حتى الآن لايزال عدد كبير من اللاجئين يعاني من ضغوط كبيرة بسبب العيش في المخيمات. لكن اللاجئة السورية بسمة تؤكد أن معاناة المخيم تهون مقارنة بأهوال الطريق، الذي قطعته مع طفليها سيرا على الأقدام. "هل هذه هي ألمانيا؟ هل فعلا وصلت إليها؟" هكذا كانت ردة فعل بسمة لحظة وصولها إلى ألمانيا بعد رحلة هروب شاقة دامت أكثر من شهر. اللاجئة السورية هربت من ويلات الحرب في سوريا، مصطحبة معها طفليها. محطتها لأولى كانت تركيا. وكغيرها من اللاجئين لم تشعر أن مستقبل أولادها سيكون أفضل في تركيا، ما دفعها للتفكير بالهجرة إلى أوروبا. قبل بضع ساعات من الموعد المحدد لنقلها بالقارب المطاطي (البلم)، علمت بحادثة غرق الطفل آلان الكردي أثناء هروبه مع أهله إلى أوروبا. خوف بسمة (25 عاما) على طفليها دفعها للتراجع عن فكرتها والعودة إلى سوريا، لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة حسب ما تؤكده في حوارها مع موقع مهاجر نيوز وتقول "إحدى العائلات السورية شجعتني على الهروب معها عن طريق الغابات سيرا على الأقدام للوصول إلى بلغاريا، وقالوا لي إن الطريق عبر الغابات البلغارية أكثر أمانا والمهرّب بدوره أقنعني بأن الطريق لا يستغرق أكثر من 3 ساعات". وعود ترمي إلى التهلكة حساب المهرّب للوقت لم يكن دقيقا تماما. فالرحلة عبر الغابات استغرقت ثلاثة أيام. آنذاك لم تكن اللاجئة السورية مستعدة بشكل كافي لهذه الرحلة الشاقة وتتذكر معاناتها بالقول "اضطررنا للنوم في الغابات بين الجرذان والحشرات، بدون طعام ولا شراب، ابني يعاني من الربو، ونقص الماء كاد أن يقتله". بعد معاناة استمرت حوال 72 ساعات متواصلة وصلت بسمة إلى بلغاريا وبقيت هناك 15 يوما، إذ تم احتجازها من قبل السلطات البلغارية والسبب "لأنني رفضت أن أبصم عندما دخلت إلى بلغاريا. ورفضت ذلك لأن من يبصم في بلغاريا ويطلب اللجوء في دولة أخرى، يرحل إلى تلك الدولة وأنا لا أريد البقاء في بلغاريا". طالبو لجوء في ألمانيا ينتظرون دورهم للحصول على وجبة طعام، أرشيف. معاناة من نوع أخر بعد أن أطلقت السلطات البلغارية سراح بسمة، توجهت إلى ألمانيا. محطتها الأولى كانت في ميونخ ومن ثم برلين لتستقر في نهاية المطاف في ميكنهايم قرب مدينة بون. هناك بدأت الشابة السورية معاناة من نوع أخر. إذ تمّ نقلها إلى مركز لإيواء اللاجئين، ولأنها كانت لوحدها مع طفلين، لم يسمح لها بالاستقلال بغرفة خاصة، حيث كان عليها أن تسكن في غرفة مشتركة مع عائلة فلسطينية أخرى، ما يعني انعدام الخصوصية. فضلا عن أن المركز كان في منطقة مقطوعة تماما بعيدة عن المساكن والمحلات التجارية، وعندما كان الأطفال "يجوعون ليلا لم يكن بالإمكان إحضار الطعام لهم". ورغم معاناة السكن المشترك إلا أنه "كان ممتازا مقارنة بمبيتنا في الغابات حيث تكثر عمليات الخطف والسرقة". "أعشق الشام والقهوة وحدها تذكرني ببلدي" استمرت معاناة بسمة في مركز الإيواء لمدة شهرين، حتى تم البت في طلب لجوئها ومنحها حقّ الحماية الثانوية (الإقامة لمدة سنة واحدة)، حيث بدأت بالبحث عن منزل لها، لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة، فالكثير من مالكي العقارات لا يرغبون في تأجيرها لللاجئين "بلدة ميكنهايم ليست مرغوبة لدى الألمان، لذا تمكنت من الحصول على هذه الشقة" تقول بسمة. وهي ممتنة لصديقاتها اللواتي ساعدنها في إيجاد الشقة، إذ أصبح لطفليها غرفة خاصة ومطبخ يمكنها أن تطبخ فيه ما يحلو لهم. لكن سعادتها بالاستقرار في ألمانيا لن تنسيها مدينتها "أنا أعشق الشام (دمشق) ورائحة القهوة تذكرني ببلدي". هناك كانت بسمة تعمل في صالون حلاقة، وحلمها أن تتمكن من إتقان اللغة وإجراء تدريب مهني في هذا المجال يتيح لها الدخول في سوق العمل الألماني. وربما لن يكون دخولها في سوق العمل سهلا، لكنها تؤمن بأن "الصبر والإرادة يجعلان المستحيل.... ممكنا". دالين صلاحية - مهاجر نيوز 2017
مشاركة :