كاتب مسلسل “الجماعة 2” بشدة القول بأن المسلسل حقق دعاية ورواجا مجانيين لأفكار جماعة الإخوان في وقت تعاني فيه مصر من الإرهاب و التطرف الفكري بينما كان يجب عليه أن يبرز مساوئ الجماعة. ويرى حامد أن هذا الكلام “وجهة نظر فردية” سبق أن ترددت عن الجزء الأول من المسلسل، وأكد أن مصدرها الإخوان أنفسهم، لافتا إلى أن “الثابت في الوقت الحالي وحتى بعد الثورة أن الإخوان هدفهم الوحيد هو الحكم. وهذا هو المنطلق الذي يدور حوله المسلسل، سواء مع الملك فاروق أو مع جمال عبدالناصر أو في ما بعد، فالهدف هنا واضح”. ويشير وحيد حامد إلى أن ما رسخ في وجدانه هو أن ما أراده واستهدفه من “الجماعة 2” واضح تماما، وأن الآراء الرافضة التي انطلقت بعد عرض عدد قليل من الحلقات كان هدفها “الوقيعة” بينه وبين أجهزة الدولة الرسمية، لكن كل هذه الخرافات انتهت لأنه من الخطأ الحكم على شيء وهو في بدايته. وعبّر حامد عن ذلك بقوله “هذا خطأ يدين الجميع ولا أخجل عندما أقول ذلك، وكلامي لا يعني ألا ننتقد المسلسل أو أن لا يختلف الناس معي فربما أكون على خطأ في أمر معين، لكن على المشاهد أن ينتظر حتى ينتهي من مشاهدة العمل مكتملا ثم يحكم عليه”. الجمهور كان ينتظر مسلسلا يتناول التاريخ الأسود لجماعة الإخوان على قدر الجزء الأول، لكن وحيد حامد يرى أن تناولها بهذا الشكل “خطيئة وكذب” لن يقع فيهما، وتساءل: “هل كان المطلوب مني أن أجلد الإخوان؟” ونوه إلى أن الموضوعية هي الأساس لأن المبالغة نهايتها الخسارة، لافتا إلى أنه رصد في الجزء الأول إيجابيات وسلبيات حسن البنا. وأكد مؤلف المسلسل لـ”العرب”، أنه لا يصنع مسلسلا للتسلية ولا يُعمل الهوى أو الرغبات عند كتابته للتاريخ لأنه يرى أن في التاريخ دوما حقائق تحكمنا، ومهنة الكتابة نفسها تحتاج إلى الأمانة وإلى انتزاع الكراهية من داخلنا وإلى التمسك بالحياد “إذ مهما كان عدوك ومدى عداوتك له واختلافك معه فلا يصح أن تتقول عليه أو تزيد من مساوئه بل يجب أن تتعامل مع كل شخصية بعدل”. وحرص حامد على أن تخرج شخصيات الجماعة في الجزء الثاني كما كانت في حياتها السياسية، لذلك تناول سيد قطب بداية من العام 1951 عقب عودته من الولايات المتحدة، من دون التطرق إلى مرحلة شبابه التي ألحد فيها وكان “ماسونيا” ويشرب الخمر. قطب والتكفيرلم تكن تعنيني نشأة سيد قطب ولا طفولته بل أردت سرد تاريخه وتأثيره ودوره مع الإخوان منذ انضمامه إليهم وأراد المسلسل إثارة مسألة ارتباط قطب بثورة 23 يوليو 1952، حيث كان شخصية عنيفة، ولم يكن عنفه في البداية عنفا دينيا ولكن في آرائه المتطرفة مع الثورة، وهو صاحب الجملة الشهيرة “ليمُت المئات والآلاف وعشرات الآلاف في سبيل أن تنتصر هذه الثورة”. وكان الضباط الأحرار يحرصون بالفعل على لقاء قطب ليعطيهم النصائح. وكان جمال عبدالناصر على وجه الخصوص مفتونا بسيد قطب. ورأى وحيد