تجد الولايات المتحدة نفسها في موقع غير مألوف خلال الأزمة الخليجية، فأطراف الأزمة حلفاء مهمون لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط، ما يشكل اختبارا معقدا لإدارة دونالد ترامب ووزير الخارجية ريكس تيلرسون. وتسعى الإدارة الأمريكية للخروج من الأزمة بطريقة تسمح لكل جهة بالظهور بمظهر المنتصر. ولكن جهودها تصطدم بتمسك الرياض والدوحة بموقفيهما. أجرى وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون مساء الثلاثاء مباحثات مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير شؤون مجلس الوزراء الكويتي محمد العبد لله الصباح الذي تقوم بلاده بدور الوسيط في الأزمة الخليجية، أملا في التوصل إلى حل للتوتر بين حلفاء واشنطن الخليجيين. وقطر شريك مهم جدا بالنسبة للولايات المتحدة، فهي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط هي قاعدة العديد التي لعبت دورا مهما في الحروب التي خاضتها وتخوضها واشنطن في العراق وأفغانستان. القاعدة العسكرية في قطر والأسطول الخامس في البحرين والدوحة مدعومة من تركيا التي تعد القوة العسكرية الثانية في حلف شمال الأطلسي والتي تشارك قواتها مع القوات الأمريكية في التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق. وعلى الطرف الآخر تستضيف البحرين الأسطول الأمريكي الخامس، وترتبط واشنطن كذلك بعلاقات شراكة دبلوماسية وعسكرية مع الرياض والقاهرة وأبو ظبي، كما أن السعودية والإمارات العربية المتحدة شريكان اقتصاديان على درجة عالية من الأهمية بالنسبة للاقتصاد الأمريكي. وتيلرسون نفسه يعي أهمية هذه الشراكات بفضل عمله السابق كمدير لشركة النفط العملاقة "إكسون-موبيل" التي تملك استثمارات كبرى في منطقة الخليج. ولا تبدو مهمة تيلرسون سهلة أمام الرفض القطري الكامل لقائمة المطالب، وتمسك الرياض بها وإعلانها أنها غير قابلة للتفاوض، إلى جانب تلويح السعودية وحلفائها بتشديد العقوبات على الدوحة إذا رفضت الالتزام بمطالبهم. إذ إن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قد قال: "قدمنا قائمة من المطالب إلى قطر وأوضحنا موقفنا واتخذنا قرارنا، وقائمة المطالب هذه غير قابلة للتفاوض ويجب تنفيذها كاملة". على الدوحة الاختيار بين إيران وبين مجلس التعاون الخليجي كما صرح سفير دولة الإمارات لدى روسيا عمر غباش في حوار مع صحيفة "الغارديان" البريطانية أن أبو ظبي والرياض والمنامة والقاهرة تدرس حاليا إمكانية تشديد العقوبات على الدوحة، مشيرا إلى احتمال تخيير الشركاء الاقتصاديين لهذه الدول بين العمل معهم أو العمل مع قطر، مضيفا أن على الدوحة الاختيار بين إيران وبين مجلس التعاون الخليجي. من جانبه اعتبر وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن على الدول المقاطعة لبلاده أن تقدم أدلة على الاتهامات التي توجهها للدوحة، وأن قول هذه الدول إن قائمة المطالب غير قابلة للتفاوض هو أمر مناف للقوانين الدولية، وأن المطالب يجب أن تكون عقلانية. وتتضمن قائمة المطالب التي قدمتها الدول الأربعة إلى الدوحة إغلاق قناة "الجزيرة"، وخفض العلاقات مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر، وإنهاء العلاقات مع جماعة "الإخوان المسلمون" و"حزب الله" وتنظيمي "القاعدة" و"الدولة الإسلامية"، وتسليم معارضين مطلوبين لدى هذه الدول تستضيفهم قطر. على جميع الدول وقف الإرهاب ومكافحة التطرف وأمام هذا الوضع صرح ريكس تيلرسون في بداية الأسبوع أنه سيكون من الصعب جدا على قطر تنفيذ بعض المطالب التي قدمتها الرياض وأبو ظبي والمنامة والقاهرة، مضيفا أن هناك ما يوفر أساسا لحوار مستمر بناء للوصول إلى حل. وأكد وزير الخارجية الأمريكي أيضا أن بلاده تدعم جهود الوساطة الكويتية للوصول إلى حل للأزمة. وبعد اجتماع تيلرسون بوزير شؤون مجلس الوزراء الكويتي محمد العبد لله الصباح قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت إن الوزيرين أكدا "على ضرورة أن تمارس جميع الأطراف ضبط النفس إفساحا للمجال أمام مناقشات دبلوماسية بناءة". وأكد الوزيران أن على جميع الدول وقف الإرهاب ومكافحة التطرف. ومن المنتظر أن تستكمل الدبلوماسية الأمريكية عملها لإيجاد حل لهذه الأزمة. فؤاد حسن نشرت في : 28/06/2017
مشاركة :