهم قيام وزارة التعليم بتكثيف التدريب في الصفوف الابتدائية والمتوسطة، وخلق المنافسات بين الطلبة لتعويدهم على البحث والإنشاء والتعبير، وربطها مع الإملاء وحسن الخط، بدرجات الطلبة في كافة المواد الدراسية. معاهد متخصصة عدد من المهتمين يعتبر أن إلغاء تدريس الخط العربي كمادة مستقلة بمناهج وزارة التعليم أثر سلبا على شكل الكتابة ورسمها عند الطلاب، ما أنتج أجيالا تستطيع الكتابة بالشكل الصحيح، كما أسهمت الأجهزة الحديثة بابتعاد الطلبة عن الخط باليد، كما كان بالسابق. فقد اعتبر الخطاط حسن رضوان -معلم في إحدى المدارس بالمنطقة الشرقية- أنّ استبعاد مادة الخط العربي من المناهج ودمجها ضمن مادة لغتي مضر بالطلاب، خصوصاً في المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية في مجال الخط والإملاء. وقال أحد خريجي معهد الخط العربي والزخرفة الإسلامية لـ"الرياض": للأسف هناك خطأ فادح وقعت به وزارة المعارف سابقا، بإغلاقها "معهد الخط العربي والزخرفة الإسلامية"، الذي كان بديلا لمعهد التربية بالملز بالرياض، والذي كان يمنح دبلوم إجازة الخط العربي والزخرفة الإسلامية، ومدة الدراسة فيه كانت ثلاث سنوات، وكان من المؤمل أن يتم الاستفادة من خريجي المعهد في دمجهم في الهيئة التعليمية بالمدارس لتدريس الخط العربي والزخرفة الإسلامية، ولكن الوزارة أغلقته دون النظر إلى الخطر الكبير الذي ارتكبته، حيث انعكس على إغلاقه القضاء على إرث إسلامي عظيم. وأضاف: هناك بعض المدارس والجامعات تعقد على استحياء وبجهود ذاتية مسابقات ودورات في الخط العربي، ومنها: مسابقة فنية تنافسية سنوية كانت تقيمها إدارة التعليم بالمدينة المنورة تهدف إلى تنمية مهارات الخط العربي والزخرفة الإسلامية لدى طلبة التعليم العام تشتمل على مسارين رئيسين هما (عملي ونظري) وتنفذ من خلال ورش تأهيلية وتدريبية متسلسلة مشتملة على المعارف والمهارات الأساسية والخبرات العلمية، وياليتها تعمم إذا كانت لازالت حتى الآن على كافة إدارة التعليم في المناطق والمحافظات. الإملاء والتعبير وعن مادة الإملاء حدث ولا حرج ففي دراسة أجرتها كلية التقنية بعرعر على الطلاب المستجدين فيها في بعض أساسيات بعض المواد ومنها: مادة الإملاء لمقرر الصف الأول متوسط وما دون، فكانت الدراسة لمعرفة سبب انتشار ظاهرة تسرب الطلاب من إكمال الدراسة الجامعية، وخلصت الدراسة إلى أن السبب الرئيسي لا يعود إلى صعوبة المقرر الجامعي وإنما ضعف مستوى الطلاب العلمي، فمنهج المقررات الجامعية وضعت بما يناسب مستوى خريج الثانوية المأمول لا الواقع، وأن هناك فجوة بين المعدلات العالية التي يكتسبها الطلاب وبين مستواهم الحقيقي. وجاءت نتائج اختباراتهم التجريبية مخيبة للآمال، ففي مادة الإملاء أجرى مئتان وثلاثة وأربعون طالبا من خريجي القسم الأدبي اختبارا كان عبارة عن قطعة إملائية يستلزم عليهم تصحيحها، فجاء متوسط درجاتهم بما نسبته:(21.14%) وهي درجة متدنية جدا إذا ما قورنت بمستواهم الدراسي الذي نسب متوسط درجاتهم فيه عالية، فقد كانت نسبة معدلاتهم في حدود (83.9%). ولا نغفل مادة الإنشاء أو التعبير التي تعود الطلبة على الإلقاء التلقائي وارتجال الخطب التي يجب أن تكون تلك المادة مع الخط والإملاء مواد أساسية في التعليم العام لكي لا يتفاجأ التعليم الجامعي بطلبة تنظم إلى صفوفه لا يتقنون تلك المهارات الأساسية.
مشاركة :