مختصون دوليون لـ"الاقتصادية": الرياض ممثل حقيقي لطموحات الأسواق الصاعدة

  • 7/10/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

جرى العرف دائما أنه مع انتهاء أعمال قمة العشرين، ينصب اهتمام وسائل الإعلام الدولية المتابعة للحدث، على تحليل نتائج القمة لمعرفة جوانب النجاح أو الإخفاق، ومقارنة ما تحقق بما أنجز في قمم سابقة، والبحث في واقعية الطموحات التي طرحها القادة المشاركون في القمة، والتساؤل حول قدرتهم على تحقيقها. وبطبيعة الحال واصلت وسائل الإعلام الدولية السير على هذا المنوال، بعد انتهاء أعمال قمة العشرين في مدينة هامبورج الألمانية. لكن الملاحظ أن قطاعا كبيرا للغاية من الإعلام الدولي ركز اهتمامه هذه المرة على مدلولات اختيار السعودية لاستضافة أعمال قمة العشرين المقرر انعقادها في عام 2020. فاختيار موقع انعقاد قمة لمجموعة بضخامة وقوة مجموعة العشرين التي تهيمن على 85 في المائة من إجمالي الناتج العالمي، يخضع لعديد من المعايير الصارمة، ويتطلب إجماع القادة المشاركين كافة. فموقع انعقاد القمة يحمل في طياته الكثير من الرسائل والمعاني والدلالات. بيد أن الأهم أنه يكشف ثقة المجتمع الدولي في قدرة الدولة المستضيفة، ليس فقط على عقد قمة تضم أهم قادة العالم على أراضيها، وإنما قدرتها على طرح مجموعة عميقة من الأفكار والآراء الجديدة والواقعية تمثل إضافة حقيقية لمسار المجموعة. كما يكشف موقع اختيار انعقاد القمة قناعة قادة المجتمع الدولي بقدرة الدولة المضيفة، على ضخ روح جديدة في المجموعة، تسمح بنقلها إلى مرحلة مختلفة من التطور النوعي، الذي يعزز قدرة البلدان المشاركة في القمة على الساحة الدولية. تلك المفاهيم التي تحدد عادة موقع استضافة قمة مجموعة العشرين، هي التي دفعت وسائل الإعلام الدولية إلى الاهتمام بقرار القمة في اختيار السعودية لاستضافة أعمالها عام 2020، والبحث في أسباب ذلك الاختيار ودواعيه، والتعرف عن قرب على ما تمتلكه الرياض ليس من قدرة مادية ممثلة في قاعات وفنادق وقدرة تنظيمية لاستضافة نخبة قادة المجتمع الدولي، وإنما فيما تمتلكه المملكة من أطروحات ورؤية جديدة تسهم في تشكيل المجتمع الدولي، وتعيد صياغته وتشكيله بما يتلاءم مع التطورات الدولية الراهنة والمستقبلية. يعتقد الباحث الاقتصادي ألكسندر جاب، أن قرار عقد قمة العشرين في السعودية عام 2020 يرتبط بموقف دولي يرصد بشكل دقيق طبيعة التغيرات الاقتصادية التي تشهدها المملكة منذ طرحت الرياض برنامج التحول الاقتصادي ضمن رؤية المملكة 2030. ويقول لـ"الاقتصادية"، إن قرار مجموعة العشرين باستضافة السعودية قمة عام 2020، يمثل في جزء كبير منه دعما مباشرا لخطة التحول الوطني السعودية، وتصديقا دوليا بأن خريطة الطريق السعودية في المجال التنموي والاقتصادي ستجعل من الرياض نموذجا رائدا على المستويات كافة. ويضيف: "هذا يعني إدراك القوى الاقتصادية الكبرى أن هناك مركزا اقتصاديا يبزغ في منطقة الشرق الأوسط، سيقوم بدور قيادي على المستويين الإقليمي والدولي، ما يتطلب اقتناص فرص التعامل معه من الآن، وذلك عبر دعمه من خلال عقد تلك القمة الدولية على أراضيها، كمؤشر ملموس على موافقة قادة المجتمع الدولي للنهج التنموي الذي تتبناه الرياض، واستعداداهم لدعمه". إلا أن الدكتور دوان فوستر أستاذ الاقتصاد الدولي يرى في قرار مجموعة الـ20 باستضافة الرياض لقمة عام 2020 مؤشرا على إدراك المجتمع الدولي بأن لدى الرياض رؤية معبرة عن قطاع كبير من الاقتصادات الناشئة والنامية يجب الاستماع