تدبّر قرآني.. النجوى والترجمات الصادقة بالإنتاج لخدمة الإنسان

  • 7/2/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال الله في محكم كتابه الكريم: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مَرْضَات الله فسوف نُؤْتِيه أجراً عظيماً" (سورة النساء: 114). خلال قراءتي الرمضانية السنوية لكتاب الله المجيد، أطلت التأمل بعض الشيء في الآية الكريمة الآنفة الذكر، ضمن رحلة التدبر القرآني، وقد جال في فكري الواقع الأليم للصراعات المتعددة بمختلف المواقع الاجتماعية، والصراعات الفكرية بين كل الخطوط الفكرية، واتباع المدارس الفقهية، والألوان القومية والدينية في رقعة الشرق الأوسط، والتراشق الإعلامي لكل الأطراف، لطفاً راجع مقالنا: ومقالنا: قفز إلى ذاكرتي اقتراح الأستاذ أحمد مدرس العلوم الإدارية في أحد معاهد الإدارة بالوطن العربي لي بأن أكتب مقالاً يتناول المبادرات الاجتماعية التطوعية، ويغطي آليات تجذيرها في المجتمع، بعد رصد شيء من سوء الفهم في أحد قروبات مواقع التواصل الاجتماعي المعنون بقروب مبادرتي الاجتماعية. فكرت في طريقة لربط المطلوب من مواد المقال والآية الكريمة الآنفة الذكر في صدر المقال، فكتبت التالي: المبادرات الاجتماعية بين الفكرة والولادة تنقدح في الكثير منا أفكار تثري العمل الخيري التطوعي بين الفينة والأخرى إلا أن القليل منها تتطور من فكرة إلى مشروع يولد وينمو ويشتد عوده، فيصبح مؤسسة أو جمعية أو نموذجاً أو يستنسخ منه عدة نسخ في أماكن كثيرة في العالم. قد يكون السؤال الأول الذي يراود ذوي الحس الاجتماعي العالي بالمسؤولية هو: ماذا أعمل لإنجاح مبادرتي؟! الجواب بكل بساطة هو: الاعتماد على الموارد المتاحة بين يدي ذات المبادر، وثانياً: إيجاد خطة تنفيذية، وثالثاً الإصرار على الإنجاز من خلال النفس الطويل، وأخيراً تجنب مواطن الفشل والخذلان والتثبيط. ومن أهم مواطن الخذلان هو التردد من جهة، وكثرة النقاشات البيزنطية غير المثمرة، وغير الهادفة، التي قد تصل لمستوى قتل الفكرة بحثاً وتدقيقاً، وسيناريوهات، من دون تحرك فعلي واقعي ملموس، هذا على مستوى المبادرات الفردية أو شبه الفردية. على المستوى الجماعي، كما لاحظت، سيكون من أهم المعوقات التي قد تئد المبادرات الاجتماعية الخيرية هو تعدد اللجان المتداخلة المسؤولية، وعدم وجود صانع قرار بين المجموعة، وتكاثر الغيوم الضبابية في التوجه للأفراد الأعضاء لتبني أي مبادرة نتيجة لطغيان الفردانية one man show أو نتيجة وجود الأطماع الشخصية من البعض، أو وجود نزعة الانتهازية الشللية أو ما هو على شاكلة هذا الأمر. بين هذا وذاك لا ننسى أن البساطة في الآليات والفكرة لأي مبادرة يجعلها أقرب للتنفيذ وأسرع في الإنجاز وأقل سلسلة تعليمات في إقرار القرارات بالتنفيذ. قد يكون لكل منا تجاربه في طرح مبادرة اجتماعية خيرية هنا أو هناك، ورؤية المبادرة رأي العين المجردة من خلال تجسيد المبادرة إلى مشروع حي ملموس على الصعيد الفردي، الأسري، والاجتماعي، والوطني، وأكثر. لطفا راجع مقالنا: المذاعة على أثير BBC.. أوحت لي بأفكار وأعمال خيرية في بعض المجتمعات تنجح المبادرات؛ لأنها مبنية فقط على التبرع المالي النقدي، وفي بعض المجتمعات تُقتل المبادرة لنفس السبب. ولذا من الذكاء بمكان تشخيص إمكانيات التفاعل للوسط الاجتماعي بناء على إمكانياته واحتياجاته، وإلا فلتنقل المبادرة حيثما يمكن زرعها وتحقيقها ونموها. المبادرات بشكل عام هي ترجمة لإحساس المشاركة لدى المبادر في وضع الحلول الوقتية أو الدائمة لمشاكل قائمة من خلال التشخيص السليم لمشكلة ما، ومحاولة منه / منهم لطرح وتفعيل حلول ابتكارية لمشاكل قائمة لم يتم الاستيفاء لحلها بالأدوات القائمة، وتهدف المبادرة إلى إيجاد حلول متوافقة مع الإمكانيات