الشارقة: ميرفت الخطيبتحت عنوان «توظيف الدراما في خدمة القضايا المجتمعية والوطنية والإنسانية»، نظّم المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، بالتعاون مع جريدة «الخليج»، مجلساً رمضانياً ضم لفيفاً من الأدباء والمختصين الاجتماعيين إلى جوار مجموعة من الفنانين، ودارت محاور الجلسة بين الأعمال الدرامية ومواءمتها مع الواقع الحقيقي للمجتمع بقضاياه ومشاكله ولسان حاله. وأبدى المشاركون أسفهم عن عدم استكمال جزء ثان من العمل الإماراتي «خيانة وطن» والذي عرض العام الماضي وهو من تمثيل الدكتور حبيب غلوم، ونخبة من الممثلين الإماراتيين والخليجيين، عن قصة حمد الحمادي، وسيناريو وحوار إسماعيل عبد الله، ومن إخراج أحمد يعقوب المقلة.كما تطرّقوا إلى الصورة النمطية للمرأة والنهايات الحزينة في الدراما المحلية، وأكدوا ضرورة أن تكون المسلسلات مأخوذة من قصص الكتّاب والأدباء كي تكون صادقة، وعدم فتح المجال أمام الدراما التركية لاكتساح شاشاتنا المحلية. أكد غلوم مدير الإدارة الثقافية بوزارة الثقافة وتنمية المجتمع، أهمية ودور الفن في طرح القضايا الوطنية والاجتماعية بصورة واقعية، متمنياً أن يوضع هذا الدور في الصدارة والأهمية، ومعالجة تلك القضايا بشكل تقني مهاري ومهني. وقال: «لذلك نستمر في دورنا الذي نقدمه من خلال الدراما المحلية والإنتاج الهادف، والدليل على صحة هذا الأمر النجاح الذي تكلل لمسلسل «خيانة وطن» والذي يعد منتجاً وطنياً يتناول ويتحدث في المجال الوطني». ورأى أن الأعمال الوطنية ليست بالهينة بل فيها صعوبة كبيرة، ويوجد خطوط حمر للخوض في هذا النوع من المسلسلات مثل الموافقات الأمنية وما شابه، ولكن بعد عمل «خيانة وطن» أصبحنا ندقق أكثر لتقديم صورة مشرفة عن قضايانا.ونوه غلوم بأنه خلال ختام أيام الشارقة المسرحية الأخيرة، وعند لقاء صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أشار سموه إلى وجود قصور في تلفزيون الشارقة، وأعطى أوامره بإنتاج أعمال درامية، ونحن نتوقع أن نراها العام المقبل إن شاء الله، كما أعلن صاحب السمو حاكم الشارقة بأنه في نهاية أيام الشارقة المسرحية سيكون هناك أكاديمية الفنون، ونحن نشكر سموه على دعمه للثقافة والفنون. سعادة وأملورأت صالحة غابش، مديرة المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، أن الفنون الدرامية والمسرحية من أكثر الأنشطة الإنسانية التي تلفت انتباه متلقيها وتبهره، مما يجعل القائمين عليها من مخرجين ومنتجين وممثلين وغيرهم يتحمّلون مسؤولية تنوير المجتمع وتوعيته بالقضايا والمشكلات التي تواجهه. وكثير من هذه الأعمال تتناول الموضوعات بشكل جيد ولكن ينقصها الرجوع إلى أهل الاختصاص في المعالجة، كما يحدث للأعمال التاريخية لخطورة انعكاس النتائج السلبية على الفئات المستهدفة من المشاهدين. كما أشارت إلى أن هناك من المشاهد الاجتماعية غير المقبولة والتي تعكس صورة مشوّهة عن المجتمعات، مثل مشاهد ضرب المرأة واستخدام وسائل العنف ضدها في أكثر من عمل، يسهم في إقناع المجتمع بأنه مضطهد لها باستمرار وهذا يخالف الواقع. ولفتت الانتباه إلى أن الأحزان والنكد مصابة بهما أعمالنا بالرغم من أن السعادة وجه جميل في حياتنا ومجتمعنا بفضل الله وتعالى، مما يخلي الأعمال الدرامية من تفاؤل واستبشار بأن الآتي أفضل بإذن الله، فعلينا أن نسدل النهاية في بعض الأعمال بالسعادة والتفاؤل والأمل، وتلك هي القيم الجميلة التي نحن أحوج إليها في هذه الظروف التي تحيط أمتنا ومجتمعاتنا.