كيف يمكنني إرسال رسالة «واتساب» إلى ابني الذي يقطن بعيداً مني؟ حفيدتي انتقلت للدراسة الجامعية في مدينة أخرى وأرغب في التواصل معها، كيف لي أن أستخدم الـ «سكايب»؟ كيف أحرّك إصبعي على هذه الشاشة الإلكترونية؟ كيف أحمي نفسي من الـ «هاكرز»؟ إنها بعض من الأسئلة المكررة التي يطرحها مسنون على ساسكا مديرة مكتب المسنين في منظمة «الأفو» الخيرية، ما دفعها إلى التفكير بتنظيم دورة تخصيصية لأيام عدة يتعلّم المسنون ومن يرافقونهم خلالها تقنيات استخدام الهاتف الذكي. لهذا الغرض تواصلت ساسكا مع المعنيين ووجدت معهداً يوفّر أساتذته دروساً خاصة باستخدام الـ «موبايل» للمسنين. في مستهل الدرس الأول سأل المدرّسون، وهم مجموعة من النساء والرجال الخبراء بالمعلوماتية وعلم الحاسوب، المسنين الذين تراوحت أعمارهم بين الـ60 والـ90 سنة، عما يأملون تعلّمه في هذه الدورة. فرفعت أنيتا (70 سنة) يدها على طريقة التلامذة في الصفوف المدرسية لدى طلبهم الإذن بالإجابة، وقالت: «أتمنى أن أستطيع إرسال صورة لأبنائي على تطبيق واتساب. لقد سمعت كثيراً عنه وحاول أولادي تعليمي ذلك لكن من دون جدوى، لذا فأنا موجودة هنا لهذه الغاية». أضاف مسنّ آخر أنه تلقى «موبايل سمارت فون» (هاتف خليوي ذكي) هدية من أحفاده لمناسبة عيد ميلاده، لكنه لا يزال يستخدم الموبايل العادي، وتحت إصرارهم ورغبتهم في التواصل معه عبر الجهاز الجديد التحق بهذه الدورة التدريبية. عجوز أخرى أبدت رغبتها بتعلّم البحث عبر الإنترنت، فـ «كثيراً ما أكون جالسة مع عائلتي وأصدقائي، وعندما نتحدّث في موضوع ما وتنقصهم المعلومات الكافية، يخرجون هواتفهم الخليوية ويبدأون البحث. أما أنا فأبقى وحيدة وجاهلة، خصوصاً عندما يبدأ كل منهم بقراءة ما يجده ويؤيّد به وجهة نظره». هكذا تأتي كيفية التواصل مع الأولاد والأحفاد في مقدّم ما يريد المسنون تعلّمه من تقنيات الهاتف الذكي، علماً أن كثراً يريدون أيضاً تعلّم تفاصيل أخرى مثل كيفية تسجيل ملاحظة أو موعد واستخدام التطبيق المناسب لذلك. كما أن غالبية المسنين تخشى اختراقات تطبيقات الخصوصية والأمان، وكذلك كثرة الإعلانات التجارية التي لا يعلمون كيفية التخلّص منها أو حجبها عن هواتفهم. وطالب بعضهم بتخصيص وقت لتعلم تطبيقات الـ «جي بي أس» (تحديد الموقع والعنوان)، فالسبعيني أرنولد يقول إنه كلما تاه في مكان ما خلال قيادة سيارته، «يقول لي أصدقاء استخدم الـ «جي بي أس»، لكني حين ألجأ إلى هذه الخدمة أشعر أنني أتوه أكثر، أو أتخذ طرقاً لم أكن أريد سلوكها». بعض المسنين كانوا جرّبوا استخدام الـ «موبايل»، بعدما اشتروه أو حصلوا عليه كهدية. لكن كثراً فضلوا أن يتابعوا دورة متخصصة قبل شراء جهاز. العجوز التسعينية وهي الأكبر سناً في الصف، فرحت كثيراً عندما وزّع المدرسون هواتف خليوية على التلامذة. وهي حصلت على «موبايل» تجريبي مع قلم خاص. ويرى المدربون أنه ليس من السهل تعلّم المسنّ التعامل مع الهاتف الخليوي باستخدام أصابعه، لذا فإن «الاستعانة بالقلم المرافق مهمة لأنها تسهّل عملية التعامل مع الجهاز»، علماً أن «التلميذة التسعينية» كانت من أوائل الذين تعلّموا استخدام الإصبع وفضّلته على القلم الإلكتروني، وقالت: «أشعر بالأمان أكثر بالكتابة وفتح الشاشة باليد، يهمني أن أسيّطر على هاتفي الخليوي بيدي، حتى لو تعلمت الكتابة بالقلم». ومن اللافت أن هدفها من امتلاك الـ «موبايل» وتعلّم تقنياته هي التسلية، إذ لم يعد لها أبناء أو أحفاد كما الآخرون، «لكن الموبايل يسلّي كما سمعت». وعندما سألها المدرّب كيف تريد أن تتسلّى، أجابت: «سأنشئ صفحة فايسبوك وأتعرّف إلى أشخاص جدد». من جانبه، حرص مسن على كيفية الردّ لدى تلقيه اتصالاً، وكيف يغلق هاتفه بعد أن ينتهي من مكالمة؟ كما تعلم المسنّون كيفية مراقبة رصيدهم البنكي، الدخول إليه والخروج منه من خلال تطبيق خاص. أما بالنسبة لريناتا، فإن إرسال صورة إلى الأقارب يعدّ إنجازاً. كما أكدّ بعضهم أن التقنيات المتنوّعة الخاصة بالاتصال والرسائل توفّر مالاً كثيراً.
مشاركة :