قدم قادة مجموعة العشرين السبت تنازلات الى الرئيس الامريكي دونالد ترامب في ملفي التجارة والمناخ البالغي الحساسية، سعيا الى ابقاء واشنطن ضمن حظيرة المجموعة. وحمل البيان الختامي الذي صدر بعد قمة استمرت يومين في هامبورغ في ظل تدابير امنية مشددة وعلى وقع تظاهرات غالبا عنيفة، بصمات الخلافات بين الادارة الامريكية الجديدة وسائر اعضاء المجموعة. في ما يتعلق بالمناخ، اخذت المجموعة علما بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للتصدي للتبدل المناخي لكنها اكدت ان كل الدول الاخرى تعتبر ان “لا عودة” عن هذا الاتفاق الدولي في موقف هو بمثابة عزل لواشنطن. وقالت المستشارة انغيلا ميركل “حيث لا مكان للتسوية فان البيان الختامي يظهر الخلافات”. في الوقت نفسه، حظيت الادارة الامريكية الجديدة بضوء اخضر من مجموعة العشرين لانتهاج سياسة مختلفة. وفي هذا السياق، اورد البيان ان المجموعة ستساعد دولا اخرى في العالم “في الوصول الى الطاقات الاحفورية واستخدامها”، ما يتنافى وسعي الامم المتحدة الى اقتصاد يكون اقل استهلاكا للكربون رغم ان المجموعة حرصت على التوضيح ان هذه الطاقات الاحفورية ستستخدم في شكل “اكثر نظافة”. وحاولت الولايات المتحدة خصوصا التقرب من دول شرق اوروبا الساعية الى التعويل في شكل اقل على روسيا على صعيد الطاقة، وذلك بهدف بيعها الغاز الصخري الامريكي. واثار الموضوع جدلا حادا لان دولا عدة تخشى “انتقال العدوى” وفق ما قال دبلوماسي. لكن ذلك كان الثمن الواجب دفعه للحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة ضمن المجموعة. وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تسوية هي “الامثل” حول المناخ، فيما اكد نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون انه لم يفقد الامل بعد “باقناع” دونالد ترامب بتغيير موقفه حيال اتفاق باريس. لكن ميركل قالت انها لا تشاطر الرئيس الفرنسي هذا “التفاؤل”. وفي السياق نفسه، دعا ماكرون الى قمة حول المناخ في ديسمبر في فرنسا بعد عامين من توقيع اتفاق باريس. على الصعيد التجاري، يثير الرئيس الامريكي منذ اشهر قلق شركائه الرئيسيين بسبب توجهاته الحمائية وتهديده بفرض رسوم جمركية على الصين واوروبا في قطاعي السيارات والفولاذ. وفي القمة، وافقت واشنطن في نهاية المطاف على ادانة “الحمائية” في البيان الختامي في ما بات تقليدا تلتزمه المجموعة منذ اعوام. ولكن في المقابل، اقرت المجموعة للمرة الاولى بحق الدول التي تدفع ضريبة الاغراق في اللجوء الى “ادوات مشروعة للدفاع عن نفسها في مجال التجارة”. ولم تكن الولايات المتحدة الوحيدة التي اشادت بهذا التطور. فالرئيس الفرنسي خصوصا يخوض معركة من اجل “اوروبا تحمي” ضمن النطاق الاوروبي وخصوصا على الصعيد التجاري حيال الصين. وعلق مصدر قريب من الرئاسة الفرنسية “هذا يلخص الموقف الذي ندافع عنه، مكافحة الحمائية ومكافحة الاغراق، انه موقف يلائمنا”. من جهته، لاحظ توماس بيرنز من مركز العلاقات الدولية للابحاث “تراجعا” لمجموعة العشرين. واعتبر ان “اشارة واضحة ضد الحمائية لمكافحة الازمة باتت اشارة ملتبسة”. والحدث الابرز في قمة مجموعة العشرين بقي اللقاء الاول الذي جمع ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين. ووصف الرئيس الامريكي السبت هذا الاجتماع بانه “رائع” فيما اعتبر بوتين ان ترامب “مختلف جدا” عما نراه عبر التلفزيون، مبديا ثقته بتحسن العلاقات مع واشنطن. وتبقى قمة هامبورغ الاكثر توترا في تاريخ المجموعة سواء داخل قاعات الاجتماعات او خارجها. فقد واصل نحو 20 الف شخص من مناهضي مجموعة العشرين التظاهر السبت في شوارع هامبورغ بعد مواجهات عنيفة منذ الخميس بينهم وبين الشرطة. وافادت قوات الامن بان نحو مئتي شرطي اصيبوا. وكانت بعض احياء هامبورغ شاهدا على ما وقع من صدامات عبر هياكل سيارات محترقة وحطام حواجز وعوائق. والسبت، هنأ ترامب ميركل التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين بعمل “رائع” رغم التظاهرات، علما بان المستشارة الالمانية تتعرض لانتقادات حادة في بلادها لاصرارها على تنظيم القمة في قلب وسط المدينة. وكتبت صحيفة بيلد الالمانية الاوسع انتشارا السبت “في هامبورغ الدولة فشلت”.
مشاركة :