منى السليطي: قطر مستعمرة إيرانية، تركيةتصرّ قطر على إنكار دورها قي دعم الجماعات المتشددة والتخطيط لزعزعة الاستقرار في دول عربية عديدة، من بينها شركائها في مجلس التعاون الخليجي. لكن لا يجد نفي الدوحة صدى خارج نطاق دائرة حليفتيها تركيا وإيران، والتي تؤكد المعارضة القطرية منى السلطي أنهما الشريكتان الرئيسيتان في تلك المخططات وأنهما السبب وراء موقف الدوحة الراهن من قائمة المطالب التي تقدمت بها الدول العربية المقاطعة لها. وتكشف السليطي، في لقاء مع “العرب”، من مقر إقامتها في مدينة الإسكندرية، أن أي سياسة ضد مشاريع قطر التآمرية يجب أن تشمل تغيير النظام ومتابعة الانغلاق السياسي في البلاد، بالإضافة إلى نفوذ إيران داخل البلاد؛ فالدوحة لا تلعب بمفردها في المنطقة بل يرتبط دورها بقوى إقليمية أكبر منها لها أجندات متنوعة.العرب أحمد جمال [نُشر في 2017/07/04، العدد: 10681، ص(7)]اللعبة أكبر من حجم السياسة القطرية الإسكندرية(مصر) - وافقت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر على مد المهلة الممنوحة لقطر لقبول مطالبها، التي جاء على رأسها تخفيض التمثيل الدبلوماسي لدى طهران وتسليم الإرهابيين الذين تحتضنهم وإغلاق القاعدة العسكرية التركية. وتتوقع المعارضة القطرية منى السليطي أن تصدر تحركات حاسمة من قبل الدول المقاطعة من خلال اتخاذ المزيد من الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية بانتهاء المهلة. وسيكون وقع العقوبات أقوى وأشدّ مهما كانت الجهة التي تستند عليها قطر لتجاوز آثار المقاطعة. وقالت السليطي في لقائها مع “العرب”، إن استجابة الدوحة لتهديدات الدول العربية الأربع التي قاطعتها يكاد يكون مستحيلا بسبب الدعم المُقدم لها من بعض الداعمين. وهذا الدعم هو الذي يجعل الدوحة تتعامل بتحدّ مع المطالب العربية، حسب ما ذهبت إليه المعارضة القطرية. وأشارت إلى أن نظام الحكم القطري استنجد خلال الأزمة الأخيرة بجميع القوى التي كان يعمل لصالحها من أجل حمايته، وهو ما حوّل البلد إلى مستعمرة إيرانية وتركية. ومنى السليطي، وهي شقيقة وزير الاتصالات القطري الحالي جاسم السليطي، من رموز المعارضة القطرية التي اضطرت للهروب إلى الخارج. ولجأت إلى توظيف مواقع التواصل الاجتماعي لكشف المؤامرات القطرية. وكانت بداية مواجهتها مع النظام الحاكم في قطر بعد كشفها وقائع فساد داخل المجلس الأعلى للتعليم حينما كانت تعمل مدرسة للغة العربية لفترة امتدت 15 عاما داخل قطر، قبل أن يتم سجنها وتجريدها من وظيفتها لتترك بعد ذلك البلاد أواخر عام 2012 وتتخذ من مدينة الإسكندرية مقرا لها. الدوحة لن تتخلى عن الإخوان لأنهم الذراع العسكرية لتنفيذ مخططها بالخارج.. والعلاقة بينهما شراكة وليست مجرد رعاية وتؤمن السليطي بأن تغيير نظام الحكم في قطر غير كاف لحل الأزمة مع دول الخليج، لأن الأمر في تصورها يرتبط بشكل أكبر بالنفوذ الإيراني المنتشر بكثافة في البلاد، إلى حد جعلها تصفه بـ”الاحتلال الإيراني”. وترجح قدرة البلدان العربية على التعامل مع هذا الاحتلال دبلوماسيا وعسكريا، على أن ذلك سوف يحتاج وقتا طويلا للتخلص منه. وترى أن عمق الأزمة الحالية لا يرجع إلى قوة قطر بقدر ارتباطه باختيار الدول العظمى لها بأن تكون مركز انطلاق لها بمنطقة الشرق الأوسط، وتشدد على أن الدوحة لا تلعب في الميدان بمفردها، واللعبة برمتها أكبر من حجم السياسة القطرية، وترتبط بتعامل القوى الإقليمية مع مركز القيادة الإداري الذي ينفذ أجندات متنوعة في