عندما نعود إلى «عصر الجاهلية»

  • 7/2/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

< يروي ما نقل لنا من تاريخنا أن العرب وصلوا مرحلة من التراجع الأخلاقي والاجتماعي خلال فترة ما قبل الإسلام، تجاوزوا فيها حتى حدود الفطرة الإنسانية. هكذا تاريخنا يسجل، وعلى رغم أن العرب لم ينفردوا بهكذا فترات تمر بها الأمم، لكن هذا لا يبررها أو يجعلها مقبولة أو صحيحة، خصوصاً إن تذكرنا أننا أبناء أولى الحضارات وأقدمها، وأجدادنا من قدم الكتابة والعلوم الأولى وغيرها كثير، لكن تاريخنا مما لا يمكن نكرانه، بحسناته وسيئاته. انتشرت خلال فترة الجاهلية عبادة الأصنام، وكانت ترتكز على اختيار كل فرد وعشيرة «إلها» مشهوراً ليعبدوه ويقدسوه ويجعلوا له القدرات الخارقة، وأحياناً ربما يخترعون لهم إلهاً، وهذه القضية قليلاً ما ترتبط بالعبادة أو التدين، إنما ترتبط أكثر بمكانة القبيلة ونفوذها، ورغبتها بالسيطرة على الآخرين، وجوانب اقتصادية وتجارية، ويتبعهم عليه البعض جهلاً. على رغم أن الإسلام أزال كل تلك الآلهة وصارت العبادة للواحد الأحد، لكن جانباً من فكرة عبادة وتقديس الأصنام مازال موجوداً فينا، ألا تظنون ذلك؟ عندما يرى أحدنا فكرة أو شخصاً على أنهما الحق، فهو يراهما «وهْماً»، الصواب المطلق لا يحتملان الخطأ أبداً، وكأن رب العزة لم يخلق غيرهما، ويسفه ويهاجم ويشتم ويسب كل من يختلف معهما ولو جزئياً، بل وربما يكفّره ويخرجه عن الملة! أغلبنا يفعل ذلك بطريقة أو أخرى، فنقدس بشراً مثلنا وننزههم عن الخطأ تماماً، فصاروا مقياسنا للصواب والخطأ، على رغم أن ديننا وسيرة أهل بيت النبي الكريم، عليه وعليهم أفضل الصلوات، علمتنا «أن نعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال»، فأين نحن من ذلك؟ احترام وتقدير ذوي العقول والأفكار النيرة وقادة الأمة والمجتمع شيء حسن جداً بل وواجب، فالأمة بلا قادة مخلصين تسير على غير هدى، لكن أن نقدسهم ونعصمهم من الأخطاء، ليس من الدين أو العقل في شيء. فهل بعضنا عاد هذه الأيام إلى عصر الجاهلية؟ فصنع صنما له وصار يقدسه؟ ألا تظنون أن تصور شخص بأنه، زينب العصر، وآخر مختار العصر، وغيره المصلح الأكبر، وغيره القائد الفذ ومنقذ الأمة، أنموذج لعبادة الأصنام بثوب جديد؟ هل من أغراض أخرى خلف ذلك، أم هو جهل مطبق معتاد؟     *عضو نقابة الصحافيين العراقيين.

مشاركة :