وتمنّت من القائمين على الدراما المحلية أن يستعينوا بالقضايا الإنسانية الموجودة في ملفات الجمعيات والمؤسسات المعنية بالأسرة كي يتم الاختيار منها وبناء الشكل الفني على تفاصيلها، كي تواكب الدراما الشأن المحلي وتخلع الصورة النمطية للمجتمع والمرأة في بعض المسلسلات. الفن الحقيقيوقالت الكاتبة أسماء الزرعوني: إن الفن رسالة والكاتب الذي يكتب يجب أن يكون لديه رسالة تحاكي الناس. وأردفت: لسنوات طويلة كانت صورة المرأة بالدراما هي واحدة، إلى أن جاء مسلسل «خيانة وطن» الذي شعرنا معه بالفن الحقيقي ورسالته الحقيقية، ولكني كنت أتوقع أن يتعلم بقية المخرجين من هذا العمل وأن يكملوا بهذا الاتجاه، خاصة أن إجماعاً من الجمهور والجميع كان في صفه، أنتم مسكتم الطريق فلماذا تركتموها ورجعتم إلى الأعمال الممجوجة والمسلسلات الدرامية المدبلجة والتركية، التي تكتسح مسلسلاتنا، وأيضا اللجوء إلى مخرجين من الخارج؟وتساءلت: إذا كان الممثلون والمخرجون قرأوا أية قصة من قصص الأدباء الإماراتيين.وعقبت بالقول إن الدراما المحلية يجب أن تكون من بيئتها، ومن يكتبها من هذه البيئة، ليكون العمل صادقاً وموائماً للبيئة والمجتمع. أقرب للناسأكدت المخرجة خالدة مجيد، أنه يجب أن نحترم المجتمع، ونحترم ما نقدم له من قضايا ومشاهدات على الشاشة، والدراما هي الركن الأساسي في هذا المجال والتي استطاعت أن تغير القوانين في دول كثيرة، كما غيرت نهج فئات كثيرة من المجتمعات، وبالتالي تنجح عندما تكون أقرب إلى الناس. وبالنسبة للمسرح قالت: لا يستحق أن يطلق عليه اسم مسرح ما لم يعتمد على قضايا الإنسان، والمقولة التي نعتمد عليها هي: يبقى المسرح حيثما بقيت الحياة، مؤكدة أهميته في تكوين حضارة الشعوب، والشعوب التي ليس فيها مسرح، لا تستطيع أن تكتب حضارتها. وتناولت تجربة الشارقة في إنشاء مسرح العائلة والذي وضعت أهدافه واستراتيجيته، بدعم من حرم صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، من أجل تربية الجيل ليكون صالحاً وقيادياً في المستقبل، ومن خلال التجربة المسرحية استطعنا تحقيق الكثير من الأهداف، وحققنا أكبر نسب من المشاهدة والحضور حين ذهبنا إلى المستهدف بأنفسنا، وشخّصنا المشكلة وصغناها بشكل درامي وعرض مسرحي متكامل، وخاصة مسرحية «بيت العنكبوت» وهي من تأليف الأديبة صالحة غابش وإخراجي وألحان ليلى أبو ذكري، والتي ذهبنا بها إلى المدارس وطرحنا موضوع خطورة تعاطي حبوب الترامادول، وغيرها من الأعمال الإنسانية تجاه المؤسسات الصحية والاجتماعية.الربح والترويجوقال الممثل سيف الغانم: الفن لم يعد رسالة وإنما تجارة هدفها الربح المادي والترويج أحياناً لأشياء أو معتقدات غريبة عنا. ونحن نعاني تلاعب المنتج والمخرج في القصة وتحويلها إلى رؤية تجارية لتكون ممجوجة خالية من المضمون. وتناول نقطة أخرى وهي البعد المادي، معلقاً: في السابق لم أكن أهتم بالمردود المادي بل حتى لم أطالب به لأنه كان بسيطاً، وكان لدينا أمل كبير أن تتغير الأحوال إلى الأفضل، وتتحوّل الدراما إلى واقعية تعالج قضايا آنية، ولكن المنتج أصبح هو صاحب القرار في اختيار الممثل وأيضاً يقرر حجم الدور ومدته، وبمعنى آخر تحوّلت عملية الدراما إلى معارف وصحوبيات. توظيف الدراماترى الإعلامية حليمة الملا أن توظيف الدراما في خدمة القضايا المجتمعية والوطنية والإنسانية هو التأثير في تشكيل الرأي العام، والدليل، اتفاق الجميع على نجاح مسلسل «خيانة وطن» لما فيه من تغيير المفاهيم الخاطئة والرأي العام الذي كانوا يتخبطون فيه بين الحق والواقع، وبالتالي كان يجب علينا أن نأخذ هذا العمل كنموذج وأن يستثمره الفنانون ويعملوا له تكملة.وتعقيباً على ما سبق أجاب الدكتور حبيب غلوم منتج وممثل في «خيانة وطن»: تكمن الإشكالية استمرارية العمل الناجح في عدم وجود موارد إنتاج، ولكن مع ذلك نحن جهزنا عملاً بعنوان «أمانة وطن»، وفيه نتكلم عن شهدائنا وجنودنا وعن الخدمة الوطنية، وإن كان متوقعاً تقديم تلفزيون أبوظبي، الذي عرض المسلسل، عملاً ثانياً مماثلاً.أما الممثلة آلاء فتطرقت في مداخلتها إلى عدم إقبال الإماراتية على العمل الدرامي، بل وابتعادها عن التمثيل على الرغم من ضرورة مشاركتها أسوة بالمضامين التي عملت فيها ونجحت، حتى لا يكون وجودها في الدراما كسلعة.
مشاركة :