المنطقة. مؤامرة على السعودية والبحرين تكشف السليطي عن أن أدوار هذه العناصر كانت بمثابة المحرك للعديد من الأزمات حتى تتمكن من فتح المجال أمام تحقيق مصالحها في الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط عموما. ولكل من أنقرة وطهران في تقدير السليطي أجندة مختلفة إزاء قطر، وإن كانتا تستخدمان الدوحة كمخلب قط لتحقيق الاختراق والنفاد إلى الإقليم العربي. وتفرق بين الموقف التركي من قطر الذي ينظر إليها باعتبارها دولة تساعد أنقرة على تحقيق أطماعها داخل منطقة الشرق الأوسط وبين الموقف الإيراني الذي يعتبرها “مستعمرة” يمكن من خلالها تحقيق نفوذه طهران التوسعي، سواء كان ذلك بالنفاد إلى داخل المملكة العربية السعودية ومحاولة إضعافها من خلال حرب اليمن، أو عن طريق استغلال التواجد القطري في ليبيا لزعزعة الأمن المصري ناحية الغرب. وفي ما يتعلق بالتدخلات التركية أكدت السليطي أن أنقرة “لديها أجندة واضحة للتوغل داخل بلدان الخليج العربي منذ عام 2007، وفي ذلك الوقت كانت قطر تقود الدعاية للاستثمار في تركيا والتوجه نحوها وكان هدفها مجهولا، ونظر الكثيرون إليها على أنها ترتبط بالترويج السياحي قبل أن تتكشف دوافعها السياسية باتخاذها رأس حربة لتحركاتها داخل المنطقة”.السير على خطى إيران وتركيا وتقول إنه بالرغم من التحركات العسكرية التركية المعلن عنها لحماية النظام القطري، فإن الرئيس رجب طيب أردوغان لن يضحي بسهولة بعلاقاته مع المملكة العربية السعودية لصالح قطر. وتتوقع أن تواصل تركيا في مواقفها المطاطية. ولفتت النظر إلى التدخلات الإيرانية للتأثير في النسيج الوطني بمساندة نظام الحكم الذي وظف بعض العناصر لتكون أذرعا لها لتنفيذ مخططاتها في قطر أولا، ثم باقي بلدان الخليج العربي بعد ذلك. كانت منى السليطي شاهدة على توغل جماعات الإسلام السياسي بمختلف فصائلها داخل قطر. وتؤمن بأن الدوحة تتمسك بتلك الجماعات- والتي تأتي على رأسها جماعة الإخوان المسلمين- لأنها تورطت معها في عملياتها التخريبية داخل العديد من البلدان العربية، وما يزيد الأمور تعقيدا أن تلك الجماعات لا تنظر إلى الدولة القطرية باعتبارها راعية لها، بل هناك شراكة بين الطرفين. وتوضح أن التوظيف القطري لتلك الجماعات خلال الأزمة الراهنة قد يكون من خلال الارتكان عليها كميليشيا سريعة التحرك لضرب الأهداف الخارجية، وهو ما عملت على استغلاله جيدا منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، حيث كانت بمثابة الذراع العسكرية لتحركات الدوحة بالمنطقة، وبالتالي فإن التخلي عنها في الوقت الحالي يبدو أمرا مستحيلا أيضا. ما توصلت إليه السليطي في أثناء فترة سجنها بأحد السجون الإدارية القطرية دون تهمة واضحة، منذ بداية عام 2011 وحتى منتصف 2012، كان كاشفا أيضا عن علاقة قطر بتنظيم القاعدة، بعد أن تمكنت من تصوير مكان احتجازها بجهاز المحمول الخاص بها، قبل أن تكتشف السفارة الأميركية في قطر أن هذا المكان كان يستخدم لتدريب العناصر الإرهابية. تلقي السليطي الضوء على العديد من الوقائع التي تثبت الوجه التآمري القطري بحق جيرانها العرب، وكانت البداية من ليبيا، إذ أشارت إلى تدريب الجيش القطري لمجموعات وفرق خاصة تم إرسالها إلى ليبيا عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافي للسيطرة على أنابيب النفط هناك، وأن العديد من الضباط القطريين اعترفوا بذلك، وقالوا إن هذا تم بمساعدة مجموعات مسلحة مازالت حتى الآن تدعمها بالمال والسلاح. غير أنها تشير إلى أن تلك