بعد انتخابات تشريعية أضعفت الحكومة، وفيما لا تزال البلاد في حداد على ضحايا الحريق الهائل في برج سكني بلندن. ويتوجه وزير بريكست ديفيد ديفيس الى بروكسل للقاء كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه امن اجل اطلاق مفاوضات خروج معقدة، يتوقع ان تستمر اقل من سنتين. وصوتت بريطانيا العام الماضي، في حدث غير مسبوق، على انهاء عضويتها التي استمرت لعقود في تكتل الدول الثماني والعشرين، على خلفية القلق حيال ازمة الهجرة وفقدان السيادة، في استفتاء شكلت نتائجه زلزالا سياسيا في الداخل وصدمة كبيرة في العالم. ووضعت الحكومة استراتيجية "بريكست صعب" لخفض أعداد المهاجرين القادمين من الاتحاد الاوروبي على حساب عضوية بريطانيا في السوق الاوروبية المشتركة والوحدة الجمركية. الا ان تساؤلات بدأت تُطرح بشأن هذه المقاربة عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو وخسرت بنتيجتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي الغالبية التي كان يحظى بها حزب المحافظين. وبدأ البريطانيون العاديون يشعرون بتبعات بريكست مع ارتفاع كلفة التصدير بسبب تدهور سعر الجنيه والقلق المتزايد لدى الشركات من خسارة اسواق تجارية. وتمسكت ماي بالسلطة عقب الانتخابات ولكنها فشلت حتى الساعة في التوصل لاتفاق مع الحزب الوحدوي الديموقراطي في ايرلندا الشمالية من اجل تأمين غالبية تخولها الحكم. وفاز حزب المحافظين بـ 317 مقعدا في مجلس العموم من أصل 650 مقعدا، وهو بحاجة الى دعم الحزب الوحدوي الديموقراطي الإيرلندي، الفائز بعشرة مقاعد، لتأمين غالبية ضيقة. ومن المقرر ان تقدم الحكومة برنامج عملها الاربعاء خلال جلسة افتتاحية للبرلمان، ستليها جلسة اخرى في الايام اللاحقة للتصويت على الثقة. ورأت الملكة اليزابيث الثانية ان حالة من "الكآبة" تخيم على بريطانيا التي شهدت كذلك ثلاثة اعتداءات "ارهابية" خلال ثلاثة اشهر وحريقا في برج سكني في لندن قد ترتفع حصيلة ضحاياه الى 58 قتيلا. وساهم ضعف الحكومة البريطانية في تأجيج الانتقادات لمقاربتها آلية الخروج من الاتحاد الاوروبي، الا ان آمال الناشطين المؤيدين للاتحاد باعادة النظر في سياسة بريكست لم تحقق اي نتيجة حتى الساعة. وقاد وزير المالية البريطاني فيليب هاموند حملة للمطالبة باستراتيجية بريكست اكثر ليونة تعطي الاولوية للاقتصاد. وقال هاموند الاسبوع الماضي في لوكسمبورغ "علينا حماية الوظائف والنمو الاقتصادي والازدهار". كذلك دعا اعضاء اخرون من فريق حكومة ماي إلى مقاربة اكثر شمولية لاستراتيجية بريكست تسمح للاحزاب المعارضة باسماع صوتها، وتتيح الاخذ بآراء اسكتلندا وايرلندا الشمالية اللتين صوتتا لصالح البقاء في الاتحاد الاوروبي. وقالت روث ديفيدسون زعيمة حزب المحافظين الاسكتلندي الفائز بـ13 مقعدا في اسكتلندا ان على بريطانيا ان تعطي الاولوية لـ "حرية التجارة ونمونا الاقتصادي". ومن المقرر ان تنطلق مفاوضات بريكست الاثنين الساعة 11,00 صباحا (التاسعة ت غ ) بجولة اولى مدتها 90 دقيقة بين بارنييه وديفيس، يليها غداء عمل بينهما يتبعه مؤتمر صحافي. وستركز فرق العمل على ثلاثة مواضيع رئيسية هي وضع الرعايا الاوروبيين المقيمين في بريطانيا، فاتورة "طلاق" بريطانيا مع الاتحاد، ومصير الحدود بين ايرلندا الشمالية وايرلندا العضو في الاتحاد. وليس هنالك اتفاق بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي بشأن تراتبية المواضيع، مع اصرار لندن على مناقشة مستقبل العلاقات التجارية بالتوازي مع مناقشة الطلاق، الامر الذي ترفضه بروكسل. والمفاوضات تعتبر الاكثر تعقيدا في تاريخ بريطانيا لا سيما انها تسعى لتفكيك عضوية 44 عاما في الاتحاد، وأثار تلويحها بالخروج بدون التوصل لاتفاق قلق العواصم الاوروبية. واعلنت الحكومة السبت ان البرلمان سيعقد دورة خاصة على مدى سنتين تنطلق هذا الاسبوع لتمكينه من تعديل تشريعات الاتحاد الاوروبي. وجاء في بيان الحكومة "سنبني اوسع اجماع ممكن حول خططنا لبريكست، ما يعني منح البرلمان اطول وقت ممكن لمراجعة هذه القوانين عبر فتح دورة برلمانية لسنتين". ويتوجه وزير التجارة ليام فوكس الاثنين الى واشنطن في محاولة لاستكشاف امكانيات إقامة روابط تجارية جديدة، على الرغم من انه لا يمكن اطلاق اي مفاوضات رسمية قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
مشاركة :