الشارقة:محمد ولد محمد سالمالعيد مناسبة للفرح والترفيه يغتنمها الناس للخروج وزيارة الأماكن العامة، وأماكن الترفيه، كالمتنزهات والمسارح، وعادة ما يضع المسرحيون العيد ضمن خططهم للعمل، فيعدون له ما يناسبه من عروض مسرحية، وأكثر ما تكون هذه العروض جماهيرية، تثير الضحك والفرح، ويبتعدون عن العروض الجادة والمأساوية التي تقلق المشاهد، وتنتزع منه فرحة العيد، وتتنافس المسارح في جذب المتفرجين بما تعده لهم من مشاهد جميلة ومصممة لنيل إعجابهم.لن يكون هذا العيد استثناء، فقد أعلنت عدة جهات عن عروض مسرحية في العيد، ويتميز العيد هذه المرة بكون وزارة الثقافة وتنمية المجتمع قد تبنت عدة مسرحيات قدمت الدعم لها من أجل أن تعرض في العيد في ثلاثة أماكن مختلفة، تشجيعاً للمسرحيين الشباب الذين يقودون قاطرة تلك العروض، وهذه المسرحيات هي: مسرحية «باي باي تي في» من تأليف وإخراج سالم الجنيبي على المسرح الوطني في أبوظبي، وتتناول بشكل ساخر مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرها بحياة الأفراد في المجتمع العربي، وانعكاساتها السلبية على العلاقات الاجتماعية، وعلى طريقة التفكير.والمسرحية الثانية هي مسرحية «ترانزيت» إخراج مروان عبد الله وتأليف طلال محمود في مسرح المركز الثقافي في عجمان، والعمل من بطولة الفنانه البحرينية سعاد علي وسعيد بتيجه وموسى البقيشي وجمال السميطي ونخبة من الممثلين الشباب، والعمل من إنتاج مسرح دبي الأهلي. يحكي العمل قصة شاب كان منذ صغره يحلم بالطيران، وانتهى به الأمر إلى أن أصبح يمتلك شركة طيران، حيث تدور مواقف مضحكة في حياته، ويأتي بعد تجربة ناجحة خاضها مروان عبد الله العام الماضي في مسرحية «عرس الاثنين». المسرحية الثالثة هي مسرحية «الباشا في ورطة» إخراج محمد القطان، وتأليف حمد الحمادي، على مسرح مركز الوزارة في رأس الخيمة، وهي من بطولة غانم ناصر وعبدالله سعيد بن حيدر وعبد الله المقبالي ونوال والفنان الكويتي شعبولا ونخبة من الممثلين، وتقدم بدورها وجبة كوميدية ساخرة على موضوع اجتماعي.كما تقدم مؤسسة جرناس للإنتاج مسرحية «العيال طفرت» من تأليف أحمد الجسمي، وإخراج حسن رجب، وهي عبارة عن نقد اجتماعي ساخر، قائم على مفارقة درامية، موضوعها أسرتان إحداهما متوسطة الحال تعيش في على الهامش، والثانية غنية تسكن القصور، حيث يكتشف شابان من كلتا الأسرتين أنهما تبادلا أثناء الولادة في المستشفى، فذهب ابن الأغنياء إلى الفقراء، والعكس، ما شكل مفارقة لكلتا الشخصيتين، وعاملاً مثيراً درامياً بين الأسرتين، فتتفجر المفارقات والمواقف الكوميدية والاجتماعية، وسبق لمؤسسة جرناس أن قدمت المسرحية الكوميدية الناجحة «عجيب غريب».ظاهرة عروض العيد قديمة في الإمارات، وكانت نشيطة في المنطقة الشرقية بشكل خاص، حيث للفرق الأهلية حضور وجمهور، وهي تحرص على التواصل الدائم معه، لكن الجديد هو دخول المدن الكبيرة على الخط، بعد فترة انقطاع، فقد بدأ نشاط المسرح يزداد في الأعياد فيها، وتشهد دبي بشكل خاص، خلال كل عيد عروضاً مسرحية عربية وأجنبية، تقام على مسارحها، وتجلب الكثير من المشاهدين المتلهفين على ما يرفه عنهم، ويعطي لعيدهم طعماً.لم تعد عروض مسرح العيد تقتصر على الفرق المسرحية الأهلية، بل دخلت بعض شركات الإنتاج الخاصة التي تريد أن تستغل فرصة العيد، واستعداد الجمهور لتقبل الكوميديا، خاصة الأسر والأطفال فتقدم لهم عروضاً تقوم على الترفيه والإضحاك، ما يجلب أكبر جمهور، ويعود على مؤسسة الإنتاج بأكبر ربح، لأنها تبيع تذاكر العروض.تَنْفِر الفرق الأهلية والمسارح الشعبية في الإمارات من تسمية المسرح التجاري، نظراً لأن هذه الفرق تعتبر نفسها تؤدي رسالة ثقافية، تنطلق من الدور التاريخي للمسرح باعتباره أداة توعية، ووسيلة تغيير، يسهم في خلق إنسان واعٍ بذاته وهويته الحضارية، وخلق مجتمع متحضر تسود فيه قيم الحرية والعدل والسلم، وينبذ الاستغلال والظلم والتمييز، ومن المؤكد أن تلك الفرق التي تأسست على أيدي مجموعات من الشباب الهواة الذين كانوا يعيشون فورة نشأة الدولة والانفتاح على الحضارة الحديثة، وجذبهم المسرح بما له من قدرة على تغيير المجتمعات، من المؤكد أنهم انطلقوا من ذلك الفهم العميق للمسرح، ولم تكن المردودية المادية للمسرح هي الدافع الأول، فكان عمل مجموعات الشباب تلك تطوعياً محضاً، ويمكن وصفه بأنه عمل وطني بالدرجة الأولى، ولهذا الأساس التاريخي، فإن هذه الفرق حتى وهي تقدم مسرحاً كوميدياً ترفيهياً في العيد، وتضع ضمن أهدافها شباك تذاكر للدخول إلى قاعة العرض، فإن أغلبها يحرص على أن يحمل عرضه رسالة توعية اجتماعية، وهو ما تحاوله مسرحيات هذا العام أيضاً، التي يقوم عليها فنانون متميزون في الساحة المحلية، كما أن من هناك رأياً مهماً يقول إن المسرح لا ينبغي أن يعطى للمشاهد مجاناً، حتى لا يفقد قيمته عنده، لأنه إذا بذل فيه نقوده سوف يكون شيئاً ثميناً عنده.