على مر العصور اشتهرت منطقة الحجاز بالكثير من الموروثات الشعبية التي يكتنزها عديد من القبائل التي تقطن مدن مكة المكرّمة وجدة والطائف، ومن تلك الموروثات الحداية ولعبة المزمار، وتشتهر الأولى في مكة والطائف، أما الأخرى فيشترك أهل مكة وجدة في تقديمها خلال الأعياد. وتعد الحداية من التراث الشعبي الذي يحظى بقبول كبير في منطقة بادية الحجاز، وخاصة في مكة المكرّمة والطائف والجموم، ورغم اختفاء الكثير من مظاهر التراث الشعبي، إلا أن الحداية لا تزال تتباهى بحرص أبناء البادية والحاضرة في مكة على التغني بها إلى حد أن أهل المدن يطربون لهذا اللون من الحداية الذي يعد من الغناء الحماسي. ويقول الشاعر المعروف صالح بن رويجح المطرفي، أحد أشهر الذين برعوا في هذا اللون، إنه عبارة عن قصيدة يقوم بغنائها مجموعة من الرجال الذين يقدمون وهم يغنون شطرين من الشعر ثم يصطفون في الحفل ويردّدون القصيدة لتحية أصحاب المناسبة، وبعدها يتم الرد عليها من أصحاب الحفل ودائما تتميّز الحداية بلغز أو معنى أو إشارات لغوية يتطلب الرد عليها وجود أشخاص لهم خبرة ومعرفة بتفسير معاني الكلمات ومعرفة دلالاتها. وقال الشيخ حمود بن سودة الهذلي إن هذا الموروث هو تقليد تتسع مساحته في المناسبات السعيدة مثل العيد، حيث يتوارثه الأبناء عن الأجداد وهو متعارف عليه بين القبائل في الحجاز، وكان الاستعراض في السابق يتم بالبارود كنوع من المفاخرة بالقوة، إضافة إلى استخدامه في حل بعض المشكلات بين القبائل وتحقيق الصلح بين الأسر.
مشاركة :