المتوافرة بطرق أكثر كفاءة. ينتقد البعض في الكثير من المبادرات كونها ترتكز على المال أو الغذاء والنداء بتجميعة من خلال التبرع fund raising لتمرير بعض الحلول لمشاكل كالعوز أو الفقر المالي. ولكن في الواقع هناك مشاكل كثيرة تتجاوز الحاجة لطعام كالحاجة لضمان الحقوق للنساء والأطفال أو كتفعيل روح التطوع أو إيجاد مبادرات لبث روح القضاء على وقت الفراغ للشباب بما ينفعهم، أو تبني مبادرات لرفع الوعي الثقافي، أو الأمني أو المالي لدى أفراد المجتمع. طبعاً نُسجل خالص شكرنا لما تقوم به معظم الجمعيات الخيرية في أرجاء الأرض، جزاها الله خير الجزاء، وذلك لتزويد تلك الجمعيات الخيرية للأسر المحتاجة بالطعام واللباس. والمعروف أن بعض تلك الأسر هن ضحايا لعدم وجود ضمانات في عقود الأنكحة القائمة فعلياً على سبيل المثال، أو لوجود عوائق في صرف الإرث؛ لعدم وجود آليات في وصية الأب مثلاً. وقد يكون من الذكاء بمكان إدراج مبادرات تعالج ما يؤدي إلى إدراج المزيد من النساء والأطفال نتيجة غياب نماذج وأوراق علمية تعالج فجوات كهذه. أتذكر أنني طرحت نموذجاً لعقد أنكحة يعالج مشكلة المعلقات (المعزولات قسراً من الحياة العادية بسبب عدم طلاقهن وعدم انخراطهن في حياتهن العادية كزوجات)، وكذلك تم تقديم نموذج مقترح لوصية The Will للتغلب على موضوع حصر الأرض، وتخصيص الثلث، والجدول الزمني لتوزيع الإرث. ليس بعيداً عن الموضوع آلية تفعيل المبادرات، مع ارتفاع مستوى التعليم وانتشار روح القراءة والاطلاع، تدفقت الكثير من الأفكار والمبادرات التي لم تتحول إلى مشاريع مفيدة لأبناء المجتمع لعدة أسباب، منها عدم فهم آليات تبني وتفعيل المبادرات، أو لتشنج المواقف في العمل الجماعي. الفردانية والاستحواذ على أي مبادرة يجعلان التفاعل حكراً على صاحبها؛ لأن بعضاً من الآخرين ينسب كل شيء يتعلق بالمبادرة لشخص المقترح لها فقط، ومن هنا ترى وتسجل ضمور النمو في المبادرات الاجتماعية الخيرية، أو محدودية نمطها، وقد يتعمد البعض التمييع ثم إهالة التراب لإعلان وأد الفكرة المقترحة، ولاحقاً بعد فترة من الزمن يتم طرح نفس الفكرة، ولكن تجير باسم شخص آخر. وهذا عمل أخلاقي شنيع وجرم كبير في حق الآخر والمجتمع والمستفيدين مستقبلاً من إخراج الفكرة إلى حيّز المشروع إذا ما تم تفعيله. أقترح على كل الصادقين توزيع الأدوار، فقد يكون هناك شخص مبدع فكرياً وخلاق، وهناك شخص آخر منفذ معتمد وصادق، وهناك آخر يمتاز بالتسويق الإعلامي للمبادرة، وهكذا أدوار مختلفة ومتكاملة في التنفيذ. للحق نتج عن القروب تسجيل عدةً مبادرات اجتماعية مباركة بين القائمة فعلاً والمزمع الشروع فيها كـ: - مبادرة ترميم بيوت اليتامى والنساء الأرامل من خلال التبرع بالفائض من مواد البناء لأبناء الحي أو المنطقة. - مبادرة توزيع الفائض من الطعام. - مبادرة إهداء الملابس المستعملة ذات الحالة الجيدة. - مبادرة إبراء الذمة لإرجاع صحون المطاعم (تم رصد إرجاع 3000 صحن للمطاعم). - مبادرة إبراء الذمة للورثة. - مبادرة التعجيل بالفصل القضائي في حق المعلقات. - مبادرة إعداد طباخ. - مبادرة إعداد خياطة نسائية، وغيرها من المبادرات. بحكم التجارب العملية التراكمية من واقع الاحتكاك ببعض الأعمال التطوعية وتبني أو تصويب بعض المبادرات الاجتماعية التطوعية لرفع الأمل، وزرع الفرص للبعض من أبناء المجتمع المنسيين أو الأقل نصيباً. في تشخيصي القاصر فإن الصبر والمثابرة لإنجاز الأهداف هي من مستلزمات النجاح، وكل شخص يستطيع أن يستلهم من الآية الكريمة الكثير من المعاني التي تعني حياة أفضل من التراشق والثرثرة، وللمساهمة في خلق شخصية أفضل، وبناء مجتمع أجمل، وذلك حسب ظروف كل منا، وموقعه الجغرافي، وتجاربه التراكمية. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :