الهاتف الذكي يزيح الكاميرا والثورة الرقمية تمنح الناس فرصة صنع الأحداث

  • 6/26/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تعد وسائل الإعلام كما كانت عليه في الماضي البعيد والقريب، وقريباً جداً ستكون مختلفة كلياً في الشكل والمضمون عما هي عليه الآن، ذلك أن التقنيات الحديثة والمعاصرة المتسارعة ستقلب تصوراتنا المألوفة والمكتسبة عن الميديا التقليدية، على أن هذا لا يعني أن العد التنازلي للميديا الراهنة يتسارع إلى حد سينهي وجودها في المدى القريب. ما سيحدث هو أن أشكالاً ومحتويات جديدة في العمل الإعلامي ستحل محل التقليدية في صوغ المعلومات ونشرها، فعلى سبيل المثال أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» طبعتها الافتراضية الرقمية ما سوف يتيح أمام القراء فرصة المشاركة الحية في صنع الحدث عبر ما يعرف باسم «الواقع المفترض». يقول الخبير في الميديا المعاصرة البروفيسور ميلكو بتروف، إن «المحتوى الذي يتلقاه القارئ بهذه الصورة سيستمر في إثارة فضوله واهتمامه لفترة قد يصل أمدها إلى أكثر من شهر بعد الحدث الذي لو تم تقديمه كنص تقليدي مكتوب سينساه في فترة أسبوع على أكثر تقدير». وفي مداخلته أمام منتدى الاتجاهات والتقنيات الحديثة في الميديا الذي نظمته وكالة أنباء «دويتشه فيلله» الألمانية بالاشتراك مع Mtel Forum قال الخبير في الشركة الاستشارية الألمانية IQ Gemini مايكل كوينتنس: «على رغم التقدم التقني الهائل في وسائل الاتصالات ما زلنا نستخدم التقنيات الحديثة في شكل بدائي عند مطالعتنا صحيفة أو مجلة، أو عندما نجلس أمام شاشة التلفزيون، فيما توجد طريقة أكثر إثارة تتمثل في إشراكنا لأجسادنا أيضاً في عملية التقبل والاستيعاب». كيف؟ يجيب كوينتنس: «استخدام النظارات الخاصة ذات الأبعاد المختلفة أو منظار الرؤية الافتراضية في شكل متساو مع الواقع المعاش يتيح لنا آنذاك الدخول المباشر في الحدث من خلال المشاركة في صنعه كما يحدث عندما نلعب بلاي ستيشن، وعندها يصبح أمامنا ليس ما يظهر على الشاشة أو الكومبيوتر فقط، وإنما نكون وسط الحدث الذي يحيط بنا من كل الأنحاء. في هذه الحالة ستكون أحاسيسنا ومشاعرنا مختلفة لأننا نحن أيضاً نصنع الحدث لا نشاهده فقط». يقول رئيس «أريكسون» في الشرق الأوسط أندش ليندبلاد: «في عام 2020 تكون وسائل الإعلام أكملت تحولها ولم ينج منها ما بقي على الأنماط التقليدية». وفي مقال له عن «مستقبل وسائل الإعلام» يقول الخبير الإعلامي الألماني ماتياس ميشائيل: «أخضعت الثورة الرقمية وسائل الإعلام لتغيير صاعق، فالإنترنت ليست فقط وسيلة الإعلام الجماهيرية الرابعة بل هي في ذات الوقت «ميتا-وسيلة» يتم من خلالها وفي شكل متصاعد، تلقي وسائل الإعلام الثلاث القديمة أي الصحيفة والإذاعة والتلفزيون».   شكل ومحتوى إعلامي جديدان كرست طواقم من الفنيين والصحافيين والمصورين جهودها المضنية من أجل إنجاز الشكل والمحتوى الإعلامي الجديدين. وتقول الخبيرة في النيوميديا فيسسلافا أنطونوفا: «ما نراه الآن هو أن حافلات النقل المباشر الباهظة الثمن المخصصة للأحداث وأعداد الريبورتاجات تكاد تختفي أمام هجوم التقنيات الجديدة، فمثلاً جهاز الهاتف الذكي من النوع المتطور يمكن أن يوفر من خلال الإنترنت الجيد بثاً حياً من أي مكان يشهد أحداثاً تثير اهتمام الناس في أي بقعة في العالم». وأضافت: «في المستقبل القريب سيكون بالإمكان استبدال المصورين التلفزيونيين بالطائرات من دون طيار «درون» المجهزة بكاميرات K4 القادرة على التصوير بزاوية 360 درجة».   