«العزيمة».. رائعة رائد الواقعية في السينما

  • 6/18/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة – خالد بطراوي | إنهم حقا جيل من العمالقة، ذلك الجيل من ممثلي السينما، والمسرح العرب في الاربعينات، الذي يوصف بأنه جيل العمالقة، خصوصا ان كلا منهم قد ترك علامات بارزة لفنه وموهبته في الافلام والمسرحيات التي مثلها، والتي يرى الجيل الجديد اكثرها من خلال المحطات الفضائية العربية في هذا الزمن! والقبس تحاول جاهدة، بهذه السلسلة التعرف على طبيعة التجربة السينمائية الأولى في مشوار كل نجم من نجوم السينما الذي قامت عليه مسيرته الفنية، حتى صار تاريخه صرحا عملاقا في تاريخ الفن بعامة، ولعلها تستطيع ان تنفض عن اسمائهم غبار النسيان، ونكران الجميل، الذى اسهم فيه الاعلام العربي بنصيب وافر. البداية.. مؤامرة صادف المخرج كمال سليم الكثير من العقبات والعراقيل عندما شرع في تنفيذ فيلم «الحارة». ويكمن السبب وراء ذلك، أن الخبير الألماني فريتز كرامب، المدير الفني لاستديو مصر وقتها، كان يكره كمال سليم لأفكاره المتحررة التي كان يرى فيها خطورة على بقائه مديرا فنيا في ستديو مصر، ووضحت مؤامراته وتجلت لدى كمال سليم مع مرور الأيام عندما أوصى أعضاء لجنة القراءة في ستديو مصر المكونة من بعض السينمائيين ـ وهو صاحب نفوذ عليهم ـ أن يرفضوا سيناريو فيلم «الحارة». وعلى الرغم من أن كمال سليم كان على علم بكل ما يدور من حوله من دسائس ومؤامرات، فانه لم ييأس، بل على العكس، راح يبذل المساعي الكثيرة لدى أحد المسؤولين في إدارة ستديو مصر، حتى قدر له أن يجد سنداً في أحد كبار أعضاء بنك مصر، الذي سعى بدوره حتى حصل على موافقة إدارة الاستديو على إنتاج فيلم «الحارة» بعد أن وقعوا عليه شرطا جزائياً قاسياً، هو أنه في حالة فشل الفيلم يتعهد كمال سليم بأن يخرج خمسة أفلام مجاناً، لحساب ستديو مصر، كتعويض عن الخسارة التي سيتعرض لها الاستديو جراء إنتاج الفيلم، كما اشترطوا عليه أيضا تغيير اسمه الى «العزيمة» بدلاً من اسم «الحارة».. ولعلها كانت فاتحة خير على كمال سليم، كما سنعرف في السطور التالية. عندما علم كمال سليم بتفاصيل الشرط الجزائي، لم يتردد في الرد.. بل أعلن موافقته على الفور على توقيع العقد. وبالفعل.. لم تمض أيام قليلة حتى وقع العقد وبدأ في توزيع الأدوار، وتوقيع العقود مع أبطال الفيلم، ومن بينهم فاطمة رشدي التي تقاضت أكبر أجر دفع لممثلة أولى في ذلك الوقت، وهو مبلغ مئة وستين جنيهاً. ووقع الاختيار في البداية على العملاق محمود المليجي للقيام بدور البطولة، لكنه اعتذر لارتباطه بالعمل يومياً في فرقة يوسف وهبي المسرحية، فاستعان المخرج الذي لا ييأس، بالنجم حسين صدقي بدلاً منه، وتقاضى نصف أجر فاطمة رشدي وهو ثمانون جنيها، يليه في قيمة الأجر عملاق آخر، هو زكي رستم، الذي تقاضى خمسين جنيها، بينما تقاضى عبدالعزيز خليل خمسة وأربعين جنيهاً، وماري منيب خمسة وعشرين جنيهاً، وكل من أنور وجدي وعباس فارس وحكمت فهمي، عشرين جنيهاً، وعبدالسلام النابلسي خمسة جنيهات.. نعم خمسة جنيهات! ولم يتقاض كمال سليم أجراً نظير إخراجه وتأليفه، سوى راتبه الشهري من الاستديو، وكذلك الفنيون الذين لم يتقاضوا سوى رواتبهم، أيضاً باعتبارهم موظفين في الاستديو.أول فيلم واقعي وخرج الى النور فيلم «العزيمة»، ليصبح أول فيلم مصري واقعي من صميم الحياة، يرى فيه الشعب المصري سماته وملامحه، وعاداته وتقاليده، حيث يعكس مشاكله وآماله، وأفراحه وأحزانه، نرى فيه العلاقة الإنسانية التي تسود بين أهل الحارة المصرية، وكيف يكونون يدا واحدة، وقلباً واحداً في الملمات والأزمات والمسرات، ومعه يصبح كمال سليم «رائد» السينما الواقعية في تاريخ السينما المصرية. لقد حقق فيلم العزيمة عند عرضه عام 1939 إيرادات خيالية، وصادف نجاحاً جماهيرياً وفنياً فاق كل كل التقديرات، واستمر عرضه 38 اسبوعاً في دار سينما ستديو مصر في القاهرة، كما حقق عائداً اقتصادياً وثقافياً، كعلامات واضحة في تاريخ الفيلم المصري. وإذا كان الناقد الفرنسي، جورج سادول، قد اعتبر «العزيمة» من بين روائع السينما العالمية المئة في هذه المرحلة، فإن استاذ الدراما بالقسم الإنكليزي بكلية آداب القاهرة في ذلك الوقت، مستر كليف، قد أبدى رأيه بعد مشاهدة الفيلم وقال: إذا أردتم أن تكتبوا تاريخ السينما المصرية فلتكن البداية الحقيقية بفيلم «العزيمة». وهي بالفعل عزيمة المخرج الكبير، كمال سليم، الذي دون اسمه بحروف من نور في تاريخ السينما المصرية، وأصبح واحداً من أهم روادها وصناع مجدها. مشهد من فيلم «العزيمة»

مشاركة :