الأزمة مع قطر لن تُحل سريعاً، والحكومة القطرية ستستمر في تعنتها ودعمها لـ«الإخوان المسلمين»، وبقية التنظيمات الإرهابية، وذلك لسبب بسيط جداً، هو أن من يدير الأزمة، ويرسم السياسة، ويحكم قطر فعلياً هو حمد بن خليفة، القابع خلف الكواليس، ومكوثه خلف كواليس الحكم، دون أن يكون في الواجهة، يجعله أكثر عناداً وتعنتاً، فهو بعيد عن الضغوط، ولم يضطر لمواجهة أحد، وتالياً لن يعطي كلمة لأحد، ومن السهل عليه أن يرفض كل شيء، وأن يستمر في عناده، وبما أنه هو صاحب الكلمة في قطر، فلن تحل هذه الأزمة بسهولة! حمد بن خليفة معروف عنه كرهه للإمارات والبحرين والسعودية، وهو شخصية معقدة، ومضطربة، و«خطيرة وصعبة المراس»، كما يصفه أقرباؤه، واتضح أنه لا يقاوم أي فرصة متاحة له لإزعاج جيرانه من الدول الخليجية، إلا اغتنمها، ولا يهمه حتى لو تسبب في تفكيك مجلس التعاون الخليجي! والأمثلة على إساءة حمد لجيرانه كثيرة جداً، ومنذ بداية الحرب الأهلية في سورية، اصطدمت قطر مع السعودية بشأن دعم المعارضة السورية، والدوحة تدعم بكل قوة «الإخوان المسلمين»، رغم التناقض الكبير لدى كلا الحليفين، خصوصاً بالنظر إلى أن «الإخوان» يهدفون إلى إنشاء الدولة الإسلامية، بدلاً من الدول الصغيرة والمتعددة مثل دويلة قطر، ما يجعل علاقة المصلحة الوقتية بينهما واضحة وضوح الشمس! وترجع علاقة حمد السيئة مع جيرانه في الخليج إلى أيام حكمه، بعد أن أطاح والده، وتسلّم الحكم بدلاً منه عام 1995، لكنه تعرض أيضاً لمحاولة انقلاب استهدفته شخصياً، باءت بالفشل حينها، ولم تعمل الولايات المتحدة على شجبها، الأمر الذي أثار غضب حمد وخيّب أمله، وعندها بدأ مخططه الشرير للإطاحة بالأنظمة العربية، وتفكيك الدول وتدميرها. الأزمة الحالية هي أزمة مفتعلة من الأمير الوالد، كما يسمونه في قطر، فلقد شعر بعد نجاح القمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض، بأن العالم بدأ يتحد ضده، وأن طموحاته التدميرية لن تستمر طويلاً، وتمويله للإرهاب والإرهابيين حان وقت القضاء عليه، فقمة الرياض وضعت أساساً قوياً لمكافحة الإرهاب، ومكافحة التحريض عليه، وافتتحت مركز «اعتدال» بحضور رؤساء دول لم يكن أمير قطر من ضمنهم، هذا المركز أُسّس لرصد كل الأصوات التحريضية، سواء كانت دولاً أو أفراداً، والقضاء عليها، لذلك لم يكن مستغرباً أن يخطط حمد بن خليفة باعتباره أكبر المحرضين على الإرهاب، لإفشال هذه القمة، وليس مستغرباً أن يكون هو من قام بكتابة تصريحات تميم، وبثها في وكالة الأنباء القطرية، التي ما لبثت قطر أن ادعت أنها «مفبركة»، بعد أن تم اختراق موقع الوكالة بجهاز «آي فون»! نُدرك تماماً أن معظم المجتمع القطري لا يرغب في أن يكون في حالة صراع مع السعودية والإمارات والبحرين، كما أنه لا يريد أن يكون معتمداً في حياته على إيران، التي أصبحت الآن طريقاً لوصول المواد الغذائية، ويكره مشاهدة الجنود الأتراك أمام قصور الأمير لحمايته من شعبه، وليس من أي خطر آخر. لكن الضغوط الداخلية من أجل المصالحة مع السعودية ودول الخليج الأخرى، ربما ليست كافية بالنسبة لحمد، كي يتنازل كثيراً عن مواقفه، على الأقل في الوقت الحالي، لكنها تشهد تصاعداً تدريجياً، وهذا هو المؤشر الحقيقي الذي سيجعله يرضخ في نهاية الأمر. twitter@samialreyami reyami@emaratalyoum.com لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
مشاركة :