رئيسة الوزراء البريطانية تعمل جاهدة تجميع فريق جديد من المتعاونين قبل انطلاق مفاوضات بريكست التي من المحتمل أن تطيل أمد حكومتها.العرب [نُشر في 2017/07/05]انتحار سياسي لندن- يسود شعور بالوحدة على قمة هرم السلطة لدى رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي لكنها تتشبث بالبقاء في الوقت الراهن. فقد واجهت ماي دعوات تطالبها بالاستقالة سواء من داخل حزب المحافظين الحاكم أو من خارجه بعد أن فقد أغلبيته البرلمانية في انتخابات أساءت الحكم عليها ولم يكن لديها ما يدعوها لإجرائها الأمر الذي زج ببريطانيا في أسوأ أزمة سياسية تمر بها منذ عشرات السنين. ومنذ الانتخابات جاهدت ماي لتوحيد حكومتها على صعيد السياسات وتجميع فريق جديد من المعاونين. ووصل الحد بأحد أعضاء البرلمان من المحافظين بوصف الموافقة على العمل مع زعيمة أيامها قد تكون معدودة في منصبها بأنه "انتحار سياسي". غير أن مصادر حزبية تقول إن المساعي الرامية للإطاحة برئيسة الوزراء مجمدة الآن بعد أن وافقت شخصيات رفيعة على أنها يجب أن تتولى على الأقل بدء محادثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي التي تستغرق عامين. ومن المحتمل أن تطيل هذه المحادثات أمد حكومتها وربما صبر الرأي العام الأمر الذي قد يتيح لخامس أكبر قوة اقتصادية في العالم فرصة لالتقاط الأنفاس. وقالت المصادر الحزبية إن من الممكن مساءلتها إذا أخفقت في تحقيق تقدم يرضي بعض أعضاء حزبها الأكثر تشككا في الوحدة الأوروبية. وقال أحد أعضاء البرلمان "ستبقى ما دمنا نريد منها البقاء. والآن ليس هو الوقت المناسب". وقد هدأت الدعوات لتغيير ماي بسبب المخاوف من رد فعل البريطانيين إذا ما اضطروا للتصويت للمرة الرابعة فيما يزيد قليلا على العامين والمخاوف من فقدان حزب المحافظين مقاعد برلمانية ومن أن يقود شخص آخر المحادثات مع الاتحاد. حتى أشد أعضاء البرلمان شعورا بالمرارة يقول إن تصويتا جديدا على الزعامة سيعمق ببساطة الانقسامات في الحزب حول الخروج من الاتحاد الأوروبي وبرنامجه التقشفي الذي قال ساسة معارضون إنه كان سببا في حريق مدمر شب في غرب لندن وأسفر عن مقتل 80 شخصا على الأقل وأرهق قوة الشرطة التي تكافح التطرف. ونقل أحد قدامى أعضاء حزب المحافظين عن ماي (60 عاما) قولها إنها ستواصل المسيرة رغم كرامتها المجروحة بفعل الانتخابات. وأضاف "لكني أعتقد أن شعورها بالواجب أكبر من شعور (سلفها ديفيد) كاميرون. لا أحد يريد هذا المنصب فعلا. بل يريدون المنصب لكن ليس الآن". إزالة الفوضى وكانت ماي قد أمضت أطول فترة قضاها وزير على رأس وزارة الداخلية في بريطانيا خلال أكثر من قرن واكتسبت شهرة كسياسية مثابرة صعبة المراس ثم أصبحت ثاني امرأة تتولى رئاسة الوزراء في البلاد بعد مارغريت ثاتشر عندما استقال كاميرون بعد موافقة البريطانيين على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء. وانفتح الطريق أمامها عندما قضى كل من منافسيها بوريس جونسون ومايكل جوف على مسعى الآخر للجلوس في مقعد القيادة وخاطبت هي أعضاء الحزب بأسلوبها المباشر واعتقادها بإمكانية تحقيق المطلوب. وأصبح جونسون وزيرا للخارجية وجوف وزيرا للبيئة. لكن تباهيها بأنه لا يمكن لأحد أن يجدها "تتناول الشراب في حانات البرلمان" قد يرتد عليها إذ أنها لم تكن ضمن فصيل من فصائل حزب المحافظين وأصبحت وحيدة بينما يشق الآخرون طريقهم إلى مقاعد السلطة. وقال عضو الحزب القديم إن تعهدها بإزالة "الفوضى" التي خلقتها بالدعوة لانتخابات الثامن من يونيو حزيران هدأت كثيرين من المحافظين الذين جرى العرف على أن ينزلوا العقاب بمن يبدي علامة ضعف من زعمائهم. كما أنهم مدفوعون بحب البقاء، فقد كشفت الانتخابات عن أوجه القصور في مقر الحملة الانتخابية لحزب المحافظين ويقول بعض أعضاء الحزب إن الوقت قد حان لاستيعاب ما حدث وإعادة الهيكلة قبل الانتخابات المقبلة بعد أن سجل جيريمي كوربين زعيم حزب العمال المعارض قفزة في استطلاعات الرأي. انزواء ماي وعدت ماي بالسعي للإصلاح في الحزب لكن سيطرتها بدأت تضعف لاضطرارها لقبول استقالة اثنين من كبار مساعديها ولاستمرار رحيل أعضاء كبار في فريق العاملين معها في رئاسة الوزراء في داوننج ستريت. وعقب تعيينها بعد الاستفتاء على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي أدارت ماي الأمور بحزم شهورا ولم تكشف أوراقها وحاولت الحد من تسريب المعلومات بالسيطرة على بعض وزرائها الساعين للأضواء وبالالتزام بالسياسة الحزبية. أما الآن فقد انطلق الجميع من عقالهم. وأصبح الحديث علنيا كل يوم تقريبا عن الخلافات حول سياسة الانفصال عن الاتحاد وتقييد زيادات أجور العاملين في القطاع العام في حين تم التخلي عن مشروعات رئيسة الوزراء لفتح المجال أمام مدارس أكثر انتقائية وإتاحة الفرصة أمام النواب للتصويت على حظر صيد الثعالب. ويبدو أن ماي قد انزوت، وقال عضو حزب المحافظين المخضرم "في السابق كان من الممكن أن تقول لأحد ما أنت لن تظهر على التلفزيون، أما الآن فلا يمكنها التعامل بالحزم الذي يتعامل به رئيس الوزراء في العادة". وأضاف أنها أصبحت تسمح لوزراء مثل وزير المالية فيليب هاموند بأن يسرق بعض الأضواء بل ودورا أكثر تسلطا. وفي الوقت الراهن، ورغم الخلافات، يسير فريقها من كبار الوزراء على الأقل في اتجاه عام واحد صوب الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وخروج بريطانيا من السوق الموحدة لإعطاء الأولوية للسيطرة على الهجرة. وقال عضو حزب المحافظين "الأمر أشبه بالتجديف بقارب. الكل يجدف بسرعات مختلفة لكن ليس بما يكفي لقلبه رأسا على عقب". وأضاف "ضجيج وفوضى لكنها فعلا ديمقراطية".
مشاركة :