يمتلك جسم الإنسان أنواعاً متعددة من العضلات، أولها الملساء، وهي عضلات لا إرادية توجد في جدار الأعضاء الداخلية في الجسم مثل المعدة والمثانة، إضافة إلى العضلات القلبية اللاإرادية التي يتكون منها القلب، أما النوع الثالث فهي العضلات الهيكلية، وهي الإرادية المسؤولة عن حركة الجسم، والساقين واليدين، حيث يتكون نسيج العضلات الهيكلية من عدد كبير من الألياف العضلية، التي تتألف بدورها من مجموعة من التليفات العضلية، ويتكون كل ليف عضلي من نوعين من الخيوط البروتينية والأكتين والميوسين. وتنص نظرية الخيوط المنزلقة التي تفسر آلية انقباض العضلات، أن خيوط الأكتين تنزلق بين خيوط الميوسين، مما يؤدي إلى تقصير طول الليفات العضلية و بالتالي انقباض العضلة، وتحريك المفصل المرتبط بها.يقصد بتمزق العضلة حدوث تلف جزئي أو كلي في ألياف العضلة، أو في الوتر الذي يربطها بالعظام نتيجة تعرضها لضغط يفوق قدرتها على التحمل، كما يحدث عند رفع الأشياء الثقيلة بشكل مفاجئ، وقد ينتج عن تمزق العضلة تلف بعض الأوعية الدموية الصغيرة مما يسبب النزيف والكدمات، والشعور بالألم بسبب تهيج النهايات العصبية في منطقة التمزق، وتزداد فرصة الإصابة بتمزق العضلات عند الرياضيين الذين يمارسون أنواع الرياضة التي تتطلب الاحتكاك الجسدي مثل الملاكمة وكرة القدم والهوكي، أو أنواع الرياضة التي تتطلب تكرار بعض الحركات باستمرار ما يؤدي إلى تمزق عضلات الساعد واليد مثل التجديف والتنس والغولف، كما يمكن أن تحدث عند الأشخاص الذين يمارسون مهناً تتطلب رفع الأحمال الثقيلة.الأعراضتختلف أعراض تمزق العضلة حسب درجة التمزق، وتحتاج الأعراض إلى عدة أسابيع لتختفي في حالة الإصابات الخفيفة والمعتدلة، أما في حالة الإصابات الحادة فقد تحتاج الأعراض إلى شهور عدة لتختفي، ومن أعراض تمزق العضلات الشعور بألم مفاجئ في مكان الإصابة وتورم العضلة وتشنجها وحدوث كدمات وتلون منطقة الإصابة، إضافة إلى محدودية القدرة على تحريك العضلة وتصلب وتقرح مكان الإصابة وظهور فجوة في العضلة. أما الأعراض التي تستدعي استشارة الطبيب فهي سماع صوت فرقعة عند حدوث الإصابة وضعف العضلات وصعوبة تحريكها مقارنة بالجهة الأخرى من الجسم والشعور بألم شديد، وتورم مكان الإصابة، ومن الأعراض الخطيرة لتمزق العضلات الهيكلية الشعور بألم شديد في الظهر يمكن أن يمنع المصاب من أداء الأنشطة الاعتيادية، أو ظهور ألم في الظهر يتفاقم بعد عدة أيام، إضافة إلى عدم تحسن آلام الظهر خلال أسبوعين من تلقي العلاج، والشعور بالخدر في الفخذ أو المستقيم وألم وحرقة عند التبول، مع صعوبة في السيطرة على عملية التبول أو التبرز والشعور بالخدر أو وخز في الساق وألم شديد يمنع المصاب من النوم.التشخيص والعلاجيقوم الطبيب عند تشخيص تمزق العضلات بإجراء الفحص السريري، وعمل أشعة سينية، وفي بعض الأحيان قد يحتاج لعمل صورة مقطعية أو رنين مغناطيسي. ويحتاج علاج تمزق العضلات إلى الكثير من الوقت والصبر، حيث يبدأ العلاج مباشرة بعد التعرض للإصابة، ويستمر حتى تستعيد العضلة قوتها من جديد، ومن طرق العلاج الشائعة تقديم المساعدة للمصاب بتمزق العضلات فور حدوث الإصابة باستخدام مبدأ (PRICE) من أجل الحصول على أفضل نتائج العلاج. فمبدأ (PRICE) هو تجميع للحروف الأولى من الكلمات (Protection, Rest, Ice, Compression, Elevation)، ويقصد بهذا المبدأ تتابع خطوات الإسعاف الأولى، وهي الحماية، أي حماية العضلة المصابة من حدوث مضاعفات تزيد شدة الإصابة، ومن ثم الراحة، ويقصد بها تجنب مزاولة أي نشاط بدني قد يسبب الألم ويؤخر الشفاء، ثم استخدام كمادات الثلج لتخفيف الألم ومنع حدوث الالتهابات وإغلاق الأوعية الدموية المتضررة، إذ ينصح بوضع كمادات الثلج على مكان الإصابة لمدة عشرين دقيقة كل ساعة، مع وضع منشفة أو أي حاجز بين الجسم والثلج، والضغط عن طريق وضع رباط مطاطي ضاغط بدون إحكام شديد على منطقة الألم من أجل تقليل التورم، وأخيرا رفع الجزء المصاب لتقليل تجمع السوائل وبالتالي تخفيف التورم. وضع كمادات ساخنة بعد يوم أو يومين من الإصابة، وبعد أن يخف التورم، يساعد على استرخاء العضلة، أما وضعها قبل أن يخف الورم فيمكن أن يؤدي إلى زيادة الألم والتورم، ويجب تفادي وضع الكمادات الساخنة على الجلد مباشرة. ويساعد تناول الأدوية المضادة للالتهابات، والمسكنات مثل (بفيرين)، و(أدفيل) على تخفيف الألم والحركة بشكل محدود. وبعد زوال الألم الحاد والتورم، يبدأ العمل على إعادة تأهيل الجزء المصاب، حيث يقوم مقدمو الرعاية الصحية بعمل علاج طبيعي للعضلة المصابة، وإرشاد المصاب للقيام بمجموعة من التدريبات، اعتماداً على مكان الإصابة ومدى الضرر الناتج عنها، وذلك لمنع تصلب العضلة، وتحسين مدى حركتها ومرونتها.يكون الهدف من إعادة التأهيل هو تمكين المصاب من العودة لممارسة الأنشطة اليومية بسهولة ويسر، والعودة لممارسة الرياضة إذا رغب المصاب بذلك، مع العلم أن فترة إعادة التأهيل تعتمد على شدة الإصابة ومدى استجابة الفرد للعلاج، فقد تحتاج بعض الإصابات ما بين 8 إلى 12 شهراً قبل الشفاء التام، وقد يتضمن العلاج الطبيعي استخدام الموجات فوق الصوتية، أو تدليك العضلة المصابة، ويمكن أن يلجأ الطبيب أحياناً إلى الجراحة لإصلاح العضلات المتضررة والأربطة، اعتماداً على توقعات المريض لما بعد الشفاء.الوقاية هناك العديد من الطرق التي يمكن بها الوقاية من تمزق العضلات، تتمثل أولها في التوقف عن ممارسة الرياضة أو التدريب عند الشعور بالألم أو التعب، وتجنب الإجهاد الشديد للعضلات، وتناول الأغذية الصحية التي تحتوي على جميع العناصر الغذائية للحفاظ على قوة عضلات الجسم، والأخذ في الاعتبار اختيار معدات الوقاية الشخصية المناسبة عند ممارسة الألعاب وأنواع الرياضة المختلفة، والحفاظ على وزن صحي، نسبة لأن الوزن الزائد يحمل الجسم ضغطاً إضافياً. ومن عوامل الوقاية الأخرى اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع التعثر بالأشياء من خلال المحافظة على الممرات والسلالم خالية من الفوضى، إضافة إلى ارتداء الأحذية المناسبة، واستبدالها فور تعرضها للتلف، والركض على الأسطح المستوية فقط وممارسة تمارين التمدد بشكل يومي، والتأكد من لياقة الجسم البدنية قبل بدء الرياضة، وعدم إهمال عملية الإحماء الكافية قبل المشاركة في التدريبات أو ممارسة الرياضة. كما يترتب أيضاً ثني الركبتين عند رفع الأحمال الثقيلة، وتجنب حني الظهر والامتناع عن التدخين لتحسين تدفق الدم إلى العضلات.
مشاركة :