مع تصدر فضائح الشركات للعناوين الرئيسة، يطفو على السطح السؤال الفلسفي حول إذا ما ينبغي تحميل الشركات مسؤولية الأفعال الفردية التي يترتب عليها عواقب؟ اتخذت "فولكس فاجن" خطوة كبيرة في إطار جهودها لإيجاد حلول لفضيحة الانبعاثات التي واجهتها أخيرا في الولايات المتحدة، من خلال إقرارها بمسؤوليتها عن ذلك "كلفها أكثر من 4.3 مليار دولار أمريكي". ولكنها لم تتوصل بعد إلى إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهها في أوروبا. حيث بدأت لوكسمبورج باتخاذ إجراءات جنائية، وقد يحذو حذوها مزيد من الدول، لاسيما بعد أن أوضحت المفوضية الأوروبية عن استيائها جراء عدم اتخاذ الدول الأعضاء لإجراءات كفيلة بإنهاء عمليات الاحتيال في اختبار الانبعاثات. يبدو من الأسلم الافتراض أن عملية الاحتيال التي شهدتها "فولكس فاجن" لم تكن نتيجة تصرف فردي، فعلى عاتق من تقع المسؤولية الأخلاقية عند حدوث فضيحة من هذا القبيل؟ هل تلقى المسؤولية فقط على عاتق الأفراد الذين قاموا بتطوير وتطبيق البرمجيات؟ أم على الشركة نفسها، التي من المرجح أن تضع ضغوطا على الموظفين بطرق مختلفة؟ إذا كان الأمر كذلك، فإلى أي درجة تتحمل المسؤولية؟ وما الذي تعنيه مقولة، إن الشركة ككيان هي في حد ذاتها مسؤولة أخلاقيا؟ في أعقاب الأزمة المالية العالمية، من الواضح أننا تعلمنا دروسا عدة. ومع استمرار استحواذ الفضائح مثل فضيحة "فوكس فاجن" على العناوين الرئيسة للأخبار، تظهر الحاجة إلى إيجاد إجابات على هذه الأسئلة المبهمة التي أصبحت تشغل الوسط الأكاديمي. تناولنا في كتاب صدر أخيرا بعنوان "المسؤولية الأخلاقية للشركات"، أفكار بعض أهم الفلاسفة في العالم، والباحثين في أخلاقيات العمل، ووجدنا اختلافا ملحوظا في المواقف، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الحجج وعواقب تطبيقها. وأصبح من الشائع الحديث عن كيفية تدمير "بريتش بيتروليوم" لخليج المكسيك، أو تضليل شركات الأدوية للأطباء، أو تحميل المصارف مسؤولية الأزمة المالية العالمية. لكن الفكرة القائلة، إنه بالإمكان التعامل مع الشركات كأشخاص تبدو غير منطقية في البداية. فعلى الرغم من كون الشركات تدار من أشخاص حقيقيين، إلا أنه يصعب التصديق بأن الأشخاص الذين يضعون أنفسهم في مجموعات منظمة، يوجدون كيانا جديدا منفصلا له معتقداته الخاصة ورغباته. فهل بالإمكان حقا تحديد شركة أو أي كيان آخر وكيلا أخلاقيا يقوم بإجراءات معينة ويخضع للمساءلة عن القرارات التي يتخذها؟ هل يمكن أن يتصرف بشكل مستقل، ويضع أحكاما أخلاقية ويستجيب في ضوء تلك الأحكام؟ في كتابنا ترى إيمي سيبينوال، أستاذ في مدرسة وارتون، أن الشركات لا تمتلك القدرة على الإحساس أو الاستجابة للتفكير الأخلاقي، وبالتالي لا تملك القدرة على الشعور بالذنب. وبما أنه من المنطقي إلقاء اللوم على الذين يشعرون بالذنب، لذا لا تعد الشركات مؤهلة للوكالة الأخلاقية. وبعبارة أخرى، يجب أن يتحمل المسؤولية الأشخاص من داخل الشركة وليس الشركة نفسها. ويدعم هذا التوجه ديفيد رونيجارد، أستاذ زائر في كلية إنسياد، ومانويل فيلاسكيز، أستاذ الإدارة في جامعة سانتا كلارا، اللذان يؤكدان كون الأشخاص في الشركات مستقلين ولهم حرية التصرف. فقد تؤثر السياسات والإجراءات في الشركة على الأشخاص، ولكن يتحمل الأفراد مسؤولية تصرفاتهم وقراراتهم. ما الذي يعنيه هذا الطرح عن دور ثقافة الشركات؟author: كريج سميث
مشاركة :