بيروت: «الشرق الأوسط» تسعى المعارضة السورية في الفترة الراهنة إلى إعادة تفعيل مشروع تحويل كتائب الجيش السوري الحر إلى «جيش وطني» متخصص، يهتم بضبط الأمن والاستقرار وقتال التنظيمات الإرهابية، من دون أن تحدد موعدا زمنيا لإعلانه. وفي حين أكد رئيس الائتلاف الوطني المعارض أحمد الجربا أخيرا، أن «الجيش الحر وهيئة الأركان سيكونان إحدى الدعائم الأساسية التي سيقوم الجيش الوطني عليها خلال الأشهر المقبلة»، لم يستبعد وزير الدفاع المكلف في الحكومة السورية المؤقتة اللواء محمد نور خلوف لـ«الشرق الأوسط»، «قبول وحدات من القوات النظامية داخل صفوفه في حال التزامها مبادئه وشروط تأسيسه، إثر سقوط النظام السوري». وكانت فكرة تأسيس جيش وطني قد طرحها العميد مناف طلاس، المنشق عن النظام السوري، معلنا بعد أكثر من سنة على اندلاع الصراع السوري أنه «ينسق ويؤسس لهذا الجيش مع الضباط السوريين المنشقين، ويتواصل أيضا مع ضباط من داخل النظام غير منشقين، لكنهم متعاونون مع الثورة السورية ضد نظام الأسد، وبينهم ضباط من الطائفة العلوية». وفي مطلع العام الحالي، دعا وزير الدفاع السابق في الحكومة المؤقتة أسعد مصطفى فصائل الجيش الحر إلى التشاور معه بخصوص تأسيس جيش وطني لمواصلة المعارك ضد التنظيمات الإسلامية المتشددة ومحاربة النظام. وتأتي خطوة تأسيس جيش وطني في ظل شغور موقع وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة بعد استقالة الوزير السابق أسعد مصطفى احتجاجا على «نقص الدعم المقدم من الدول القريبة من المعارضة»، وتكليف اللواء محمد نور خلوف لتسيير أمور الوزارة إلى حين تعيين وزير بديل. «النواة الحقيقية لهذا الجيش أفراد الجيش السوري الحر الذين يرتضون الخدمة العسكرية مستقبلا ومسلكا لهم»، يقول خلوف، وزير الدفاع المكلف لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «كل القوى الموجودة على الأرض وتسعى إلى إسقاط نظام (بشار) الأسد الإرهابي وطرد الغزاة الذين يقاتلون معه من إيران والعراق مدعوة للانخراط في هذا الجيش الوطني». ويرفض خلوف تحميل كلمة وطني أي «دلالات سياسية تغمز إلى أن الجيش الحر لم يكن وطنيا»، موضحا أن هذه «الكلمة تحمل بعدا تقنيا فقط يتعلق بضرورة مأسسة العمل العسكري ونقله من مرحلة العفوية والتلقائية إلى التخطيط والتنظيم». وفي حين يشدد على أن «أبرز مهام الجيش المنوي تأسيسه ستكون إرساء الأمن والقضاء على الإرهاب»، يلفت إلى أن «كل من يلتزم بهذه الشروط يمكنه الانخراط بالجيش الوطني بمن فيهم الجنود النظاميون». ويضيف: «سوريا تستطيع أن تحضن جميع أبنائها بعد سقوط النظام خصوصا أن جزءا من الجيش النظامي لم يشارك في الجرائم ضد الشعب السوري»، مشيرا إلى أنه «يعرف عددا كبيرا من العسكريين المجبرين على البقاء في صفوف الجيش النظامي ضمن مهام غير فاعلة، وإذا ما طلب منهم القتال فسرعان ما سينشقون». وعلى الرغم من تأكيده رفض انخراط التنظيمات الإرهابية في صفوف الجيش الوطني، يبدي خلوف رفضه «الدخول في تصنيفات تعسفية لتحديد هوية الكتائب التي تقاتل على الأرض»، ويشير إلى «وجود مقاتلين في جبهة النصرة وغيرها من التنظيمات الجهادية لا يعرفون شيئا عن الجهاد وهدفهم إسقاط النظام فقط»، متهما النظام السوري بـ«استدراج الإرهاب إلى المنطقة بالتعاون مع نظام الملالي بإيران». وينفي خلوف «وجود أي مشكلة في تمويل الجيش الوطني»، موكدا في الوقت نفسه «العمل ضمن الإمكانيات المتاحة، إضافة إلى المساعدات التي ستأتي إلينا من الدول الصديقة». وكان رئيس الائتلاف الوطني المعارض أحمد الجربا أعلن خلال لقائه قادة الجبهات في سوريا عن تأسيس جيش وطني، مشيرا إلى ضرورة الاستفادة من «خبرات القيادات الميدانية التي تقاتل النظام السوري والتي لعبت الدور الأكبر في انتصارات الحقبة الماضية »، بحسب ما نقل عنه المكتب الإعلامي في الائتلاف الوطني المعارض. ومن غير المرجح أن تلقى خطوة تأسيس جيش وطني قبولا واسعا من جانب الفصائل العسكرية التي تقاتل خارج هيئة أركان الجيش الحر، فرغم أن هذه الفصائل تسعى إلى هدف واحد يتمثل في إسقاط النظام السوري فإنها تملك أجندات آيديولوجية مختلفة، إضافة إلى اختلاف مصادر التمويل.
مشاركة :