فور ارتفاع صوت الأذان بـ«الله اكبر»، يتناول عشرات الرجال والاطفال حبوب التمر الموجودة امامهم على طاولات امتدت في احد شوارع مدينة دوما المحاصرة قرب دمشق في إفطار جماعي نادر بين أبنية مدمرة. واجتمع اهالي حي المساكن في شرق دوما مساء الثلاثاء حول مائدة واحدة في الهواء الطلق في مشهد كان بحكم المستحيل في السابق، وسمح به الهدوء الناتج عن اتفاق تخفيف التوتر الساري في البلاد برعاية دولية. ويقول مدير العلاقات العامة في مؤسسة «عدالة» المنظمة للافطار مؤيد محي الدين (28 عاما) «بعد ست سنوات من الحرب في سوريا وفي الغوطة (الشرقية) بشكل خاص أردنا استغلال الهدوء النسبي لنفرح الناس». ويضيف: «أردنا ان نذكرهم بما كان قبل الحرب، فهذه الموائد أشبه بموائد الاعراس» التي اعتاد عليها اهل دوما سابقا. ولجأت الجمعية خلال السنوات الماضية الى تنظيم موائد الافطار في المساجد او حتى الاقبية احتماء من القصف. ويتذكر محي الدين «جمعنا في أحد المساجد في رمضان 2016 حوالي 900 صائم للوليمة، ولكن سقطت قذيفتا هاون بالقرب من المسجد» خلال موعد الافطار. واستغلت الجمعية الاغاثية اتفاق تخفيف التوتر المعمول به في سوريا برعاية روسيا وايران وتركيا منذ بداية شهر مايو الماضي لتنظيم الحدث. وتحاصر قوات النظام دوما إحدى ابرز مدن الغوطة الشرقية، حيث معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، منذ 2012. وتعرضت المدينة على مدى السنوات الماضية لقصف شبه يومي جوي ومدفعي. وتراجعت حدة القصف بنسبة 95 في المائة منذ بدء العمل باتفاق التهدئة، وفق مدير المرصد السوري لحقوق الانسان. وبدأت الجمعية قبل نحو أسبوع بمشروع الموائد الرمضانية، ومائدة حي المساكن هي السادسة حتى الآن، ولا يزال أمامها أربعة افطارات جماعية أخرى لتنظيمها. على طول أحد شوارع حي المساكن وبالقرب من أبنية دمرها القصف، فرشت أغطية حمراء على طاولات وضعت عليها صحون بلاستيكية مليئة بفاكهة المشمش وكؤوس اللبن وحبوب التمر وأكواب العصير. على الصعيد السياسي أكد كل من الأردن والصين أمس الخميس أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة السورية يضمن الاستقرار لسوريا، وطالبا دول العالم بـ«توحيد الجهود» للوصول إلى هذا الحل. وقال وزير الخارجية الصيني شي جينبينغ خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الاردني أيمن الصفدي في عمان إنه «من الضروري التمسك بإيجاد حل سياسي للأزمة السورية باعتباره الاتجاه الصحيح». من جهته، أكد الصفدي «ضرورة وقف القتال بشكل فوري والتوجه لمحادثات سياسية تضمن حلا سياسيا يحفظ وحدة سوريا وتماسكها واستقلالية قرارها، مشيرا الى ان محادثات جنيف تشكل المنبر الأكثر قدرة على التوصل الى هذا الحل». من جهة أخرى، قالت تركيا اليوم امس إن الولايات المتحدة أبلغتها بأنها ستسترد الأسلحة التي قدمتها لوحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش الإرهابي وذلك في مسعى على ما يبدو لتهدئة المخاوف التركية بشأن الأكراد على حدودها. من جانبه اعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان رحيل بشار الاسد عن السلطة لم يعد أولوية بالنسبة لفرنسا التي أصبح هدفها الاساسي محاربة التنظيمات الارهابية في سوريا، وذلك في مقابلة نشرتها ثماني صحف أوروبية أمس الخميس. من ناحيتها اعلنت استراليا امس استئناف عملياتها العسكرية في الأجواء السورية والتي علقت إثر تهديدات أصدرتها روسيا عقب إسقاط القوات الأمريكية مقاتلة سورية الأحد.
مشاركة :