كيف نتشاجر إلكترونياً - فهد بن جليد

  • 7/3/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

طفل واحد يجعلك أباً، وطفلان أو ثلاثة يجعلونك حكماً، هذه المقولة الشهيرة لديفيد فروست تختصر مُحاضرات طويلة لكيفية التعامل مع شجار الصغار في المنزل الذي يقع بمُعدلاته الطبيعية 3 مرات كل ساعة بين الأشقاء دون سن السابعة، ويقل تدريجياً هذا المُعدل مع زيادة العمر، وهو لا يعني نهاية الاختلاف في وجهات النظر بين الأشقاء مهما بلغت أعمارهم، فالأشقاء سيحتفظون بهذا الحق بالتمسك بوجهات نظرهم الخاصة، وما سيتغير هنا هو الطريقة التي سيتم بها تقديم هذا الاختلاف بما يتناسب مع المرحلة العُمرية، والتي سيكون النواة لتشكيلها (السن المُبكرة) في حياة الطفل. الآباء تقع عليهم مسؤولية إدارة شجار الأشقاء بطريقة صحيحة وعادلة، بذات الطريقة التي يُدير بها الحكم المباراة دون ارتكاب أخطاء أو تجاوزات بحق أي من الطرفين، حتى تتشكل شخصياتهم، ولعل هذه هي الخبرة التراكمية التي يرمي إليها فروست في مقولته السابقة، وهو أمر صعب التحقق إلا بمزيد من البذل والصبر على نتائج تلك المُشاحنات التي تقع بين الأطفال الصغار، والتي قد تتطور لتخرج للمدرسة أو الشارع أو الأصدقاء، فالطريقة التي سيتعلمها الطفل في إدارة خلافه مع أشقائه في المنزل، ستنعكس مُباشرة على طريقة تعامله مع زملائه في المدرسة أو أصدقائه، وحتى الناس العاديين الذين يختلف معهم في الشارع، واليوم يبرز ذلك على منصات وسائل التواصل الاجتماعي بوضوح، وكيفية إدارة اختلاف وجهات النظر بين مُستخدميها بعيداً عن التشنج والتصلب والسب، الذي يفقد المُتعامل مع هذه الوسائل الحق في تقديم الحجج والبراهين التي تدعم رأيه وفكرته أمام الآخرين في أي قضية يتم الاختلاف حولها، ليتحول إلى مُجرد طرف في شجار إلكتروني يُمارس فيه ذات الطريقة التي تعلمها في الصغر، فيما الاختلاف في وجهات النظر وتباين الآراء وتنوعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أمر صحي ومقبول في إطاره وعالمه الافتراضي، ولكن ما نُلاحظه أنَّ تأثير شجار الأقران التقليدي تم نقله بحذافيره إلى هذه المنصات. ما يحدث على شبكات وسائل التواصل الاجتماعي هو مرحلة تربوية جديدة فُقد فيها (الحَكم) الذي يرمي له فروست في المقدمة، فالمُختلفون فكرياً يتشاجرون لوحدهم إلكترونياً، في تجربة تستحق الدراسة والتأمل للخروج بنتائج ونصائح أفضل لصناعة أجيال مُقبلة أكثر تحضراً وقدرة على إدارة الحوار وفن الاختلاف في الآراء والأفكار فيما بينها، بعيداً عن الشجار الذي يملأ المشهد. وعلى دروب الخير نلتقي.

مشاركة :