حامد أن قطب ترك عبدالناصر لأنه لم يحصل على “غنيمة” من الثورة بعد أن سعى إلى أن يكون وزيرا ولم يتحقق له ذلك، وحينها انقلب على الثورة وانضم إلى الجماعة وتقلد منصب رئيس تحرير جريدة الإخوان. قال حامد إن “رحلة سيد قطب مع التكفير طويلة ولها ملابساتها، والمسلسل يرصدها رصدا أمينا منذ بدايتها حتى تطورت وصولا إلى حبل المشنقة” وأكد أن “الفنان الشاب محمد فهيم نجح تماما في تجسيد الشخصية لأنه أظهر الكراهية الشديدة لدى سيد قطب وهو ما وصل إلى الجمهور الذي كره قطب وأفكاره”. وأشار إلى أن حياة شخص مثل سيد قطب يمكن أن تكون مسلسلا بشكل منفرد كما هو الحال لكل شخصية في المسلسل “لكنني كنت حريصًا على تناول الفترة كلها بجلّ ملابساتها، فسيد قطب ليس عندي مثل طه حسين أو العقاد حتى أصنع مسلسلا عنه”، وهكذا كان تجاهل حامد لنشأة قطب وبدايات تكوين العنف في شخصيته داخل المسلسل طبيعيا، “فأنا لا تعنيني نشأة ومولد قطب فهي ليست قضيتي، أنا أصنع مسلسلا عن الإخوان والدور الذي لعبه سيد قطب عندما انضم إليهم”. وردًا على سؤال: لماذا لم يهاجم الإخوان المسلسل هذه المرة إذن؟ قال إن هذه هي سياستهم في الفترة الراهنة، أما بالنسبة إلى هجوم الوفديين عليه فأرجع ذلك إلى أسباب شخصية حيث يعترضون على أن المسلسل عرض زعيمهم مصطفى النحاس باشا وهو يُقبّل يد الملك فاروق. وتابع “هل هذه الجزئية رغم بساطتها في أحداث المسلسل تستدعي هذا الهجوم الشرس؟”، وأكد حامد أن “هذه الواقعة حقيقية وموجودة في ثلاثة مصادر لا يمكن تكذيبها، بالإضافة إلى أن تقبيل يد الملك في ذلك الوقت كان أمرا معتادا”. ولفت حامد الانتباه إلى أن المشاهدة المتأنية للمسلسل تقول إن التاريخ يعيد نفسه، فحادث اغتيال رئيس مجلس النواب في بداية المسلسل تتشابه تماما مع حادث اغتيال النائب العام هشام بركات هذه الأيام، ولم تختلف سوى وسيلة الاغتيال لتغير الزمن والإمكانيات. الجزء الثاني في رأي حامد أصعب من الأول ومسؤولياته أكثر، لأن الأول تم تصوير نصف أحداثه في العصر الحديث فكانت أماكن التصوير لا تمثل عبئا بخلاف الجزء الثاني من حيث الملابس والسيارات والمنازل أيضا. بين التاريخ والدراما رفض وحيد حامد ما قيل عن أن المسلسل قد جاء سردا تاريخيا أكثر من كونه عملا دراميا، لافتا إلى أن المسلسل عندما رصد خيانة الإخوان يجدها المشاهد واضحة أمامه، “لكن في وقائع مثل واقعة اغتيال سيد فايز وتفجيره من قبل الإخوان فإنني أرصدها ولا علاقة لي إن كان المتفرج قد استوعبها أم لم يستوعبها”.