فيليب جيرالدي *خلال جلسة مناقشات عقدتها هيئة حوار في واشنطن حديثاً، تطرق المخرج والمنتج السينمائي الأمريكي أوليفر ستون إلى مسألة التدخل الروسي المزعوم في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وقال إن «إسرائيل» تدخلت في انتخابات الولايات المتحدة أكثر بكثير من روسيا، ولكن أحداً لا يحقق في الأمر. بعد بضعة أيام، أجرى مقدم البرامج في شبكة «سي بي اس» ستيفن كولبيرت مقابلة مع ستون أثار خلالها موضوع التدخل الروسي. ورد ستون بجواب محرج عندما قال لكولبيرت: «إسرائيل» تدخلت في الانتخابات الأمريكية أكثر بكثير مما فعلت روسيا. فلماذا لم تسألني عن ذلك ؟ لا تحاولوا البحث عن هذا الحوار عبر «يوتيوب»، لأن «سي بي إس» حذفته من نشراتها الإخبارية ومن موقعها الإلكتروني، ما يثبت مرة أخرى انه لا يمكن انتقاد أو ذم «إسرائيل» في الولايات المتحدة. وقد كان ستون يشير، طبعاً، إلى واقع أن اللوبي «الإسرائيلي» في أمريكا، الذي يعمل بصورة خاصة من خلال لجنة الشؤون العامة الأمريكية «الإسرائيلية» (آيباك)، هو بلا شك لوبي أجنبي، مثله مثل أي لوبي يمثل المصالح المفترضة لروسيا أو الصين. ولكن لوبي «آيباك» يعمل بحصانة تامة داخل الكونجرس الأمريكي، وكذلك على مستوى الولايات والمستويات المحلية، من دون أن يتجرأ أحد على المطالبة بتسجيل «آيباك» بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب الصادر في عام 1938 والذي يخول السلطات الأمريكية التدقيق في مالية اللوبيات الأجنبية وإنهاء وضعها «التثقيفي» الذي يعفيها من دفع ضرائب. كما أن الكونجرس ووسائل الإعلام في أمريكا لا تحقق في الدعم الذي تقدمه «آيباك» إلى مرشحين في مختلف الانتخابات الأمريكية على أساس ولائهم ل«إسرائيل»، كما لا يحققون في التدخل «الإسرائيلي» المباشر في العمليات الانتخابية الأمريكية، كما حدث بصورة مكشوفة عندما دعمت «إسرائيل» علانية المرشح الجمهوري ميت رومني ضد الرئيس باراك أوباما في انتخابات 2012. وآخر رئيس أمريكي حاول إلزام المنظمة اليهودية الأصلية التي أصبحت في ما بعد «آيباك» كان جون كينيدي، الذي كان أيضاً على وشك أن يبدأ حملة ضغط لكبح البرنامج النووي «الإسرائيلي» السري. إلا أن اغتياله وضع حداً لكل ذلك. وشكل اغتيال كينيدي فرصة ملائمة ل«إسرائيل»، حيث تولى نائب الرئيس المتحمس للصهيونية ليندون جونسون الرئاسة خلفاً لكينيدي. وقد استعرض رئيس الأركان الأمريكي الأسبق الأدميرال توماس مورر، بعد 40 سنة من خدمته في الجيش، نفوذ مجموعات الضغط الصهيونية في أمريكا في صياغة السياسات الأمريكية تجاه «إسرائيل» قائلاً: لم أر أبداً رئيساً أمريكياً - ولا يهمني من يكون - يتصدى لهم «الإسرائيليون». وهذا أمر محير... إنهم (مجموعات الضغط الصهيونية) يحصلون دائماً على ما يريدون من دون أي عوائق... ولو أدرك الشعب الأمريكي مدى نفوذ هؤلاء الناس في حكومتنا، لكانوا حملوا السلاح وثاروا. مواطنونا ليست لديهم أي فكرة عما يجري». وفي الواقع، مجموعات الضغط اليهودية الموالية ل«إسرائيل» تتمتع بنفوذ حاسم في الكونجرس الأمريكي وتفرض تبني قوانين تلائم «إسرائيل». ومن أبرز الأمثلة على ذلك سلسلة التشريعات الأمريكية التي تفرض عقوبات على إيران وتهدف إلى عزلها. ولكن هناك أكثر من ذلك. ففي مطلع يونيو/حزيران، عرضت مجموعة نواب أمريكيين مشروع قانون في مجلس النواب يقضي بأن «تتشاور» الولايات المتحدة مع «إسرائيل» في ما يتعلق بأي مبيعات أسلحة إلى الدول العربية في الشرق الأوسط. وأود أن ألاحظ أن الكونجرس الأمريكي امتنع هذا العام عن إحياء الذكرى الخمسين للهجوم «الإسرائيلي» الغادر على السفينة الحربية الأمريكية «ليبرتي» يوم 8 يونيو/حزيران خلال حرب الأيام الستة بين «إسرائيل» والعرب، والذي أسفر عن مقتل 34 عسكرياً أمريكياً. لقد تباهى رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الأسبق أرييل شارون مرة بأن «إسرائيل تملك الولايات المتحدة». وأظن أنه كان محقاً. * كاتب ومعلق أمريكي يترأس مجلس المصلحة الوطنية، وهو منظمة أهلية تدعو إلى سياسة أمريكية متوازنة في الشرق الأوسط. وسبق له أن عمل محللاً لدى ال «سي آي إيه». موقع «ذا أونز ريفيو»
مشاركة :