«الجزيرة».. خنجر قطر المغروس في خاصرة العرب

  • 6/19/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

تزايد اهتمام قطر بالإعلام في أعقاب الانقلاب الذي قام به الشيخ حمد بن خليفة آل ثانٍ على والده الشيخ خليفة الذي كان حكم البلاد منذ عام 1972، فكان أول قرارات الأمير الأب حمد التي اتخذها على مستوى الدولة آنذاك، إغلاق وزارة الإعلام بحجة أن الحكومة لا ينبغي أن تملك أو تدير وسائل الإعلام، كما قال حينها وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم، الذي صار فيما بعد نجم المرحلة السياسية للأمير «الأب».ويبدو أن قرار الأمير الجديد حينها كان مجرد «مناورة» حيث لم تحرر أي وسيلة إعلامية حكومية، بل وسّعت حكومة قطر دائرة سلطاتها وتحديداً وزارة الخارجية، التي عظم دورها وكلفت بإدارة وكالة الأنباء القطرية، ومنحت رخصة جديدة لإصدار صحيفة «الوطن» وكذلك رخصة لمحطة تلفزيونية جديدة أطلق عليها «الجزيرة».اللافت أن وزارة الخارجية هي أيضاً من قامت بإدارة عدد من الوسائل الإعلامية المملوكة كلياً أو جزئياً في الخارج من بينها صحيفة «القدس العربي» ومجلة «الشاهد» اللبنانيتان.ويروى الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي العديد من التفاصيل عن ملف الإعلام القطري وقناة الجزيرة على وجه الخصوص، في كتابه الذي يحمل عنوان «الإعلام العربي وقضايا الإرهاب» وكيف استخدم النظام القطري قناة «الجزيرة» كمنصة إعلامية لمهاجمة وتشويه أشقائها، مع الخلاف الحاد مع مملكة البحرين على خلفية جزيرة «حوار» التي كادت تبلغ مرحلة الصدام العسكري فقد استخدمت قطر سلاحها الجديد للتشهير بالبحرين.ارتبطت قناة «الجزيرة» بوظيفتها الإعلامية بالأهداف السياسية للأسرة الحاكمة القطرية، والتي ظهر جليا أنها تريد أن تلعب دورا في المنطقة حيث سخرتها منذ نشأتها في عام 1996 لتصفية حساباتها مع المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين والمملكة الأردنية ومؤخراً مع الإمارات العربية المتحدة، كما تخوض القناة التي سارت إحدى أدوات النفوذ القطري بالخارج معارك بالنيابة كما هو حادث مع تحالف سوريا وإيران وحزب الله وحماس.معارك قطر ضد أشقائها طالت الجارة الكبرى المملكة العربية السعودية على خلفية الخلاف الحدودي حيث أطلقت قطر قناتها «الجزيرة» لشن حملة دعائية ضد المملكة وانتهت آنذاك بواسطة مصرية في المدينة المنورة حيث نجح الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في الجمع بين العاهل السعودي الملك فهد والأمير حمد وعلى الرغم من نجاح الوساطة المصرية استمرت قطر في استخدام ذراعها الإعلامية «الجزيرة» بشكل مكثف واستضافة المعارضة السعودية على شاشاتها وروجت لها.لم تتوقف قطر عن مهاجمة السعودية، حيث ذهبت إلى تقليب الرأي العام ضد المملكة على خلفية الوجود العسكري الأمريكي المؤقت في السعودية أثناء عملية تحرير الكويت، وما إن اضطرت المملكة العربية السعودية من إبعاد القوات الأمريكية، كانت المفاجأة للجميع أن القوات الأمريكية ذهبت إلى العديد في قطر نفسها مع مضاعفة الولايات المتحدة الأمريكية لقواتها وبناء أكبر قاعدة عسكرية على أرض قطر، وهنا لم تستطيع «الجزيرة» انتقاد قطر أو تشير من قريب أو بعيد أن قاعدة العديد أصبحت رسمياً هي قاعدة المنطقة الوسطى الأمريكية، وهو ما يوضح بشكل جلي أن الحكومة القطرية كانت غير راغبة في التقارب العسكري السعودي- الأمريكي، وحين فتحت قطر أول مكتب ل «إسرائيل» في الدوحة للتمثيل التجاري لم تتعرض «الجزيرة» بالنقد للخطوة التي أقدمت عليها قطر وذهبت تقلب الرأي العام ضد الدول التي أقامت علاقات مع «إسرائيل» ومنها مصر والمملكة الأردنية.