أجمع المتحدثون في جلسة «أخلاقيات مهنة الإعلام» التي أدارها الزميل الإعلامي علي عيسى، رئيس القسم الرياضي في «»، على أن «الجزيرة» تفوقت بأدائها المهني وسقف الحرية الذي تتمتع به على العديد من وسائل الإعلام الغربية، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الإعلام الغربي له فضل كبير على تطور الإعلام في الدول العربية، لكنه في الوقت نفسه إعلام محاصر «بالتابوهات» التي تقيّد حريته، حينما يتعلق الأمر بمصلحة الدول الغربية، في مقابل المساحة المطلقة التي يتخذها الإعلام الغربي لنفسه في مناقشة القضايا العربية».جاءت مداخلة الإعلامي القدير الأستاذ سعد الرميحي، موسومة بـ «أهم انتهاكات أخلاقيات مهنة الإعلام «حصار قطر نموذجاً»، صدّرها باستشهاده بمقولة حضرة صاحب السمو، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الخالدة بمناسبة انعقاد الدورة الـ 46 لمجلس الشورى: بقوله: «نحن بألف خير من دونها»، لينوّه الأستاذ الرميحي بأن المسيرة تمضي قدماً بفضل القيادة الحكيمة وبمباركة وتأييد الشعب القطري الأبي، ومن يقيم على هذه الأرض الطيبة، مغتنماً السانحة ليحيي فخر الأمة العربية وأحد رموزها وعروسها «قناة الجزيرة»، التي يراد لها أن تصمت وأن تخفق، لكنها تمضي من نجاح لآخر، مستذكراً مقولة أحد المناضلين الجزائريين: «لو لم تكن هناك قناة الجزيرة لكان العالم الآن أكثر بغياً وأكثر شراسة وأكثر عدوانية»، لكن هذه القناة هي التي استطاعت أن تكسر احتكار الإمبريالية العالمية للخبر المصور واستطاعت أن تكون صوتاً لكل الحركات. وحيى الرميحي حضور سعادة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، واصفاً إياه بالحكمة والتبصر القادر على إدارة الكثير من المشاكل، وأن يجمع الناس حواليه ولم ينفرهم، وأدى إلى استمرار هذه القناة من نجاح إلى نجاح. بالمقابل، أرسل عتاباً ودياً للإعلاميين القطريين، قائلاً: «كنت أتمنى من الإعلاميين القطريين الذين دعمهم القطاع الخاص أن يشرفوا على هذه الندوات والمؤتمرات». وأشار إلى أن الخليج مرّ بثلاث أزمات في تاريخه، أولاها حدثت في أكتوبر عام 1925 (سنة الطبعة)، حيث تعرضت أزيد من 750 سفينة في الخليج لرياح عاتية لمدة 45 دقيقة، حيث تم حصر الوفيات بحوالي 2500 شخص والمفقودين في 1200، وهي نكبة تعرضت لها دول الخليج قاطبة، وتلاها دخول المحار الصناعي مكان الطبيعي مما أدى إلى اختفاء الغوص على اللؤلؤ. ونوّه إلى أن الأزمة الثانية هي غزو العراق للكويت، حيث عانى الخليجيون كثيراً من ذلك، وبالحكمة والعقل والتبصر تم تجاوز المحنة، ليصل إلى الأزمة الثالثة والمتمثلة في حصار دولة قطر من قبل ثلاث دول بمجلس التعاون ودولة عربية أخرى يوم 5 يونيو 2017، معتبراً إياها أكثر وأكبر من الأزمتين السابقتين. وقال معلقاً على ذلك: «ما بني على باطل فهو باطل»، إذ إن كل إنسان باستطاعته أن يبيّن أخطاء زميله، ولا أحد معصوم من الخطأ، لكن أبشع صفة يتحلى بها المرء هي الكذب، معرباً عن أسفه للأخبار المكذوبة، إثر اختراق وقرصنة وكالة الأنباء القطرية، مشيراً إلى وجود «نية مبيتة.. وكل شيء كُشف». سقف حرية مفتوح وأكد الأستاذ الرميحي أن حرية الإعلام تستوجب سقف حرية مفتوح، منبهاً إلى أن الصحف الغربية مثلاً تقدم الخبر كيفما تشاء، لكن عندما تقدم المعلومة الخطأ، فإنه يتم جرها للقضاء، مشدداً على ضرورة تقديم المعلومة الصحيحة، معلناً في الآن ذاته رفضه لسجن الصحافيين بسبب حرية الرأي. كما أعرب عن تخوفه من تحول المؤسسات الإعلامية من مشروع إعلامي إلى مشروع سياسي، داعياً بهذا الخصوص قناة الجزيرة بالسير على نهجها الذي اختطته لنفسها منذ نشوئها. وطالب بضرورة وجود صحيفة قطرية حكومية تضم خريجي الإعلام، متمنياً ألا يتحول هؤلاء الخريجون إلى موظفين، بل إلى إعلاميين حقيقيين. من جانبه أكد الإعلامي توران كيسلاكي، مدير بيت الإعلاميين العرب بتركيا في مداخلته بعنوان «فارق سقف الحرية في الصحافة العربية والأجنبية»، أنه عندما عقد مقارنة بين حرية الصحافة في