أفراد يهجرون الواقع ويعيشون في «العالم الافتراضي»

  • 8/3/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

محمد صبري أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، من ضروريات الحياة، للكثير من الناس، ولها تأثير إيجابي في التواصل بين الناس، في الداخل والخارج، ومصدراً مهماً للأخبار والأحداث التي تجري في العالم، والبعض يستخدمها للتنفيس عمّا في داخله، سواء بموضوعات سياسية أو معيشية، وجعلت بعض الأفراد يهجرون الواقع ويعيشون في «العالم الافتراضي».الجانب السلبي في الأمر، هو الإضرار بالبناء المجتمعي وبالترابط الأسري، فاليوم ينشغل كل فرد، بهاتفه النقال ويعيش في عزلة تامة عن محيطة الأسري، ويبتعد عن الواقع والحياة، داخل العالم الافتراضي مع أناس خارج إطاره العائلي والدراسي، الذي أنشئت من أجله مواقع مثل «فيسبوك» و«إنستجرام» وغيرهما، ليصبح بعد ذلك بوابة إلكترونية للانفتاح على ثقافات وشعوب أخرى، وصار منبراً للجدل والخلافات، والسباب في أحيان كثيرة، ما دعا الحكومات إلى وضع قوانين منظمة لهذه المواقع، للحفاظ على خصوصية المستخدمين، وعقاب كل من يستخدمها، في أمور خارج هذا الإطار، مثل النصب والتشهير والإهانة، والعنصرية والإرهاب الفكري.تقول الدكتورة فاطمة الشاعر، أستاذة محاضرة في جامعة الشارقة: دائماً تتردد على مسامعنا جمل ومصطلحات متنوعة، ففي عالم التكنولوجيا يتردد مصطلحا «العالم الافتراضي»، و«وسائل التواصل الاجتماعي»، لكن عند التدقيق في تعريفهما نجد أن العالم الافتراضي، هو أثناء دخولنا إلى عالم الإنترنت، أما وسائل التواصل الاجتماعي: فهي برامج موجودة على الإنترنت، يستخدمها الجمهور للتواصل والتعارف وتبادل الخبرات. وأضافت أن في استخدامها سلاحاً ذا حدين، ففيها فوائد ومضار، بعد أن أصبح العالم كله يستخدمها، ففي ضغطة زر على لوحة المفاتيح، لابد من التفكير بأن ما سيكتب، يجب أن يعبر عن أخلاقي وعاداتي، ويخدم دولتي ومجتمعي. وأضافت أن الأسرة موجودة في دائرة واقعية محصورة في البيت، ولكن أفرادها منعزلون افتراضياً؛ حيث نجد الأبوين منشغلين على أجهزتهما، والطفل على جهاز لوحي، والابنة على حاسوبها. ولو انقطع الاتصال بالشبكة، لسمعنا أصواتاً وضجيجاً، الجميع يبحثون عن سبب الانقطاع، متذمرين ساخطين. بعد أن كانت الأسرة قبل تلك الوسائل يجلس أفرادها يتحدّثون في أمور الحياة، والأبناء يلعبون الألعاب اليدوية. صارت لدينا حالة من العزلة وانقطاع التواصل داخل المنزل الواحد. لكن في المقابل، نجد أن هذه الوسائل، أعطت إمكانية التّواصل المباشر بين الأهل والأقارب الذين تفصل بينهم المسافات للعمل والدراسة. وهذه كانت الفكرة الرئيسية التي قامت عليها هذه البرامج، ولكن للأسف الشديد طغى الجانب السلبي على الهدف الإيجابي، وأصبحنا نعاني خللاً مجتمعياً كبيراً.وأشارت إلى ضرورة توعية الأبناء بدور هذه الوسائل السلبي والإيجابي، ومتابعتهم وإيجاد البديل لشغل أوقات الفراغ، فهي في يدنا نقودها ولا تقودنا، تعطينا حاجتنا ولا نستسلم لها بتغيير مبادئنا وعاداتنا. تفاعلات جديدة وعن الشعور بالاغتراب عن نطاق الأسرة والمجتمع، قال خالد الرئيسي، مسؤول علاقات عامة بميناء خورفكان، إن هذه التحولات التكنولوجية، أفرزت تفاعلات جديدة للعلاقات الأسرية، وأدت إلى مزيد من العزلة والتنافر بين أفرادها، وتلاشت قيم التواصل الأسري والحوار، واستبدل الأبناء بآبائهم، الإنترنت مصدراً للمعلومات، وفقدوا الترابط الأسري، والتصقوا بالحوار مع الغرباء، لدرجة الشعور بالغربة في الأسرة والعائلة، واستخدام بعض التطبيقات التي تتيح للشخص تقمص شخصية وهمية، تتيح له التفاعل مع مجتمع وهمي وأصدقاء وهميين. ويرجع السبب في انتشار هذه الظاهرة إلى فقدان التفاعل والانسجام مع المجتمع الفعلي الذي يحيط بالفرد، ولذلك أصبح اللجوء إلى هذا المجتمع الوهمي بديلاً عن التفاعل الاجتماعي الصحي مع الأهل والأصدقاء، وقضاء الساعات الطوال في استكشاف مواقع الإنترنت المتعددة، ما يعني تغيراً في منظومة القيم الاجتماعية للأفراد، ما يؤدي إلى الاستخدام المفرط في القيم الفردية، ويعزز الرغبة والميل إلى الوحدة ويقلل من فرص التفاعل والنمو المجتمعي. حياتنا اليومية وعن ضروريات استخدام الحياة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات، قال سعيد حمد النهم، مسؤول علاقات عامة في مستشفى كلباء: لا نستطيع أن ننكر فضل التكنولوجيا؛ حيث إنها سهلت الكثير في حياتنا اليومية، ومكنت الأفراد من إنجاز الكثير من الأعمال في أوقات قليلة، وبسرعة فائقة، ولكن لا نستطيع أن نغفل آثارها السلبية الكثيرة، فعلى الآباء مساعدة أبنائهم في التعرف إلى أهمية التكنولوجيا الحديثة، وكيفية استخدامها بشكل إيجابي داخل إطار من الرقابة الأسرية المحكمة. رأب الصدع وعن دور الدولة في إعادة البناء المجتمعي، أوضح مانع النقبي، مستشار أسري، أن الدولة تعمل جاهدة على رأب الصدع في العلاقات الأسرية، بسبب التكنولوجيا الحديثة، وما أفرزته من وسائل تواصل تعزل الفرد عن محيطه الأسري والمجتمعي، وأنشأت مجالس أحياء لإعادة التوازن إلى المجتمع الذي طغت عليه الحداثة، بكل مردوداتها الإيجابية والسلبية، وتعمل على حل الخلافات الأسرية ومشكلات الجيرة، وحلقة وصل بين الأجيال، ومكاناً آمناً وصحياً للتواصل المباشر، بين سكان الحي الواحد، لتوثيق الصلة، بعيداً عن العالم الافتراضي.

مشاركة :