هيئة قضائية شعبية عليا في العراق إبراهيم الزبيدي ليس معقولا ولا مقبولا أن يفرح العراقيون بالانتصار على تنظيم داعش في الموصل وفي غيرها قبل أن يكتمل النصر، وقبل أن تتحقق العدالة، ويدفع كل واحد، كبيرا كان أو صغيرا، من الحكام العراقيين السابقين واللاحقين، الموالين لحكومة الاحتلال الإيراني أو المعارضين، ثمن دوره في الخراب الذي أحدثه الدواعش من أول ظهورهم وحتى نهاية احتلالهم. سواء في ذلك الذي شارك، بماله أو سلاحه أو بالمتطوعين من أبناء قبيلته، في تنشئة التنظيم الإرهابي تحت خيم الاعتصام، باسم مظلومية الطائفة السنية، وردا على سياسات غير عادلة تنتهجها الأحزاب الدينية الطائفية الحاكمة بحراب المحتلين. أو ذلك الذي هيأ المناخ الملائم لولادة هذا التنظيم الإرهابي المتوحش فاستدرج خصومه السياسيين السنة، بقراراته الظالمة، وسياساته الحاقدة، وبعقيدته الطائفية المتخلفة، إلى احتضان الدواعش وتغطيتهم والتستر عليهم، ثم أمر جيوشه وشرطته بالانسحاب من الموصل لتسهيل احتلالها، رغبة منه في الانتقام. وكل من دعا لداعش بطول العمر في مسجد أو إذاعة أو جريدة أو فضائية، أو ارتزق باسمه، جشعا وانتهازية، مستغلا حماسة الجاهليين العرب والمسلمين المؤمنين بأن الجهاد فريضة لقتال الكفار والمشركين، وإعادة الخلافة الراشدة. ثم كل من تاجر بمحاربته ومقاومته، لا فرق بين موال لحكومة المحاصصة أو معارض لها. فإذا كان القضاء العراقي، في ظل حكومة الحرس الثوري الإيراني في العراق، عاجزا عن تحقيق العدالة، وعن تتويج الفرح الوطني بالنصر الحقيقي على داعش، باعتبار أن حيدر العبادي القيادي في حزب الدعوة والائتلاف “الوطني” الطائفي، لم يجرؤ ولن يجرؤ على محاكمة المطلوبين السنة للعدالة، دون المساس برئيسه الحزبي، ورفاقه في العقيدة، وشركائه في رعاية مصالح نظام الولي الفقيه في العراق، فعلى النخبة الشريفة من أبناء الشعب العراقي، شيعة وسنة، عربا وأكرادا، مسلمين ومسيحيين، أصحابِ الاختصاصات والخبرات القانونية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والنفطية والاستثمارية والعلاقات الدولية، والمشهود لهم بالنزاهة والاستقلال والشجاعة، أن تتداعى إلى تشكيل هيئة قضائية شعبية عليا مستقلة، تُوثق وتُحقق وتدقق في كل صغيرة وكبيرة، من أول ولادة تنظيم داعش في خيم الاعتصام السنية في الأنبار، وحتى سقوطه الأخير. ثم تحاكم وتدين جميع المتهمين، دون رأفة ولا رحمة، لا فرق في ذلك بين رئيس جمهورية، أو رئيس وزراء، أو رئيس برلمان، أو وزير، أو سفير، أو نائب، أو محافظ، أو قائد عسكري، أو قاضٍ، أو رئيس حزب، أو زعيم ميليشيا، أو مرجع ديني، أو قبلي، بالأدلة القاطعة والمستندات وشهادات ملايين الشهود، ليعرف الشعب العراقي عدوه من صديقه، والمجرم والبريء. ثم تضع الهيئة القضائية الشعبية العليا المقترحة أمام الهيئات والمنظمات الإنسانية والقانونية والشعبية العراقية والعربية والدولية سجلا كاملا يحدد جريمة كل واحد من المدانين، مع مقدار ما كلفت جريمتُه الوطنَ العراقي جميعه، من شرقه إلى غربه، ومن جنوبه إلى شماله، من ثمن الكوارث التي أنزلها الدواعش بالبشر، تذبيحا وتحريقا وتقطيعا وتهجيرا، وبالأملاك والأموال، وبالبيئة والتراث، وما أحدثه أو عمَّقَه من شروخ بين مكونات الشعب العراقي أنتجت العنف والكراهية وحروب الثارات بين أبناء الشعب الواحد، ومدى مساهمته في الكوارث والمرارات التي تحملها أهل نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى، قتلا وتدميرا وتهجيرا على أيدي الدواعش، ثم على أيدي الذين زعموا أنهم جاؤوا محررين، لا فاتحين ولا محتلين. وإن لم تتمكن العدالة، اليوم، من تحقيق القصاص فللغد، وللتاريخ، ولأجيالنا القادمة. وعلى الأقل لكي ندفع عن شعبنا تُهمَ الخنوع والجبن والانتهازية والتخلف والضلال. يقول الفريق رائد شاكر جودت قائد الشرطة الاتحادية “مع شديد الأسف هناك الكثير من جثث العدو متروكة، ويجب تنظيف هذه المناطق، وكذلك استُشهد كثيرٌ من أبنائنا يجب إجلاؤهم”. ولكن 160 نائبا إيرانيا، يصدرون بیانا بمناسبة تحرير مدينة الموصل من داعش، قرأه عضو الهیئة الرئاسیة بالمجلس محمد حسین فرهنكي، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، يقول إن “تحریر مدینة الموصل بأقل تكلفة ممكنة هزیمة نكراء لأميركا وأذنابها في المنطقة”. ولا يهنئ البيان البرلماني الإيراني سوى “حيدر العبادي والحشد الشعبي والسیستاني وفیلق القدس التابع للحرس الثوري بتحریر مدینة الموصل”. فقط لا غير. أما الجيش العراقي وشهداؤه الميامين، وأبطاله الشجعان الشرفاء، وشباب المناطق المحتلة وتضحياتهم، والشعب العراقي، وطائرات أميركا، وأسلحتها المتقدمة، وأقمارُها التجسسية، وخبراؤها ومرشدوها، والكرم “الحاتمي” الذي لم يتوقف حيدر العبادي عن تكرار عرفانه به، وبشكره لأميركا الأوبامية والترامبية على معوناتها التي “لا تقدر بثمن” المقدمة لحكومته على محاربة داعش والقضاء عليه، فلا يستحق من النواب الإيرانيين كلمة عابرة، للمجاملة ورفع العتب ومن باب التقية والنفاق، في أقل حساب. وهذا كله يؤكد أننا نعود من جهادنا الأصغر لتحرير الموصل إلى جهادنا الأكبر لعتق رقابنا، كلنا، من حبال المحتلين وأذنابهم الفاسدين المفسدين المزورين المضللين المتخلفين. فهل سنفعلها أيها العراقيون الشرفاء؟ كاتب عراقي bahir/12
مشاركة :