البلاد العربية والأجنبية، لاحظ عدداً من الفوارق، لافتاً إلى أن دولة قطر تفوقت كثيراً على الغرب في مجال حرية الإعلام (قناة الجزيرة نموذجاً). الصحافة في الغرب وأوضح أنه في القرن السادس عشر دخلت الصحافة في الغرب، بينما بدأت في عالمنا العربي في القرن التاسع عشر، وأول من أتى بها وعلمها العرب هم الغربيون. وأن نابوليون أثناء غزوه لمصر أنشأ صحيفة «le journal de France” وكانت تصدر بثلاث لغات: الإسبانية والعربية والفرنسية، واستعملت من أجل الدعاية، وفي أول عدد نشرت: «نابوليون أسلم»، وفي العدد الثاني: نابليون يقول إن المرشد الأعلى هو عمر رضي الله عنه، وفي العدد الذي تلاه: «نابليون.. سأنشر الشريعة في الغرب»، ثم العدد الرابع: «في السنوات المقبلة ستكون كل أوروبا مسلمة، وأنا مسلم أيضاً»، ليجد أن الهدف هو «البروباجندا»، ليأتي بعد ذلك محمد علي، وفي بداية القرن التاسع عشر في سوريا ولبنان ومصر، تراوح عدد الصحف اليومية بين 300 و400 صحيفة.. وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ ضمور حرية الصحافة مع صعود الدكتاتوريات وحكم العسكر. في المقابل، أشار توران كيلانكي إلى أن هامش الحرية في العالم الغربي أكبر، بسبب الجو الديمقراطي، إلا أنه في السنوات الأخيرة، عندما ازدادت العمليات الإرهابية تراجعت حرية الرأي والتعبير، وبدأ الضغط على الإعلام. الإعلام الغربي دعم «الجزيرة» أبدى ياسر أبوهلالة، مدير عام قناة الجزيرة الإخبارية، في مداخلته بعنوان «مستقبل حرية الإعلام» تحفظه على مصطلح «الغرب ونحن»، مشيراً إلى أن حرية الصحافة هي مكسب للإنسان، والغرب ساهم بجزء كبير في ذلك، والعرب مدينون للغرب باختراع الكاميرا والبث والإعلام التلفزيون، واختراع المطبعة، لافتاً إلى أن الغرب به سلبيات وإيجابيات، وعنصرية ونازية، لكن هو من وقف معنا كصحافة، حيث إن «الجزيرة» مدينة لدولة قطر التي احتضنتها منذ اليوم الأول ودفعت كلفة سياسية ومالية، والكلفة الأكبر هي أزمة الخليج التي دفعتها في سبيل حرية الإعلام. وأضاف: أعتقد أن الغرب وقف مع قطر ووقف معنا كـ «الجزيرة»، وما كنت أتوقع حجم التعاطف الغربي معنا والمبني على قناعات، حيث إن الطرف الآخر أكثر ثراء وأكثر نفوذاً في اللوبي، لكن عندما نتحدث عن الصحافة البريطانية والفرنسية والأميركية، فكلها كان موقفها حاسماً في الوقوف مع الجزيرة، بما في ذلك «اجتماع القرصنة» التي فضحتها «الواشنطن بوست» والذي كان في أبوظبي بوجود مسؤولين إماراتيين.. ومن هنا نتحدث عن مكتسبات إنسانية والجزيرة تستفيد من هذه المكتسبات، لافتاً إلى أن هذه القناة لا يديرها ملائكة، فهي تخطئ وتصيب، لكنها تقدم إعلاماً هو الأفضل على المستوى العربي وربما العالمي. وأوضح أبوهلالة، أن الأزمة الخليجية الراهنة هي أكبر جائزة تلقتها الجزيرة، متسائلاً: أمام ما نسمعه من حديث عن انهيار الجزيرة وفقدانها لمشاهديها ومصداقيتها، فلو كان كل ذلك صحيحاً، فما الذي يدفع أربع دول تشكل حوالي نصف العالم العربي كتعداد سكاني وقدرات، لمحاصرة بلد وتهديده وجودياً، كل هذه الدول تريد إغلاق القناة، كما حاولت منافسة الجزيرة، وهذا أمر مشروع، وهذا أحوج ما تحتاجه الجزيرة (منافسة شريفة)، لافتاً بهذا الخصوص، إلى أن ما طور الإعلام في الغرب هو المنافسة الشريفة». «الذباب الإلكتروني» وتحدث ياسر أبوهلالة عن ظهور «الذباب الإلكتروني» مع بداية الحصار الجائر على دولة قطر و»الهاشتاج المسمَّم»، منبهاً إلى أن مشكلة الجزيرة هي وقوفها إلى جانب الربيع العربي. وأوضح في هذا الصدد، أن كل ذلك تمت مواجهته بالإعلام المهني، حيث إن الجزيرة لم ترفع السقف، بل التزمت بالمهنية وجودة الصورة وجودة البث، إذ إن ذكاء المشاهد وعينه هما الحكم، وأن الخصم أفسد المعركة، لتكون الغلبة للمهنية والإعلام المهني، لأن الطرف الآخر لم يقدم إعلاماً بل أكاذيب ووشايات. ونوه إلى أن المعركة ما تزال طويلة وتحتاج لحماية المستهلكين ومحاصرة القرصنة، لافتاً إلى أن الجزيرة لأول مرة تكون في قلب المعركة.;
مشاركة :