عمق أمس، فائز السراج، رئيس الحكومة الليبية المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، من حدة خلافاته مع المشير خليفة حفتر القائد العسكري القوي في شرق البلاد بعد تعيينه قائدين عسكريين، وفي غضون ذلك يستعد وزير الثقافة اللبناني السابق غسان سلامة لزيارة ليبيا الشهر المقبل لتولي مهامه كأحدث رئيس لبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، وذلك بعد أن وافق مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة على تعيينه خلفا للدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر، الذي تنتهي فترة ولايته نهاية الشهر الحالي.وكرر سلامة أمس لـ«الشرق الأوسط»، في تصريحات خاصة، أنه «لن يدلي بأي تصريحات صحافية في الوقت الراهن قبل توليه مهام منصبه»، احتراما لسلفه ولقواعد العمل في المنظمة الدولية.وأعلن مجلس النواب الموجود بمدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي عن ارتياحه لاختيار سلامة خلفا لكوبلر، إذ قال الناطق الرسمي باسمه عبد الله بليحق إن البرلمان المعترف به دوليا يتطلع إلى أن يلعب غسان سلامة دورا إيجابيا في المساعدة على حل الأزمة الليبية.كما أعرب عن أمله في أن تكون البعثة الأممية في ليبيا محايدة، وأن يستفيد سلامة من تجارب من سبقوه إلى المنصب.من جهتها، رحبت الحكومة الموالية للبرلمان، برئاسة عبد الله الثني، عن ترحيبها بتعيين سلامة رئيسا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة، ودعته في بيان له إلى الاستفادة من أخطاء سلفه، وألا ينحاز لطرف على حساب الآخر، واتهمت مارتن كوبلر بأنه «انحاز طيلة الفترة الماضية إلى الميليشيات المسلحة، وعزز الانقسام الليبي بخلق جسم ثالث في السلطة التنفيذية». وتعهدت حكومة الثني بأن «تضع كل إمكانياتها أمام سلامة من أجل تقريب وجهات النظر، والعمل على خلق حكومة وفاق وطني حقيقية قادرة على جمع الليبيين».وينظر كثيرون إلى تعيين سلامة مبعوثا جديدا للمنظمة الدولية إلى ليبيا على أنه بداية جديدة لمفاوضات ستجريها المنظمة الدولية مع الفرقاء الليبيين لإعادة التفاوض حول اتفاق السلام، المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015 برعاية دولية، وأيضا على أنه نهاية لعملية بحث مثيرة للخلاف مستمرة منذ أربعة أشهر.وبدأ البحث عن خليفة لمارتن كوبلر، الذي كان ممثلا للأمم المتحدة في ليبيا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، منذ فبراير (شباط) الماضي، وذلك عندما رشح جوتيريش رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض للمنصب. لكن رفضت الولايات المتحدة فياض بسبب جنسيته، إذ قالت السفيرة الأميركية نيكي هيلي وقتها إن الأمم المتحدة «منحازة للسلطة الفلسطينية على حساب حلفائنا في إسرائيل»، فيما وصف جوتيريش الرفض الأميركي بأنه «خسارة لعملية السلام الليبية وللشعب الليبي».في غضون ذلك، عمق فائز السراج حجم الخلافات مع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، بعدما أعلن أمس باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي تنصيب آمري المنطقة العسكرية الغربية والوسطى للجيش الموالى لحكومته.وعين السراج في حفل جرى بمقر مجلسه الرئاسي بالقاعدة البحرية الرئيسية بطرابلس، أسامة الجويلي آمرا للمنطقة العسكرية الغربية، ومحمد الحداد آمرا للمنطقة العسكرية الوسطى، وكلاهما برتبة لواء. واعتبر السراج في بيان وزعه مكتبه أن الخطوات العملية قد بدأت لتفعيل الجيش الليبي، خصوصا في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية التي تمر بها ليبيا، موضحا أن دور آمري المناطق العسكرية مهم جدا في هذا الشأن.كما شدد السراج على ضرورة النأي بالمؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية والعمل على تحييدها، وتقديم كل الدعم لها للقيام بواجباتها في حماية الوطن والمواطن.ويرفض حفتر الاعتراف بشرعية السراج رئيسا للحكومة، أو قائدا أعلى للجيش، ويتمسك مع البرلمان الموجود في شرق البلاد بضرورة أن ينال تعيينه موافقة أعضاء البرلمان الليبي.وانزلقت ليبيا في أتون الاضطرابات بعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، حيث تتنافس حكومات وفصائل مسلحة على السلطة. فيما تكافح حكومة مدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، من أجل فرض سلطتها وتعترض عليها فصائل في شرق البلاد.
مشاركة :