حادث الاعتداء على مصلين بالقرب من مسجد لندني يدخل طور التحقيقات، بينما يحتدم الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي حول مدى نزاهة تغطية الإعلام الغربي، والبريطاني خصوصاً الذي نالته انتقادات المغردين. كشفت صحف بريطانية اليوم الثلاثاء (20 حزيران/يونيو 2017) اسم المشتبه به في عملية الدهس التي استهدفت مصلين قرب مسجد فينسبري بارك في شمال لندن وأسفرت عن قتيل وعشرة جرحى. ويُدعى دران أ. وعمره 47 عاماً وهو أب لأربعة أولاد. وحسب شهود عيان هتف الرجل عند تنفيذه للهجوم: "أريد قتل كل المسلمين". وقام مدنيون بالسيطرة على سائق الشاحنة إلى حين وصول الشرطة التي اعتقلته وأوقفته لاحقاً بتهمة "تخطيط وتنفيذ عمل إرهابي يتضمن القتل ومحاولة القتل". وقام المحققون بمداهمة منزل في كارديف عاصمة ويلز يملكه منفذ الهجوم دارن، بحسب ما كشف الإعلام المحلي. مدح للحكومة ونقد للإعلام ردود الفعل السريعة من قبل الحكومة البريطانية دفعت د. حافظ الكرمي، مدير "مركز ماي فير الإسلامي" في لندن، في حديث مع DWعربية للثناء على"أداء" الحكومة حيث قال إنها صنفت الحادث بدون مواربة على أنه "عمل إرهابي". ويقول الكرمي بأنه كان من بين الحاضرين لدى زيارة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وزعيم حزب العمال المعارض، جيرمي كوربين، ومفوض الشرطة لمسجد فينسبري بارك أمس. وحسب كلام الكرمي بلغوا الجالية المسلمة رسالة واضحة بأنها "غير مستهدفة". وغير أن البعض في موقع الدهس اشتكى من أن الشرطة استغرقت وقتاً طويلاً للوصول. وقال أحد شهود العيان لشبكة "بي بي سي" إنه ثبت المشتبه به لمدة تتراوح بين 20 إلى 30 دقيقة قبل وصول الشرطة. ولكن الشرطة أشارت إلى أنها استجابت "فوراً" حيث كان بعض العناصر في مكان مجاور فيما وصل عدد إضافي في غضون عشرة دقائق. هذا فيما وجه البعض سهام نقده للإعلام البريطاني. كتب أحدهم أنه لو حدث الهجوم على كنيسة عندها ستصاب وسائل الإعلام بالجنون: وبالمثل انتقد الكرمي وبشدة "ازدواجية المعايير في الإعلامي اليميني البريطاني" مضيفاً: "في البداية أهمل الإعلام الهجوم وكأنه حادث سير عادي. ثم بعد ما تبين أنه هجوم إرهابي، أخذ يربط بين المسجد وأبو حمزة وأن المسجد يخرج إرهابيين". وحمل الكرمي بشدة على تغطية الـ"بي بي سي" للهجوم. ولم يوفر مغرد آخر وسائل إعلام بريطانية أخرى من النقد وتساءل: "هل قادت الشاحنة نفسها بنفسها؟ أم الشاحنة هي اسم لذكر أبيض اللون قاد الشاحنة" مستغرباً فيما يبدو من عدم ذكر جنسية ولون بشرة وربما دين من يقودها! تغطية الإعلام الألماني والفرنسي "موضوعية" لم يرصد الدكتور عبد الحكيم أورغي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية في "جامعة فرايبورغ للدراسات التربوية" الألمانية، من خلال متابعته للإعلامين الألماني والفرنسي "أي معايير مزدوجة، بل كانت ولا تزال التغطية موضوعية وتم اعتبار الحادث عملاً إرهابياً". وذهبت إحدى المغردات باتجاه ليس بعيداً عما ذهب إليه أورغي. فقد قالت إنه ليس بوسع وسائل الإعلام تسمية حادث بأنه إرهابي حتى تقوم السلطات بدعوته بذلك: "دور الضحية"؟ يشدد الدكتور عبد الحكيم أورغي في حديث مع DWعربية على وجوب "ألا يرى المسلمون أنفسهم الضحايا دائماً". وكذلك كتبت إحدى مستخدمات توتير أن المسلمين يتشوقون لتصوير "أنفسهم على أنهم هم كضحايا". ويلقي أورغي باللائمة على تنظيم "الدولة الإسلامية" واستهدافه للمدن الأوروبية: "فهو جعل الغرب ينظر إلينا على أننا إرهابيين. وقد نجح في تمرير خطابه ذلك". أما إحدى المغردات فقد أنحت باللائمة على "إمبراطورية مردوخ الإعلامية". وكانت صحيفة "صن" قد عنونت في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 "استطلاعا صادما: واحد من كل خمسة مسلمين بريطانيين يتعاطفون مع الجهاديين". وقالت منظمة لرقابة الصحافة البريطانية في وقت لاحق أن العنوان "مضلل جداً" بشأن استطلاع الرأي المعني. "كيل بمكيالين" يعتبر الدكتور حافظ الكرمي، والذي عمل سابقاً أستاذاً للدراسات الإسلامية في جامعة لندن، المعيار الأساسي لتصنيف عمل على بأنه إرهابي هو وجود "خلفية عنصرية أو ثقافية أو أيديولوجية للمهاجم". هذا فيما يرى الدكتور عبد الحكيم أورغي أن "أي عمل يستعمل العنف كأداة عملاً إرهابياً. هذا هو معيارنا في الغرب". ويعتقد الكرمي أن "الكيل بمكيالين" إعلامياً أو حتى حكومياً سيؤسس لثقافة العزلة وعدم الانتماء لدى الجاليات العربية والمسلمة والمهاجرة بشكل عام. وقد يقود بدوره للعنف وخلخلة نسيج المجتمع البريطاني والمجتمعات الغربية، على حد تعبيره. غير أن أورغي يرى على خلاف ذلك أن "الانعزال عن المجتمع الغربي هو قرار فرداني داخلي أكثر منه قرار بفعل عوامل خارجية". ويقول فايز موغال، مؤسس مجموعة "تيل ماما" التي تحصي الحالات والأحداث المعادية للمسلمين، إن الكراهية التي يبدو أنها كانت دافع دران أ. على ارتكاب فعلته لم تأت من فراغ. والعامل الأكبر الذي يشعل المشاعر المعادية للإسلام هو العنف الذي يقدم عليه مسلمون متطرفون. ويضيف لوكالة فرانس برس "من المؤسف أنه عند وقوع أي حادث كبير، تخرج الصحف بعناوين ومقالات يسمح فيها لكتابها بأن ينفثوا كلاماً هو الأكثر إثارة واستفزازا لمجرد زيادة مبيعات الصحف". ويوافق الخبير في مكافحة الارهاب في معهد الخدمات الملكية المشتركة رافائيلو بانتوتشي على فكرة انتشار "الخطاب السام" على مواقع اليمين المتطرف ووصوله إلى الإعلام العادي والخطاب السياسي. "ذئب منفرد أم إرهابي" أفادت شرطة لندن (اسكتلند يارد) أن المشتبه به، دران أ.، "موقوف بتهمة الإرهاب"، معتبرة أنه "تصرف بمفرده"، لكنها لم تؤكد هويته. وأعلن وزير الدولة البريطاني للشؤون الأمنية، بن والاس، أنه "لم يكن معروفاً" من الأجهزة الأمنية. وقد وجه مغرد على تويتر نقده لصحيفة "التايمز" وشطب كلمة "ذئب منفرد عاطل عن العمل" واستبدلها بكلمة "إرهابي". ورداً على تغريدة لايفانكا ترامب قالت فيها "نرسل الحب والصلوات إلى ضحايا مسجد فينسبري بارك. علينا أن نقف متحدين ضد الكراهية والتطرف في جميع أشكاله البشعة"، كتب ناشط حقوقي قائلاً: "قولي ذلك لوالدك. صمته الانتقائي مطبق". خ.س/ م.س
مشاركة :