غيرت بسطات الانستغرام ملامح سوق البيع والشراء وسط تخوفات من المتابعين لافتقادها الضمانة الكافية لحقوق المستهلك وعدم القدرة على استرجاع البضاعة المُباعة، لافتين إلى «الفراغ التشريعي» الذي يجعل الولوج إلى عالمها مخاطرة.يأتي ذلك في وقت تثمن فيه عدد من سيدات الأعمال ممن انتهجن هذا النهج حصاد تجربة التسويق الإلكتروني التي كسرت حواجز إصدار الرخص والسجلات التجارية وتخطت دفع فواتير الكهرباء أو الماء، وإجراءات استقدام العمالة ودفع الرواتب لشهرية.. ومع حالة الجدل الدائر بين هذا وذاك تقف «المدينة» على خط الحياد لتسأل عن البسطات الإلكترونية وجدواها والموقف القانوني منها وكيف تتم حماية المستهلك من تبعات الاحتيال ليس هذا فقط بل تسأل عن «البسطات» العشوائية التي عاشت عمرها صديقة للرصيف.. لماذا هجرته اليوم وانتقلت إلى العوالم الافتراضية.فكرة ناجحةسهام القرني صاحبة حساب لبيع الشوكولاتة، قالت: عملت في هذا المجال لملء وقت فراغي، في ظل عدم حصولي على وظيفة حكومية شاغرة، مضيفةً أنَّها حصلت على شهادة البكالوريوس في علم الاجتماع ومن ثمَّ التحقت بمدرسة أهلية للعمل بها براتب قدره (4500) ريال فقط، مشيرةً إلى أنَّ عملها في هذا المجال جعلها لا تحتاج - بحمد الله- إلى العمل في أيّ وظيفة رسمية، وأضافت أنَّها لا تمتلك حالياً أيّ تصريح أو سجل تجاري يخولها فتح محل متخصص والعمل بطريقة نظامية، مشيرةً إلى أنَّ عملية افتتاح محل هي فكرة مستحيلة، في ظل انشغال زوجها وعدم قدرتها على متابعة العمالة، مؤكدةً على أنَّ العمل بهذه الطريقة سيفقدها جزءًا كبيرًا من الأرباح التي تحققها حاليًا من خلال بيعها عبر شبكة الإنترنت.الطفل والأمولفتت أحلام عبدالله، إلى أنَّ ممارستها بيع مستلزمات الطفل والأم الحامل عبر موقع «إنستغرام» جاءت بهدف الحصول على مصدر دخل إضافي، مضيفةً: إنَّ أفراد عائلتها طلبوا منها عدم ذكر اسمها الحقيقي أو اسم العائلة على الموقع، مشيرةً إلى أنَّهم يرون أنَّ بيعها للمستلزمات النسائية يسيء لهم، ومع ذلك فهي تحقِّق أرباحاً تصل إلى ثلاثة أضعاف راتبها الحكومي. وأرجعت عدم رغبة العديد من الممارسين لعمليات البيع عبر «إنستغرام» الحصول على سجل تجاري إلى كونهم موظفين في قطاعات حكومية، وبالتالي فإنَّ ذلك يجعلهم غير قادرين على الحصول عليه، داعيةً الجهات المعنية إلى إبداء مرونة أكبر في هذا الشأن؛ من أجل أن يتمكنوا من الحصول على سجل تجاري والبيع بطريقة نظامية.حنبولي:التسويق عبر إنستجرام مخاطرة « لعدم وجود عقد يحمي الحقوقهشام حنبولي - محام ومستشار قانوني -، قال: إن ممارسة التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبارة عن تسويق إلكتروني بحت، وليست تجارة إلكترونية، فالبيع عبر برنامج (إنستقرام) هو بيع شخصي تصل فيه السلعة إلى المشتري بطريقة شخصية من قبل مندوب البائع أو البائع نفسه، كما أنَّ الدفع يتم نقديًا بشكل مباشر، وبالتالي لا يُعدُّ بذلك بيعاً إلكترونياً، فالفيصل في التجارة الإلكترونية هو العقد الالكتروني، حيث يكتب تحت العقد أوافق أو لا أوافق على الشراء». وبيَّن أنَّ العديد من الشركات العالمية دفعت مبالغ مالية كبيرة في سبيل حماية نفسها بهذه العقود، إلى جانب توظيف العديد من المحامين المميزين للدفاع عنها أمام الجهات القانونية، مشيراً إلى أنَّ عمليات التسويق الإلكتروني، ومن ذلك التسويق عبر «إنستقرام» غير مرضية في الغالب إذ لا يمكن استبدال السلعة أو إرجاعها، مرجعاً ذلك إلى عدم وجود عقد يحمي الحقوق، ومع ذلك فإنَّ هناك من يُفضِّل المجازفة عبر التعامل بهذه الطريقة على أساس أنَّ الصفقات التجارية هنا بسيطة.الدوعان: تدخل وزارة التجارة «حتمي» لتنظيم السوق الإلكترونيالدكتور حامد الدوعان عضو هيئة التدريس في قسم إدارة الأعمال بجامعة الملك عبدالعزيز، قال: إن التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ظهرت نتيجة لمعطيات اجتماعية عِدَّة، من ضمنها ارتفاع تكلفة المعيشة وتحول الكماليات إلى ضروريات والبطالة بين النساء المتعلمات، إلى جانب انتشار استخدام التعاملات البنكية الإلكترونية، وكذلك سهولة الطلب عبر الإنترنت، إضافةً إلى سهولة الوصول للعميل أينما وُجِد.وأضاف: إنَّ هذا النوع من التجارة ساهم في خلق توازن بين الحياة الاجتماعية والعملية بشكل سمح بتوفير مصدر دخل دون تعطيل أمور الحياة الأخرى من عمل أو دراسة أو حتى الاهتمام بالزوج والأبناء.تنظيم العمل أهم من محاربته والخط الساخن يقلل من الاحتيالقالت مواطنة: إنَّ التجارة عبرالإنترنت وُجِدت لتبقى وتزدهر، داعيةً إلى العمل على تنظيمها عوضاً عن محاربتها، مشيرةً إلى أنَّ التجارة عبر «إنستقرام» تحديداً بدأت تنحى منحى غير مهني لا يضمن حقوق المشتري ولا البائع؛ ممَّا يُحتِّم تدخُّل «وزارة التجارة» لتنظيم هذا السوق. وقالت: إنَّ إغلاق «وزارة التجارة» للحسابات المخالفة، إلى جانب وجود خط ساخن لاستقبال الشكاوى المُوثَّقة سيُقلِّل من الاحتيال في هذا السوق، مشيرة إلى أنَّ السماح بهذا النوع من التجارة ليس فيه ضرر أو ظلم على أصحاب المحال التجارية. وأرجعت ذلك إلى أنَّ الطلب في السوق السعودي كبير، إلى جانب أنَّ كثيراً من أفراد المجتمع لا يزالون يُفضِّلون الشراء المضمون عبر المحال على الشراء عبر «الإنترنت»، كما أنَّ التجارة عبر «إنستقرام» لم تصل لمرحلة عالية من الاحترافية التي تجعل المستهلك يستغني تماماً عن الشراء من المحال التجارية.
مشاركة :