صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن سلسلة «الإبداع العربي»، كتاب للكاتب الصحافي اللبناني الشاعر محمد غبريس بعنوان «قبضة جمر... دور المثقفين في مواجهة الإرهاب».يتناول الكتاب رؤية المؤلف حول دور المثقفين في مواجهة الإرهاب وكيفية التصدي للأفكار الظلامية، التي بات تنتشر في مجتمعاتنا كالنار في الهشيم، وتقدمت عن سواها من أفكار ورؤى ثقافية وحضارية.يقول غبريس في تقديمه للكتاب: «إن كثيراً من الدول العربية والأجنبية تعرضت لأعمال إرهابية بوجوه متعددة، وتحت عناوين وشعارات مختلفة، وشعر الجميع بأن الإرهاب لن يوفر أحداً، وانطلقت الحملات لمكافحته في كل مكان، الأمر الذي نتج عنه ردات فعل دموية وقاتلة». وهو يرى أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن كل دولة تنظر إلى الإرهاب من وجهة نظرها ورؤيتها الخاصة، وبات الأمر يشكل كارثة إنسانية حقيقية، فتلك الدولة التي تعتبر أن هذا التنظيم إرهابي، هناك دولة غيرها تعتبره ليس إرهابياً، وتعمل على دعمه وتغذيته بشتى الطرق، وبتنا في مأزق خطير يهدد الكيانات العربية وينسف الهوية والتاريخ.وأمام هذه الضبابية في المشهد والتزايد في التعقيد والعنف، يتساءل المؤلف: «ماذا يقول المثقفون العرب، والإرهاب يضرب تقريباً في كل بلد عربي؟ والمشروع المذهبي الطائفي يتقدم في مستوى الثقافي؟».يتضمن الكتاب ثلاثة فصول: بالنسبة إلى الفصل الأول حمل عنوان «مقالات» حيث رأى المؤلف أن المثقف ظل صامداً وحالماً منذ مطلع عصر التنوير، وقَدَّم دمه وفكره وعقله في أحلك الظروف والأحداث، واستطاع على الرغم من جمر الدروب أن يعبر جسر الهروب، ويكسر حاجز الطغيان، ويتحدى الواقع بكل أشكاله، وهو سيبقى وإن غاب هنا أو صمت هناك، حامل راية الناس وتطلعاتهم وأحلامهم ونداءاتهم.يحتوي الفصل على العناوين التالية: المثقف العربي في عين العاصفة، الخطر الحضاري والثقافي، عندما يتحالف الجهل مع التطرف، حضارتنا... النجاة رغم الطغاة، تضحيات عظيمة على طريق الحرية، وحشية الإرهاب تهدم ثقافة القيم الإنسانية.يتناول الفصل الثاني عدداً من التحقيقات التي تتضمن آراء مجموعة من المثقفين والإعلاميين والأدباء والكتاب من مختلف الدول العربية للوقوف عند القضايا والأسئلة الراهنة التي تمثل تحديات كبيرة لا سيما على صعيد مواجهة الإرهاب والعوامل المؤثرة في انتشار ظاهرة التطرف والتعصب، بعد سلسلة من الانتكاسات التي أصيب بها العالم العربي.ومن التحقيقات: دور المثقف في التصدي للإرهاب، ضرورة إنشاء قوة ثقافية عربية مشتركة، حروب مدمرة وقودها الشباب العربي البائس، عاصفة التطرف والعنف لا تبقي ولا تذر، أدوات حديثة لثقافة الثورات، ثقافة المقاومة.فيما يختتم الكتاب بشهادات خاصة أدلى بها عدد من المثقفين والمبدعين والأدباء العرب حول فاعلية الدور الثقافي في مواجهة التطرف والتعصب والعنف والإرهاب، ومدى قدرة الثقافة العربية على الصمود في وجه التحديات والإشكاليات والتأثير في مسار تطور الأحداث.ومن الكتاب والمبدعين المشاركين الدكتور عبد العزيز المقالح الذي يقول إنه لكي يتمكن العالم من إغلاق صفحة الإرهاب وتصفية منابعه، فلا مناص من تعريفه وتحديد ملامحه والتفريق بينه وبين المقاومة المشروعة من ناحية، ثم القضاء على حالة الازدواجية واختلال المعايير في مواجهته.أما الدكتور محمد برادة فقد رأى أنه لكي نبلور مشروعاً ثقافياً يرتكز على وعي حداثي جديد، لا مناص من أن نضمن للمثقفين والمفكرين حرية القول والممارسة، وأن يتعلم السياسيون الاستماع إلى ما يقوله ويكتبه المثقفون.بينما ذكر وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي أن الحل في إقامة جبهة عربيّة واسعة للمثقفين القادرين على تحويل فعل السياسة إلى قوّة تغيير، وحماية للعقل والدين والمجتمع، ولفت الدكتور عبد السلام المسدي إلى أن الحلول الأمنية ستظل في مقاومة الإرهاب بيد صانعي القرار، أما الحلول النفسية والتربوية والأخلاقية فستبقى من مشمولات منتجي الأفكار.الدكتور فيصل دراج تساءل قائلاً: «هل تبدأ مناهضة الإرهاب بالمدرسة وتنتهي بها، كما لو كانت المدرسة جوهر الحقيقة، كما حلم التنويريون ذات يوم؟».فيما قال الكاتب فاضل السلطاني: «كل خطابات العالم لن تغير شيئاً، إذا لم نغير فهمنا لطبيعة ثقافتنا ذاتها، ونعترف أن هذه الثقافة هي التي تصنعنا قبل أن نصنعها، وتشكلنا على طريقتها، وتصوغ أفكارنا وتصوراتنا عن أنفسنا والعالم والآخرين».
مشاركة :