أعلنت موسكو تعليق تعاونها مع واشنطن حول منع الحوادث الجوية في سوريا غداة إسقاط واشنطن لطائرة حربية سورية في محافظة الرقة في شمال البلاد، في تطور غير مسبوق في النزاع المستمر منذ ست سنوات. وتزامن هذا التصعيد المفاجئ مع إطلاق إيران من أراضيها للمرة الأولى صواريخ بالسيتية ضد مواقع للإرهابيين في سوريا. ومن شأن هذين الحادثين المفاجئين أن يزيدا من تعقيدات النزاع، ويأتيان في وقت تخوض قوات سوريا الديمقراطية (تحالف فصائل عربية وكردية)، معارك لطرد تنظيم «داعش» من مدينة الرقة، معقله الأبرز في سوريا. واعتبرت موسكو، أحد أبرز حلفاء دمشق إلى جانب إيران، إسقاط الطائرة السورية، «عملا عدوانيا». وعلّقت موسكو إثر الحادث قناة الاتصال التي أقامتها مع البنتاجون في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، لمنع حوادث اصطدام في الأجواء السورية. واتهمت واشنطن بعدم «إبلاغها» بأنها ستسقط المقاتلة السورية، وطالبتها «بتحقيق معمق» في سلوك عسكرييها خلال هذا الحادث. وفي وقت لاحق أعلن رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي الجنرال جو دانفورد، أن بلاده ستعمل على «المستويين الدبلوماسي والعسكري خلال الساعات المقبلة»، لإعادة قناة الاتصال هذه. وهي ليست المرة الأولى التي تتخذ روسيا خطوة من هذا النوع، إذ كانت علقت قناة التواصل مؤقتا بعد الضربة الأمريكية على قاعدة عسكرية للجيش السوري في أبريل/ نيسان. وفي مؤشر على تصعيد إضافي محتمل، أكدت موسكو، أنه «ستتم مراقبة مسار الطائرات والطائرات المسيرة التابعة للتحالف الدولي التي ترصد غرب الفرات، وستعتبرها المضادات والقوة الجوية أهدافا». وحقق الجيش السوري خلال الفترة الماضية بدعم من الطيران الروسي تقدما ضد الإرهابيين غرب الفرات امتد من محافظة حلب إلى الرقة المحاذية. وأسقط التحالف الدولي مساء الأحد، وفق ما أعلن في بيان، طائرة مقاتلة سورية من طراز «سوخوي 22»، بعد إلقائها «قنابل بالقرب من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية جنوب الطبقة» في ريف الرقة الجنوبي الغربي. وجاء إسقاط الطائرة، بحسب التحالف، بعد ساعتين على هجوم مقاتلين موالين للنظام السوري على مواقع لقوات سوريا الديمقراطية في بلدة أخرى جنوب غرب الرقة، ما أدى إلى إصابة عناصر من تلك القوات وخروجها من البلدة. وأكد التحالف، أن إسقاطه للطائرة السورية جاء «وفقا لقواعد الاشتباك والحق في الدفاع». وكان الجيش السوري سبق التحالف بالإعلان أن طيران الأخير استهدف «إحدى طائراتنا المقاتلة في منطقة الرصافة بريف الرقة الجنوبي أثناء تنفيذها مهمة قتالية ضد تنظيم داعش الإرهابي»، مشيرا إلى فقدان الطيار. وبحسب وزارة الدفاع الروسية، فإن الطيار قفز من الطائرة فوق مناطق سيطرة تنظيم «داعش»، «ومصيره غير معروف».استفزاز وتصعيد .. وتعد حادثة إسقاط الطائرة الحربية آخر وأخطر المناوشات بين التحالف الدولي والجيش السوري. ويدعم التحالف الدولي قوات سوريا الديمقراطية في الحملة العسكرية المستمرة منذ سبعة أشهر لطرد تنظيم «داعش» من الرقة. وتمكنت تلك القوات من السيطرة على مناطق واسعة شمال وغرب وشرق المدينة قبل دخولها إليها في السادس من الشهر الحالي والسيطرة على أحياء عدة. وبقي الجيش السوري لفترة طويلة بمنأى عن محافظة الرقة، ودخلها أخيرا الشهر الحالي وسيطر على مناطق واسعة في ريفها الغربي وجنوبها الغربي بعد معارك مع الإرهابيين إلى أن وصل إلى مناطق تماس مع قوات سوريا الديمقراطية. ويقول خبراء، إن الجيش السوري يهدف في الواقع إلى استعادة محافظة دير الزور المحاذية للرقة في شرق البلاد، والتي تقع بمعظمها تحت سيطرة الإرهابيين. ويسعى إلى دخولها من ثلاث جهات، جنوب الرقة ومنطقة البادية (وسط)، فضلا عن المنطقة الحدودية جنوبا. إلا أن تقدم الجيش السوري في هذه الجبهات الثلاث خلق توترا مع التحالف الدولي الذي يدرب أيضا فصائل سورية معارضة لمحاربة الإرهابيين في منطقة التنف القريبة من الحدود العراقية والأردنية. وخلال الأسابيع الماضية، استهدف التحالف الدولي قوات النظام التي كانت تتقدم أكثر باتجاه التنف. وعادة يقول التحالف، إنه يرد دفاعا عن قواته، مؤكدا أنه لا يريد الدخول في مواجهة مع قوات النظام. ويرى سام هيلر، الخبير في الشؤون السورية في مؤسسة «سانتشري» للدراسات، أنه لا يبدو أن أيا من الطرفين يريد التصعيد. ويقول، «أعتقد أن النظام عمد إلى الاستفزاز، ورد ضابط أمريكي بالدفاع عن النفس»، مضيفا، «لا يبدو أن أحدا أراد التصعيد عن قصد، ولكن حين تكون هناك مناوشات بهذا الشكل، هناك خطر بأن تنتهي بتصعيد مفاجئ».صواريخ طهران .. واندلعت إثر حادثة إسقاط الطائرة اشتباكات غير مسبوقة بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري قرب بلدة الرصافة جنوب الرقة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن توقفها لاحقا. وأكد المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو في بيان، «استمرار النظام في هجومه على مواقعنا في محافظة الرقة سيضطرنا إلى الرد بالمثل واستخدام حقنا المشروع بالدفاع عن قواتنا». وطرد الجيش السوري لاحقا الإرهابيين من الرصافة التي تقع على طريق رئيسي يؤدي إلى محافظة دير الزور وقرب حقول غاز ونفط مهمة. وبالتزامن مع هذا التصعيد، أعلنت طهران الأحد، أنها أطلقت صواريخ بالستية من أراضيها ضد «قواعد الإرهابيين» في دير الزور، ودمرتها «بنجاح». وهي المرة الأولى التي تطلق فيها إيران صواريخ خارج حدودها منذ ثلاثين عاما، أي منذ الحرب الإيرانية-العراقية (1980-1988). وأعلن الحرس الثوري الإيراني، أن هذا يأتي «ردا» على الاعتداءات التي تبناها تنظيم «داعش» في طهران وأوقعت 17 قتيلا.أخبار ذات صلةالاتحاد الأوروبي يوافق على فرض عقوبات على المتسللين عبر الإنترنت«الجزيرة» السعودية: قطر.. ما خفي كان أعظم!! ترامب يرسل اثنين من كبار مساعديه إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية
مشاركة :