ميديا الشخص الواحد سيحوّل البث الحي في الإنترنت أو ما يعرف بـ Livestreaming الشخص الذي يقوم به إلى وكالة أنباء أو ميديا من شخص واحد، إلا أن هذه لا يعني أن وسائل الإعلام الحالية المطبوعة على وشك الزوال أو أن الصحافيين العاملين فيها سيخرجون من سوق العمل، لأن دورهم لن يتغير مع تسيّد هذه التقنيات. ويقول الأستاذ في الصحافة والاتصالات العامة مارين بونديكوف: «سنحتاج إلى صحافيين جيدين على مستويات عالية من التدريب والحرفية ويتمتعون بأخلاق والتزام مهني وصدقية من شأنها الارتقاء بالمستوى المهني للميديا أياً كان نوعها، إضافة إلى إحساس صحافي ومهني راق». ويرى كوينتس أن «ما سيتغير هو فقط طرق النشر والمحتوى الصحافي. وإذا أرادت هذه الميديا أن تبقى فسيتحتم عليها أن تحافظ على ثقة القراء كون القارئ هو من يضمن لها الاستمرار»، لافتاً إلى «أن هذا سيكون في المتناول إذا ما أظهرت الميديا أياً كان نوعها إحساساً صحافياً رفيعاً بأهمية الخبر، وأن تقدم في شكل موضوعي كل الآراء ووجهات النظر حول الحدث وتداعياته في سياق من الاخلاقية المهنية البحتة». ويقول رئيس طاقم المحررين في «دويتشه فيلله» فيلفريد روندا إن «الصحافيين ملزمون نقل الحقيقة»، منبهاً إلى أن «هذه المهمة تتعقد بمرور الأيام مع انتشار الأخبار الكاذبة التي تنتشر وتنتقل بسرعة البرق وبسهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي». في هذا السياق تتزايد التحديات في شكل متسارع، فقد ظهر «الروبوت» وهو برنامج رقمي يستخدم شبكة من الخدمات المخصصة للقراء والمتلقين من البشر يتولى مهمة نشر معلومات كاذبة ومزيفة في شبكات التواصل الاجتماعي. ويلفت روندا إلى «أن الحل يكون بتعزيز عملية التأكد من صحة المعلومات ودقتها، ولهذا الغرض ابتكرت شركات التكنولوجيا برامج من شأنها ملاحقة الأخبار وتحليلها والتأكد من صحتها ودقتها قبل نشرها، ومن بينها برنامج «Reveal» وبرنامج «Truly Media».   الحياة على الإنترنت هل ستكون الحياة على الإنترنت مشرقة أم قاتمة في غضون 25 عاماً؟ يقول الخبير كريس بارانيوك: «كلا النظرتين القاتمة والمشرقة لمستقبل الإنترنت لها جمهورها وأنصارها. في آذار (مارس) 1989 كتب السير تيم بيرنرز- لي مذكرة أدت في النهاية إلى ولادة الشبكة العنكبوتية. في الثمانينات، كان من الصعب استيعاب فكرة ربط الوثائق ببعضها بتلك الطريقة المتشعبة». في عام 2040 ستحيط بنا الإنترنت من كل جانب، وكل ما نعتزم القيام به خلال اليوم سيكون واضحاً ومن السهل القيام به بفضل تدفق المعلومات عبر الإنترنت. إلا أن تدفق المعلومات بأحجام وكميات تكبر باستمرار يثير لدى الغالبية من الناس مخاوف من انتهاك الخصوصية. غير أن خبير أمن المعلومات بروس شينار يخفف من هذه المخاوف والهواجس بقوله إن «المخاوف الراهنة من انتهاك الخصوصية ستكون على أضيق نطاق بحلول عام 2040». وتكشف دراسة أعدها مركز» بيو» الأميركي عن أوضاع الإنترنت بعد عقد من الآن نشرت تفاصيلها صحيفة «نيويورك تايمز» أن كلمة «تهديد « تتردد أكثر من أربع مرات، مقارنة بالمقدار الذي ترد فيه كلمة «أمل». ويقول مدير العمليات في شبكة التواصل الاجتماعي في «مركز بيو» ميتا فيلتر: «ستزيد الإنترنت الأغنياء ثراء، وستصبح أداة لتهميش الفقراء، أو الذين يعانون من أمراض عقلية أو إعاقات»، لافتاً إلى «أن إحدى الطرق للحفاظ على المساواة والديموقراطية في الإنترنت هي حماية الحيادية التي تعني وجود شبكة مفتوحة، لا مركزية، ويمكن الدخول إليها على مستوى العالم، بدلاً من شبكة مقسمة إلى فئات يكون فيها الدخول إلى المعلومات المهمة حكراً على فئات من دون غيرها».

مشاركة :