النهاية سعيدة ... خيار المشاهد أم صانع الدراما؟

  • 7/6/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في مسلسلات تلفزيونية كثيرة يحرص كثر من المؤلفين والمخرجين على اختيارات نهاياتها سعيدة تُرضي المشاهد وتمنحه شيئاً من الارتياح العاطفي، بعدما يكون قد بنى، على مدار حلقات متتالية، علاقة جميلة يمكن وصفها بالمودة أو الألفة، وإن كانت وهمية، مع أبطال المسلسل. لذا، فإنّه يتعطّش الى إنقاذ البطل ورؤيته سعيداً بعد ضغوط منهكة ومواقف أقلّ ما يقال عنها إنها صعبة. وكلّما كان عدد الحلقات أكثر، ازدادت هذه الألفة وتوطدت بين هؤلاء المشاهدين وبين أبطال هذه الأعمال، وهذا ما لمسناه بدايةً مع المسلسلات المكسيكية الطويلة ومن ثمّ المسلسلات التركية التي عرضها التلفزيون المغربي وتابعها المشاهد المغربي بكثير من الإعجاب والشغف. ونظراً الى هذا التأثير النفسي القوي في المشاهدين، سارت الدراما التلفزيونية المغربية على منوالها الجمالي، وإن حرصت على الارتباط بالواقع المغربي والتعبير عنه لكي تجعل المشاهد المغربي يرى صورته التخييلية في مراياها الفنية المتعددة. حرصت المسلسلات المغربية على تحقيق هذه النهايات السعيدة التي تُريح الأبطال من عذاباتهم وتروي ظمأ المشاهد الى رؤيتهم سعداء. في مسلسل «سرّ المرجان» (الجزء الثاني)، جاءت نهايته الدرامية سعيدة، فالتمّ شمل العائلة المتشعبة التي شكلّت محور العمل، وتصالحت الشخصيات في ما بينها وطوت صفحات الصراع بعد فترات من الجفاء والأسى، لتنظر بعيون متفائلة ونفوسٍ متأملة الى غدٍ لا بد من أن يكون أفضل مما مضى. ومحورها الأمل في المقبل من الأيام. هذا ما حصل مع شخصية «الحبيب» (لعب دوره الممثل التونسي هشام رستم)، بعدما رجعت إليه «فاطنة» التي جسدت دورها الممثلة السعدية لديب، فتزوجها بعد فشلها في الزواج من غيره، هي التي ظلت تحبه منذ أن تعرفت عليه وأنجبت منه ولدها سعيد. أمّا حُسنى (قامت بدورها الممثلة سامية أقريو)، فرجعت هي الأخرى إلى زوجها عصام (أمين الناجي)، ومن ثمّ حملت منه بعدما كادت حظوظ الإنجاب تنعدم. وفي سياق آخر، تصالح عصام مع أمه بعدما تزوجت من «الرايس» ضد رغبته ورغبة أخيه الأكبر. وبالنسبة الى شخصية «العربي» (عبد الله ديدان) فإنه يعود هو ايضاً إلى زوجته «آسية» (نورة الصقلي)، كما أن «سعيد»، التي جسدها الممثل عمر لطفي، وجدت طريقاً للتوافق مع «نادية» (كريمة غيث) بعدما حلّ الجفاء بينهما، وظلّت النهاية مفتوحة على إمكان العودة والوئام لاسيما مع وجود ابن صغير يربط بينهما. وفي حين نُعدّد النهايات التي آلت اليها الشخصيات، نستنج أنّ المياه عادت إلى مجاريها بين كلّ أفراد العائلة، وأنّ السيناريو حرص على إيجاد حلول مناسبة لكل المشاكل الاجتماعية التي عمد هذا المسلسل الدرامي الجميل إلى طرحها. لكنّ هذه النهايات السعيدة اعتمدت في بينتها على حبكة درامية محكمة الصنع وعلى تنامي السرد الذي مهّد لها منذ البداية، ما جعلها منطقية ومقبولة. ولا شكّ في أنّ نهاية «سرّ المرجان» (للمخرج شوقي العوفير) أرضت المشاهد وساهمت في تكريس نجاح الجزء الثاني من هذا المسلسل التلفزيوني المغربي الذي حقق في جزئه الأول نجاحاًَ جماهيرياً كبيراً. لكنّها في المقابل تضع حدّاً لاستمرارية أجزاء جديدة من هذه الأعمال. أما في ما يخصّ المسلسلات الدرامية التلفزيونية التي تفضل أن تترك النهايات مفتوحة على كل الاحتمالات، فإن أصحابها في الغالب يفكرون في إنتاج أجزاء جديدة لها، لا سيما حين تكون الأجزاء التي قدمت منها قد حققت نجاحًا ملحوظاً. وهو ما رأيناه وخبرناه في العديد من المسلسلات التلفزيونية المغربية ومنها مسلسل «سرّ المرجان» نفسه في الجزء الأول منه، ومسلسل « دار الغزلان» الذي تم تقديم جزئه الثاني بعد نجاح الجزء الأول منه واختيار نهاية مفتوحة له، وهو من إخراج ادريس الروخ وبطولة محمد خيي ومحمد الشوبي ودنيا بوطازوت ونورة الصقلي وأسامة بسطاوي وغيرهم. هكذا نرى أن نجاح المسلسلات الدرامية التلفزيونية يساهم حتماً في استمراريتها وفي إنتاج أجزاء أخرى منها، وإن كانت فكرة توالد الأجزاء ليست مضمونة النجاح.

مشاركة :