نحن نصنع فنا معرضا للقبول أو الرفض، لكن آفة المجتمع المصري أنه ينظر إلى الأشياء بتربص، وأنا لا أريد أكثر من الحياد وأضاف أن المشكلة هي أن الجزء الأول من المسلسل تم عرضه أثناء وجود جماعة الإخوان في السلطة، وهم من حارب المسلسل وعاصرنا فترة حكمهم المظلم، وحتى هذه اللحظة مازلنا نشاهد الاغتيالات والتفجيرات ونعاني من مخلفاتها وتبعاتها، لذلك فالكراهية شديدة جدا لهم، “ولكني أؤمن بأن المبالغة أحيانا تأتي بنتيجة عكسية ومن السهل تكذيبها، فعندما أبالغ في أمر أو واقعة تخصهم فسوف أفسد مصداقيتها وبالتالي يسهل تكذيبها”. وحول انتصار دراما الجزء الثاني لأفكار سيد قطب بطرحها أكثر من مناقشتها، أشار حامد إلى إن وظيفته هي السرد وليس المناقشة التي هي مهمة متخصصين آخرين، يقول “فلا يجب على الكاتب أن يلغي عقل المشاهد أو أن يتعالى عليه وأنا أردتُ رصد فكر الرجل، لكنني مثلا عند ذكر أبوالأعلى المودودي تعمّدتُ الاستعانة بكتابة مشهد بين مأمور السجن وأحد المثقفين من نزلاء السجن يسأله فيه عن المودودي، لأن كثيرا من أبناء الأجيال الحالية لا يعلمون عنه شيئًا، فأردت أن يعرف المشاهد ماهية هذا الرجل حتى لا أترك فراغا دراميا أو تساؤلا لدى المشاهد، وتلك مهمتي”. علاوة على ذلك، طالت وحيد حامد أيضًا تهمة أنه طغى بكتابته على رؤية المخرج، لكنه أكد أن طريقة عمله تقتضي جلوس المخرج والمؤلف معا لقراءة الورق حتى يتم الاتفاق الكامل على جميع التفاصيل والآراء وبعدها يصبح الورق “مقدّسا”، وأكد قائلا “أنا لا أحجر إطلاقا خيال المخرج أو إبداعه”. ردود الأفعال على المسلسل لم تتوقف عند حد النقد الفني فقط، بل دخلت أروقة المحاكم، حيث أقام المحامي المصري سمير صبري دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة لوقف عرض مسلسل “الجماعة 2”، مستندا إلى ما أسماه “حالة التوهان” التي أصابت المواطن بين حقيقة التاريخ والرغبة الجامحة في تزويره وتزييف الحقائق، واتهم صبري وحيد حامد بتزييف التاريخ وتقديم الإخوان في صورة يمكن أن تجلب لهم التعاطف. تقوم الدعوى القضائية المقدمة ضد المسلسل على أن المؤلف قد جانب الصواب وارتكب خطيئة في حق تاريخ الوطنية المصرية، وقدم خدمة جليلة لحركة الإخوان الإرهابية، كما أن كافة المعلومات التي ذكرت في المسلسل ليس لها أصل تاريخي سوى في كتب قادة ومؤرخي الإخوان، وأن مؤلف هذا المسلسل استند لأحد هؤلاء المؤرخين المعروفين بانتمائهم أو إعجابهم أو تعاطفهم مع مشروع تلك الجماعة الضالة. ونصّت الدعوى على “اعتقاد مؤلف المسلسل لعقائد مغلوطة يضرب في شرعية كل الأنظمة وكل الرؤساء الذين حكموا مصر بدءًا من جمال عبدالناصر ومرورا بأنور السادات وحسني مبارك والمجلس العسكري وحتى الرئيس عبدالفتاح السيسي، والوحيد الذي يصبح غير مطعون في شرعيته، هو رئيسهم المعزول محمد مرسي”. وطالبت الدعوى بوقف بثه، واعتمدت على المرتكزات التالية: * تزوير وتزييف الحقائق وتشويه التاريخ. * تقديم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية بصورة تجلب التعاطف. * نسب تنظيم الضباط الأحرار لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية. * إصرار مؤلف المسلسل على تشويه الرموز الوطنية.
مشاركة :