الشاعر الفلسطيني بسام أبوغزالة يبث تأملاته الفلسفية والوجودية وأيضا أفكاره السياسية بروح صوفية في ديوان جديد صدر مؤخرا تحت عنوان الرباعيات.العرب [نُشر في 2017/07/01، العدد: 10678، ص(16)]عودة إلى الرباعيات عمّان - عرفَ الأدبُ العربي الرباعيات في العصور الوسطى، بتأثيرٍ من الثقافة الفارسية التي قدّمت للعالم شعراء اشتُهروا بهذا النوع من الشعر من أبرزهم عمر الخيام، الذي لقيت رباعياته اهتماماً واسعاً، وتُرجمت إلى لغات عدة من بينها العربية، وغنّت مقاطعَ منها كوكب الشرق أم كلثوم، بترجمة أحمد رامي. وارتبطت الرباعيات عند العرب بالمنحى الصوفي، حيث الدعوة إلى الزهد والرضا والبحث عن التوازن والصفاء النفسي. وهو ما يمكن تلمّسه في الديوان الذي صدر مؤخراً للشاعر بسام أبوغزالة بعنوان “الرباعيات”، حيث لم يجد الشاعر أكثر مناسَبةً من قالب الرباعيات لبثّ تأملاته الفلسفية والوجودية، بل وأفكاره السياسية، في نصوص شعرية. إذ يتيح له هذا القالب تقديم رؤاه بعبارة مكثفة، وموسيقى سلسة، وبما يضمن تحقيق التفاعل المأمول مع المتلقي. يتضمن الديوان قسمَين؛ الأول “في التأمُّل”، والثاني يخاطب “الوطن اليتيم”. يتأمل الشاعر الحياة الفانية بقوله: “لم يعد بيني وبين الصفر بابْ يا خليليَّ على الدرب الطويلْ فاحملا عني تباريح الحسابْ واتركا لي خلوةً بين الطلول”. في رؤية صوفية طامحة إلى التحرر من قيد المادة، يرى الشاعر أن الحياة السطحية “قيدٌ وأسْـر”، والحرية فيها وهمٌ، لذلك فإنه يرجو العبور إلى حالة أخرى من التجلي. والحب عند أبوغزالة لا يبقى على حاله، فهو أيضاً عرضة للتغير. يقول: “لذةُ العشق تباريحُ الجوى وانعصار القلب في ليل السهادِ فاعذريني إن خبتْ نارُ الهوى نزل القطرُ فأطفا بي اتقادي”. الحياة ليست حزناً وأسى، كما قد يفهم القراء نصوص الشاعر، فالشاعر يسعى إلى التوحد مع الكون بكل تفاصيله، في سعادة هي سعادة الحب والحلول في الأشياء وعناصر الحياة وتمثلها. وفي القسم الثاني من الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” بعمّان، تحضر الثيمة السياسية والقضايا الوطنية والقومية، ومن ذلك رثاء الشاعر اللبناني الكبير خليل حاوي، الذي لم يحتمل رؤية الدبابات الإسرائيلية تغزو بيروت عام 1982، فقام بإطلاق رصاصة على نفسه، كفارس يأبى المذلة والهوان في الأسر. كما يتكلم الشاعر عن تقاعس الإنسان العربي ونكوصه عن المقاومة، وخاصة في ما يتعلق بالقضايا العربية الكبرى مثل فلسطين. يُذكر أن بسام أبوغزالة وُلد في مدينة نابلس الفلسطينية سنة 1940، درس الصيدلة في الجامعة الأميركية في بيروت، وتخصَّص في الصيدلة السريرية، التي مارسها لمدة من الزمن، قبل أن يتفرغ للكتابة والترجمة. بدأ أبوغزالة في كتابة الشعر في وقت مبكر من حياته، لكنه لم يُصدر فيه سوى ديوان “الرباعيات”. كما أصدر مؤخراً رواية بعنوان “العشق المر”، إلى جانب أكثر من عشرة كتب مترجمة، في السياسة والتاريخ والتراث العربي القديم، من أبرزها: “التاريخ الشعبي للثورة الفنزويلية”، و”اعترافات قاتل اقتصادي”.
مشاركة :