الترويج ل«إسرائيل»علاقة «الجزيرة» ب«إسرائيل» لم تتوقف عند حد تجاهلها لتطبيع الدوحة، بل انفتحت القناة خارجياً واستضافت في برامجها عدداً كبيراً من الخبراء والمحللين والساسة من جميع أنحاء العالم وينتمي بعضهم إلى «إسرائيل» عربا كانوا أم يهودا معبرين عن الحكومة «الإسرائيلية» أو معارضين لها وهو ما أثار جدلا حول الأهداف الحقيقية للقناة وطبيعة توجهاتها. من الناحية الرسمية وقد تعرضت القناة لعداء معظم الحكومات العربية واتهمت بتشجيع المعارضة والإساءة إلى الحكام والقادة ما دفع بعض الحكومات إلى التعرض لبعض مكاتب «الجزيرة» في عدد من العواصم العربية إلى الإغلاق المؤقت بتهمة بث أخبار مغرضة أو غير صحيحة.تبنت «الجزيرة» موقفاً واضحاً لصالح جبهة الرفض بقيادة سوريا ضد مشروع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بإقامة دولة فلسطينية في أعقاب مفاوضات مدريد وكذلك اتفاق أوسلو، فهي من أفشلت إلى حد كبير مشروع عرفات الذي عُرف في البداية باسم «غزة أريحا» أولاً والذي أعاد عمليا الفلسطينيين لأول مرة من المنفى إلى بلدهم المحتل فلسطين.واللافت أن «الجزيرة» لعبت دورا إلى جانب صدام حسين الرئيس العراقي لا سيما بعد هزيمته في حرب تحرير الكويت حيث لم يعد لصدام أي أسلحة إعلامية بالخارج ومنعت معظم الدول العربية وسائل إعلامها من الترويج لسياسة صدام حسين تحولت «الجزيرة» إلى النافذة الوحيدة المفتوحة للترويج للمعركة الكلامية لصدام ونظامه، حيث اتضح لاحقا أن حكومة قطر لا تمانع في ممارسة الجزيرة لهذا الدور، وقد تكشف فيما بعد أن عدداً من الإعلاميين البعثيين والأصوليين المتطرفين قد انضموا إليها خلال تلك الحقبة. وبعد سقوط بغداد ظهر من خلال الوثائق العراقية الرسمية تورط عدد كبير من مديري المحطة في علاقات مع نظام صدام مالياً وسياسياً.بوق لقادة الإرهاب الدوليتحولت «الجزيرة» إلى بوق لقادة الإرهاب في العالم، ففي الوقت الذي اتهمت فيه الولايات المتحدة الأمريكية تنظيم القاعدة بارتكاب حادث 11 سبتمبر 2001 ووجهت أصابع الاتهام لزعيم «القاعدة» أسامة بن لادن سارعت «الجزيرة» بعرض تصريح ل«بن لادن» في 16 سبتمبر لنفي الاتهام الأمريكي، ويؤكد أنه لم يقم بتلك العملية التي قد يكون لجماعة لهم أهدافهم الخاصة بهم وراء العملية، رغم اعتراف ابن لادن فيما بعد مسؤوليته عن الحادث من خلال عثور الولايات المتحدة على تسجيل مصور في أحد البيوت التي هدمت في جلال أباد في نوفمبر 2001 حيث يظهر ابن لادن وهو يتحدث إلى خالد بن عودة بن محمد الحربي عن التخطيط للعملية. وكان هذا هو الموقف الثابت طوال ارتكاب القاعدة للعمليات الإرهابية تقدم نفياً عن اتهام التنظيم عبر فيديوهات أو تسجيلات صوتية، ما يثير الشك والريبة حول مدى علاقة «الجزيرة» بتنظيم «القاعدة».بينما في حادث تفجيرات طابا والتي وقعت عام 2004 لم يحظ الحادث الإرهابي باهتمام من جانب «الجزيرة» سوى حلقة واحدة وذلك عبر برنامج «منبر الجزيرة» وركزت على القتلى «الإسرائيليين» في إشارة تسهم في تحويل المسار بعيداً عن مجراه الحقيقي وهكذا في سائر العمليات الإرهابية التي كانت دائما ما تستخدم رسالتها الإعلامية في خدمة أهداف حكومة قطر.ووفق كتاب الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي فإن قناة «الجزيرة» انحازت انحيازا واضحا من خلال رسالتها الإعلامية إلى التيارات المتشددة والمتطرفة وواصلت القناة انحيازاتها نحو تلك القيادات عندما صعدت إلى سدة الحكم في مصر وتونس فمنحت مساحات واسعة لقادة تلك الجماعة وخاصة تنظيم جماعة «الإخوان» وتحولت إلى محرك رئيسي لمشاعر المصريين والتونسيين والليبيين وكذلك في سوريا.ونصبت «الجزيرة» العداء لثورة 30 يونيو 2013 من منطلق علاقاتها بتنظيم جماعة «الإخوان» وراحت تروج لأخبار مكذوبة عن عدد ضحايا فض اعتصامي رابعة والنهضة ووصفت ما حدث من ثورة شعبية على أنه انقلاب عسكري وذلك وفق خطة ممنهجة حاولت النيل من الدولة المصرية وما ذهب إليه الشعب المصري من الإطاحة بحكم «الإخوان».

مشاركة :