العمليات كانت تتم لصالح قوى إقليمية أخرى، كما أنها تشير إلى أن هذه العناصر شاركت في تهريب السلاح من ليبيا إلى السودان وكذلك إلى مصر، وهو ما كان يحقق مصالح إقليمية في إضعاف الدولة المصرية وأدوارها بالمنطقة. وتضيف أن سوريا والعراق لم يكونا بعيدين عن هذه المخططات، فمنذ سنوات جرت محاولات قطرية عديدة لجلب عدد كبير من السوريين ودمجهم داخل المجتمع القطري، إلا أن هذا الدمج تحول إلى أفكار يتم ترويجها بضرورة التعامل المسلح ضد النظام السوري، كما تم استغلال العديد من العناصر السورية للتنسيق مع الجماعات المسلحة هناك. وتتابع بأن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل أن من نتائج الترويج لهذه الأفكار أن شارك شباب قطريون في العمليات الإرهابية التي كان يقودها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وتقول السليطي إن هذا الأمر أثبته العديد من العناصر الشابة التي قامت بتصوير عملياتها الإرهابية وإرسالها إلى أهاليها بالداخل، ووصل الأمر حد قيام مجموعات سورية بإرسال رسائل تهديد صريحة لها حينما قمت بكشف هذه المخططات. وتؤكد أن التآمر ضد العراق لم يكن فقط من خلال الدعم الخفي لعناصر الدعم الشيعي هناك، لكنه كان منذ بداية الغزو الأميركي في عام 2003 حين تم استخدام قاعدة العديد القطرية في القصف الجوي عليها.التحركات في السعودية والبحرين تتم بإدارة قطرية تحت إشراف طهران لتحريك الأزمات الطائفية في الخليج العربي خيانة قطرية تصف السليطي الموقف القطري من السعودية خلال الأزمة اليمنية بـ”الخيانة البشعة”، قائلة إن أدوار قطر في تلك الأزمة امتدت لتشمل محاولات تجنيس السعوديين في الجنوب، وتحديدا في جازان، واستقطاب رؤؤس القبائل تلك المنطقة، وأضحى هناك تحالف سري معها لتقدم هذه القبائل الدعم المعلوماتي والمادي للحوثيين داخل اليمن. كما قامت الدوحة بتجنيس الحوثيين مع تنامي أدوارهم داخل اليمن. بالرغم من جميع هذه الأعمال التآمرية فإن السليطي تؤكد أن الشعب القطري لا يستوعب حتى الآن أن بلاده حاكت جميع هذه المؤامرات ضد جيرانها، وهو بالتأكيد يشعر بالدهشة والغضب، إلا أن عدم اتخاذه مواقف خلال الأزمة الراهنة يرجع إلى الخوف من الآلة الخشنة للنظام. وتلفت إلى نقطة مهمة تتعلق بكيفية إدارة النظام القطري الأمور بالداخل، قائلة إن تغلغل الأجهزة الاستخباراتية الخارجية في عمق الدولة القطرية جعل هناك قبضة أمنية قوية تكبل المواطنين وتعيق أي تحركات داخلية. وتؤكد السليطي أنه لا يوجد داخل قطر معارضة سياسية حقيقية، بل أنها لا تصنف نفسها على أنها أحد أركان تلك هذه المعارضة. وتشدد على أن المعارضة الداخلية تكاد تكون منعدمة، كما أنها تحفظت كثيرا على أدوار معارضة الخارج، والتي تؤكد أنها تظهر وتختفي دون أن يكون لديها أجندة واضحة للتغيير. وتوجه السليطي للبعض من رموز المعارضة الخارجية اتهامات بالعمل لصالح قيادات تابعة للنظام القطري الحاكم. وتشير إلى أن تقسيم الأدوار بين رؤؤس الهرم داخل السلطة الحاكمة القطرية، وتعدد تبعية كل منهم إلى جهاز استخباراتي بعينه (دون أن توضح طبيعة هذه الأدوار) من شأنه أن يؤجج صراع السلطة داخل قطر. وتقول إن دول المقاطعة العربية تستطيع أن توظف هذا الصراع لصالحها من خلال التوافق على شخص يقود السلطة بعيدا عن الفرع “الحمدي” داخل الأسرة الحاكمة، وأن اللعب على هذا الوتر قد يكون أيضا من قبل الولايات المتحدة التي ربما تحسم موقفها من دعم الأسرة الحاكمة حاليا على ضوء التحركات العربية المقبلة.
مشاركة :