مرة أخرى، عاود الإرهاب الإلكتروني الظهور على شبكة الإنترنت، تحت عناوين إلكترونية جديدة؛ لتحقيق الغرض الإرهابي، وذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، ومحاولة استمالة الشباب السعودي؛ بغية الانضمام إليه، من خلال تهييج العاطفة نحو ما يحدث لإخواننا في سوريا، والعراق، والدأب على محاولة استثارة أبناء القبائل السعودية في مناطق عديدة، وبث رسائل التحريض، والكراهية عبر هذه الشبكات، وهو ما صرح به مصدر رفيع في وزارة الداخلية - قبل أيام -، من أن: “العمليات الوشيكة التي كان يخطط لها) رصاصة في قصاصة)، والتشادي، تتلخص في استهداف علماء الدين، والقضاة العاملين في محاكم المناطق، ورجال الأمن المتخصصين في التحقيق، وتعقّب قضايا الإرهاب في السعودية، واستهداف البعثات الدبلوماسية الأمريكية، والفرنسية، والبريطانية”. تهديد أمن المجتمعات، وتدمير ممتلكاتها، والقيام بأعمال تخريبية، يشكل خطراً كبيراً على استقرار الدول؛ نظراً لما له من آثار وخيمة على أمن مواطنيها، واستقرارهم. وذلك عندما استخدمت تلك الموارد المعلوماتية، والوسائل الإلكترونية بشتى صنوف العدوان، وصور الإفساد؛ ولأن الإرهاب الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت، أصبح المكان الآمن للحركات الإرهابية، ونشر الأفكار المتطرفة؛ لتغيير أنماط التفكير الخاصة بالمجتمعات، والتي - مع الأسف - تتقبل المعلومة دون نقد، أو مراجعة، فقد أصبحت الشبكة العنكبوتية ساحة تستغلها المنظمات الإرهابية، والدول الراعية للإرهاب. إن افتقار عناصر الرقابة، وانفتاح وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب صعوبة الرقابة، أو المحاسبة يعتبران من أسباب انتشار الإرهاب الإلكتروني. وعلى سبيل المثال: فبعد أن كان عدد المواقع الإرهابية لتجنيد الإرهابيين في عام 1998 م، نحو “140” موقعاً - فقط -، زاد العدد اليوم إلى “8000 “ موقع على شبكة الإنترنت. - مع الجزم يقيناً - أن دولاً معروفة تقف خلف كثير من المنظمات الإرهابية، وذلك لتقاطع المصالح المشتركة فيما بينهم؛ لممارسة الضغوط باتجاه دول أخرى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى العمل على نشر أفكارهم، ومعتقداتهم، والتجهيز للعمليات الإرهابية، وتنسيق، وتبادل الخبرات الميدانية العملية فيما بينهم. من الروية، وحسن التصرف حماية عقول المجتمعات من الوقوع في الفوضى، باعتبار أن الأمن منظومة متناغمة الأجزاء، متساوقة الأنحاء. ولن يكون الأمر كذلك إلا بتفعيل الأمن الفكري، المستمد من مصادر الدين الصحيح، المعتمد على الكتاب، والسنة الصحيحة، والمنسجمة مع مصادر التشريع، بتحصيل المصالح، وتكميلها، وتعطيل المفاسد، وتقليلها. بل إن مدارها على تلك القاعدة العظيمة، فما أمرت الشريعة بشيء، أو أباحته إلاّ وفيه مصلحة محققة، أو راجحة على مفسدة مرجوحة، ولا نهت عن شيء، أو منعته إلاّ وفيه مفسدة محققة، أو راجحة على مصلحة مرجوحة. الإرهاب الإلكتروني، هو كابوس عصر الإنترنت الذي يهدد الدول بعد أن أصبح ظاهرة تقشعر لها الأبدان، وحوت بين جنباتها الكثير من الآلام، - ولذا - فإن العمل على بحث إستراتيجية مشتركة، قادرة على رصد المواقع الإلكترونية التي تنشر الأفكار المتطرفة، وتجند إرهابيين جددا، أصبح مطلباً مشروعاً، على أن تشمل تلك الإستراتيجية مراقبة اتصالات تنظيم القاعدة الإلكترونية، وتحديد أماكن تواجد التنظيمات الإرهابية، وقواعدها المعلوماتية؛ من أجل قطع الطريق أمام نشر أساليب صنع المتفجرات، واستخدام الأسلحة عن بعد. كما أن ضرورة توحيد التشريعات الأمنية على مستوى الدول العربية؛ بغية تعزيز قاعدة البيانات للمطلوبين أمنياً، والحد من المنتديات الإلكترونية المشبوهة، ومواقع الإنترنت المثيرة للفتن، والتي تسعى لتجنيد الشباب؛ للقيام بأعمال إرهابية، أمر في غاية الأهمية. drsasq@gmail.com باحث في السياسة الشرعية
مشاركة :