الحكمة في مفهومها العام، تعني وضع الشيء في موضعه، والمواقف الصحيحة الملائمة هي التي تكشف عن حكمة الحكماء. هناك مؤشرات للحكمة هي من تميز الحكيم عن غيره، مثل... الذكاء بالتوقيت متى ولماذا أتكلم؟ وهل ما سأقوله سيضيف للقضية شيئاً يساعد في حلها أم يزيد من تعقيدها؟! وكيف أتكلم عندما أعرض المعلومة هل بطريقة الهجومي المحرّض الذي هدفه اشعال الفتن أم بطريقة المصلح المساهم في علاج القضية؟ وأين يتكلم هل بالجلسات الاجتماعية أم في مكان العمل أم في أماكن مخصصة ومع متخصصين؟ الحكيم لا يخوض مع الخائضين، بل يتكلم عن معرفة ودراية وإرادة، المعرفة من دون ذكاء تؤخر ولادة الموقف الحكيم، والإرادة هي التي تنتج سلوكاً إن لم يعالج الموقف يجعله يقف عند حد معين بحيث لا يكبر ويتفاقم ويتعقد وبالتالي يصبح من الصعب حله.هناك عروة وثقى وعلاقة بين الأحداث والحكمة، وفي الأحداث الأخيرة التي تمر بها منطقتنا، انكسرت العروة وانتفت الحكمة من عقول الغالبية من الأطراف المؤيدة والمعارضة، بطرق مرفوضة في الشرع والقيم الإنسانية، من كان مهيمناً ومسيطراً على الموقف، الإرادة الضعيفة، التي تشعل الفتن بين الشعوب، وتقطع الأوصال والأرحام، والمصيبة أنها لن تعيد المياه لمجاريها، بل ستعكرها وتجعلها غير صالحة للاستخدام.من أهم تجليات الحكمة التي افتقدناها في الحدث الخليجي، عدم إدراك حجوم القضايا على وجهها الصحيح، منهم المبالغ والآخر المستهين، فالحكيم هو من يرى الأشياء الكبيرة كبيرة، كما يرى القضايا الصغيرة صغيرة، كما هي، هو من يرى ما قبل اللحظة الراهنة، ويستشرف ما بعدها إنه يشعر بالعاصفة قبل هبوبها، فيحذر قومه وينذرهم، كما قال سفيان الثوري: «إذا أدبرت الفتنة عرفها كل الناس، وإذا أقبلت لم يعرفها إلا الحكيم».إن الأزمة لا تنبع من مفاجآت الأحداث وفواجعها، وإنما من غفلة الناس واستخفافهم بما وصلت إليه العلاقات الخليجية، سابقاً يضرب بها المثل لأنها لا تقف عند حد العلاقات السياسية والديبلوماسية بل هي علاقة دم وأهل وأرحام. لا يوجد خليجي إلا ولديه أهل وأصدقاء وأحباب في بلد خليجي آخر. إلى كل فرد خليجي يحب ويعشق أرض الخليج، إلى كل كويتي - سعودي - قطري - إماراتي - بحريني - عماني، زين عقلك بالحكمة وقلبك بالإرادة وارفع شعار «قل خيراً أو اصمت» إلى أن يرفع الله البلاء بحكمة الحكماء.m.alwohib@gmail.commona_alwohaib@
مشاركة :