«معركة فارسكور».. هزيمة تاريخية للحملة الصليبية السابعة

  • 7/3/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: عبير حسين«أتيت مصر تبغي ملكها.. تحسب أن الزمر يا طبل ريح. فأودعت كل أصحابك.. بخيب تدبيرك بطن الضريح». كانت هذه بعض أبيات قصيدة شهيرة نظمها أحد الشعراء المصريين احتفاء بالهزيمة التاريخية للحملة السابعة للصليبين التي قادها لويس التاسع على مصر وكتبت لها النهاية في مثل هذا اليوم من العام 1250 والذي يوافق ذكرى «معركة فارسكور» التي أثبتت مكانة مصر كقلعة وترسانة عسكرية للإسلام، وأنهت أحلام الصليبين في احتلال المشرق العربي و«بيت المقدس».كانت هزيمتهم الساحقة وأسر ملكهم لويس التاسع سبباً مباشراً في فقدان ملوك أوروبا اهتمامهم بإطلاق حملة صليبية جديدة بعد خسارتهم أكثر من 30 ألفاً من الجنود، إضافة إلى عشرات السفن والمعدات العسكرية، أما أكبر الخسائر التي مست الكرامة العسكرية فكانت أسر لويس التاسع في «دار ابن لقمان» ومن ثم الإفراج عنه بعد تعهده بعدم العودة إلى غزو مصر مرة ثانية، إضافة إلى تغريمه فدية وقدرها 400 ألف دينار دفعت زوجته نصفها مقابل الإفراج عنه، وتعهد باستكمال بقية المبلغ بعد خروجه من مصر، وهو ما نكث عنه. اللافت للانتباه أن «لويس التاسع» تسبب بصدمة واسعة في فرنسا بسبب الأخبار الكاذبة التي دأب على إشاعتها بين الفرنسيين حول انتصاراته الوهمية على المصريين والتي وصلت إلى حد الادعاء بنجاح قواته في الاستيلاء على القاهرة، وتسبب أسره في حالة ذهول عارمة اجتاحت فرنسا، نشأت عنها حركة هستيرية عرفت تاريخياً باسم «حملة رعاة الصليبية»، لذلك خاف لويس التاسع من عواقب عودته إلى بلده مهزوماً منكس الرأس وفضل التوجه إلى عكا بدلاً عن الرجوع إلى باريس. أعلنت النهاية المأساوية للحملة السابعة للصليبيين على مصر بدء عصر تاريخي جديد للقوى الإقليمية التي توزعت فيها الخريطة السياسية والعسكرية في شرق حوض البحر المتوسط على 4 قوى أساسية، وهم المماليك في مصر، والأيوبيون في الشام، والصليبيون في عكا وساحل الشام، وإمارة إنطاكية. كانت الحملة الصليبية السابعة على مصر بدأت منتصف عام 1249 بعملية إنزال القوات الصليبية على بر دمياط، وقدرت حينها بأكثر من 50 ألف فارس ومقاتل، ونشب قتال عنيف بين المسلمين والصليبيين حسمت جولاته الأولى لصالح الفرنجة الذين نجحوا في الاستيلاء على مدينة دمياط التي وقعت أنباء سقوطها كالصاعقة على الناس، فأعلن السلطان الصالح أيوب، النفير العام في البلاد، فهرول عوام الناس أفواجاً من جميع أنحاء مصر إلى المنصورة لأجل الجهاد. ويذكر المؤرخ ابن أيبك الدواداري أن الصليبيين كانوا يخافون من العوام المتطوعين أكثر من الجنود.تحمل الصليبيون عدة أشهر داخل معسكرهم على أمل انهيار القيادة في مصر بعد انتشار أنباء عن اشتداد مرض السلطان، لكن الحلم الصليبي لم يتحقق إذ أخفت زوجته شجرة الدر خبر وفاته حتى وصل السلطان الجديد توران شاه.لجأت قوات المسلمين إلى حمل المراكب، وهي مفككة على ظهور الإبل ثم إعادة تركيبها على الشط بعد إنزالها في مياه النيل خلف قوات لويس التاسع، وهي حيلة لجأ إليها الملك الكامل جد «توران شاه» في نفس المكان أثناء الحملة الصليبية الخامسة، وبذلك منعوا وصول الإمدادات والمؤن من البحر المتوسط ودمياط إلى القوات الصليبية التي صارت محاصرة، ولم يمض وقت طويل حتى أُنهكت قوات لويس من الحصار والهجمات المتواصلة، وبدأ الجنود الصليبيون يعانون الجوع والمرض ويفرون إلى جيش المسلمين، بعد أن أصابهم اليأس والإحباط، بل والشك في الفكرة الدينية التي حملتهم على الانضمام إلى حملة لويس التاسع ضد بلاد المسلمين.

مشاركة :