لأن جينكينز يعيش حياة مطمئنة ويكتب باطمئنان. لذلك تبدو أفكاره بشأن بلداننا العربية أقرب إلى ما نفكر فيه، وليس ما يفكر فيه عادة الصحافي الغربي بطريقة غير مكتملة بشأن أحوالنا. سافر سيمون كثيرا إلى عدد من الدول الإسلامية وفوجئ عندما وجد أن الأنظمة الحاكمة فيها علمانية بدرجة كبيرة رغم المشاعر الدينية على المستوى الشعبي، لكنه يعتقد أن الحسنة التي قدمتها هذه الأنظمة الدكتاتورية هي أنها تمكنت من إبقاء الإسلاميين بعيدا عن الصورة. وكتب في مقال آخر أن الربيع العربي جلب البؤس والفوضى وليس السلام والديمقراطية التي وعد ديفيد كاميرون الليبيين بها. وقال “لقد ألحقنا بالعالم الإسلامي أضرارا تفوق كل ما ألحقه بنا وينبغي أن نتركه يحل مشاكله بنفسه”. لذلك يعتقد أن عيش البلدان العربية تحت أنظمة دكتاتورية لعشرات السنين أفضل بكثير من حكم أحزاب الإسلام السياسي لأيام. كان يعيد نفس فكرته بعد الاعتداءات الإرهابية التي ضربت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بالقول إن داعش سيكون سعيدا عندما يعلن الغرب الطوارئ ويقيّد الحريات ويلاحق المسلمين المعتدلين. وإن كل دين له سلالة من الأصوليين ويجب على الديمقراطية ألا تعطيهم مُكبر صوت، بل هزيمتهم بالاعتدال والعقل. سيمون جينكينز الذي يكتب في السياسة والتاريخ والنقد المعماري، والحاصل على جائزة الصحافة السنوية، وصف ترامب بأنه يتصرف أشبه بمعاون أسامة بن لادن أو شريك له أو ألعوبة بـيده. لا يكتفي هذا الكاتب بمعاينة العالم السياسي، فهو عندما يتألم على موت المكتبات فهذا لا يعني موت الكتب، لذلك وضع “تصورا” لمرحلة ما بعد الرقمية من دون أن يلغي قيم القراءة التقليدية وطقوس زيارة المتاحف ودور العرض والمكتبات. وطالب بعدم الوقوع في خطأ إلغاء القديم من أجل التجربة الحية التي يبثها العصر الرقمي. ثمة عشرات الأسماء في الصحافة العربية كمعادل غير موضوعي، لأفكار سيمون جينكينز، أحدهم – أيتها الزميلة الصحافية العزيزة- يكتب أكثر من مقالين أسبوعيا في أهم الصحف العربية، فيها من التكرار والسرد التاريخي والجمل الجاهزة، والأبيات الشعرية ما يبعث على الانزعاج كفعل مرافق للقراءة!! ومع ذلك حصل على جائزة الصحافة العربية! فيا لسوء حظ القراء العرب مرة أخرى! كرم نعمة karam@alarab.co.uk
مشاركة :