تشكيل المجالس البلدية ليس ترفاً، بل هي نتيجة طبيعية لتطور المجتمعات وحاجة أفرادها إلى اختصار دوائر القرار وقنوات المتابعة من أجل إنجاز المشروعات الخدمية بشكلٍ أسرع ، إذ تهدف تلك المجالس-كما ورد في دليل المجالس البلدية إلى تلبية احتياجات المواطنين من الخدمات البلدية والرفع من مستوى هذه الخدمات، وتحسين أداء البلديات، والرفع من قدراتها لكي تتمكن من تحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها . أُقر نظام المجالس البلدية في المملكة في العام ١٤٢٦هـ، وبدأت أعمال الدورة الأولى في العام التالي ولمدة أربع سنوات، تلتها عملية انتخابات جديدة للدورة الثانية والتي بدأت أعمالها في شهر ذي القعدة من العام 1432هـ. ثلاث سنوات تقريباً انقضت من أعمال الدورة الثانية للمجالس البلدية في المملكة، ولا يزال الناخب بحاجة إلى معرفة المزيد عن أدوار المجلس البلدي الذي شارك في تشكيله من خلال انتخابه لأحد أعضائه. هذا الغموض الذي يكتنف أعمال وإنجازات المجالس البلدية يطرح العديد من التساؤلات حول جدوى هذه المجالس بهيكلتها الحالية، وفاعلية انتخاب الأعضاء، وصلاحيات المجلس في متابعة ميزانية الأمانة أو البلدية، ودوره أيضاً في تعجيل إنجاز المشاريع، ولاسيما أن الكثير من المشروعات الحيوية متعثرة في العديد من المدن والمحافظات. ما يُنشر عن إنجازات المجالس البلدية يمثل إحصائيات عامة عن عدد الجلسات، وعدد القرارات المنفذة وغير المنفذة، والقرارات تحت التنفيذ، وعدد جولات الأعضاء في شكل رسوم بيانية وأرقام فقط، دون إيضاح لماهية تلك القرارات أو الجولات، وكأنها تقارير للاستهلاك الإعلامي فقط. الإفصاح عن جدول أعمال المجلس وإنجازاته بشيء من التفصيل للقرارات المنفذة وغير المنفذة وأسباب عدم التنفيذ، وعن جهود أعضائه في شكل تقارير دورية أو سنوية - على الأقل - تمنح الناخب طمأنينة لحسن الاختيار لهذا العضو دون ذاك، وتُشعرنا بحجم الشفافية التي ترافق عمل المجالس البلدية على مدى أربع سنوات هي عمر كل دورة من دورات الانتخاب، وهو بالتالي عامل حفز للمشاركة الانتخابية في الدورات المقبلة بموضوعية ووعي وثقة. بقي أيضاً أن تُمنح المجالس البلدية صفةً اعتباريةً مستقلة ومزيداً من الصلاحيات الرقابية على أعمال الأمانة أو البلديات، وأن تخلو قائمة أعضاء المجلس البلدي من ممثلي تلك الأمانات أو البلديات، وأن تُفتح دوائر اتصال فاعلة بين المجلس البلدي والمجتمع حتى نضمن استمرارية وصول أصوات الناخبين إلى متخذ القرار طيلة سنوات عمل المجلس.
مشاركة :