إليها. ويؤكد لـ"الاقتصادية"، أن قمة عام 2019 ستعقد في اليابان، وهذا طبيعي ومنطقي فاليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، أما أن تعقد القمة في السعودية في عام 2020 فهذا يحمل رغبة حقيقية من العالم المتقدم في البحث عن دولة يمكن اعتبارها ممثلا حقيقيا لطموحات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية، وبقدر أهمية أن تمتلك تلك الدولة القدرة المالية لدعم الاقتصاد العالمي، فالمهم أن يكون لديها أيضا رؤية حقيقية وواقعية فيما يتعلق بطبيعة التغيرات التي يمكن القيام بها على المستوى العالمي، لإحداث تغير حقيقي في الأوضاع الاقتصادية الراهنة، والتعامل مع التحديات وفقا لقواعد المنطق الاقتصادي وليس المواءمات السياسية. ويتابع: "تلك المحددات تتوافر في عدد قليل من الأسواق الصاعدة، والسعودية تأتي في مقدمتها، خاصة أن "رؤية التحول الوطني 2030"، تمثل أرضية خصبة لأن تصبح الرياض نموذجا إقليميا ودوليا، يمكن الاعتماد عليه في دعم الاقتصادات الوطنية، لإخراجها من دائرة الاعتماد على مورد واحد للتنمية، ودفعها إلى تبني أنماط تنموية تعتمد على تعدد مصادر الدخل القومي، وبذلك نجد أن اختيار السعودية لاستضافة القمة يتضمن تحقيق المصالح المشتركة لأعضاء القمة مجتمعين، ويخفف من حدة أي توترات تنشأ بين البلدان المتقدمة والأسواق الصاعدة، فالخطاب السعودي أكثر هدوءا ورزانة وواقعية وفهما لحقيقية موازين القوى الدولية، بخلاف بعض البلدان الأخرى التي يحمل خطابها درجة عالية من الاحتقان والتهديد المتواصل للمصالح الأوروبية، ما يعقد المشهد الدولي ولا يساعد على حله". وإذا كان اختيار السعودية احتل درجة ملحوظة من اهتمام وسائل الإعلام الدولية فإن القمة ذاتها ونتائجها، بدت محلا لجدل كبير حول حقيقية ما أسفرت عنه. فالرئيس الأمريكي دونالد ترمب وصفها بـ "نجاح رائع" وذلك على الرغم مما بدى واضحا بالعزلة التي تعرض لها الموقف الأمريكي فيما يتعلق بالتغير المناخي. بدورها، تعتقد الدكتورة إميليا إدوارد أستاذة الاقتصاد المقارن بجامعة لانكستر، أنه لا يمكن القول بشكل تام إن القمة عكست وفاقا أو إجماعا بين المشاركين كما في القمم السابقة، إذ يمكن القول إن بعض القضايا كشفت عن تكتل دولي في مواجهة الرئيس ترمب، وتحديدا في موضوع المناخ وأيضا في موضوع الاتهامات التي وجهها الرئيس الأمريكي لبعض البلدان المشاركة في القمة فيما يتعلق بالفائض الذي تحققه في ميزانها التجاري. وتقول لـ"الاقتصادية": "يمكن القول بصفة عامة إن تفادي اندلاع خلافات حادة وقوية بين البلدان المشاركة يعد في حد ذاته أمرا جدير بالإشادة به في ظل التوترات التي سبقت القمة، فإصدار بيان مشترك يكشف أن هناك حدا أدنى من الاتفاق حول عدد من القضايا الدولية". وتشير إلى أنه في الحقيقة فإن القمة لم تشهد اتفاقا بقدر ما شهدت تنازلات من قبل الأطراف المشاركة لبعضها بعضا، فالبيان الختامي تضمن في بعض فقراته إشارات تتناقض مع موقف واشنطن من قضايا المناخ، وهو ما يعد تنازلا من قبل الإدارة الأمريكية، وفي المقابل تنازل الجانب الأوروبي والصيني بموافقتهما على حق البلدان في حماية أسواقها باستخدام الأدوات التجارية للدفاع المشروع، وهو ما يعني القبول بموقف إدارة ترمب بفرض رسوم على الحديد المستورد من الصين، في ظل اتهامات الإدارة الأمريكية لبكين باتباع سياسة الإغراق. وتؤكد أن المستشارة أنجيلا ميركل أفلحت في الإمساك بالعصا من المنتصف، مبينة أن اختتام القمة بحد أدنى من النجاحات، يعني تأجيل المواجهة بين الاتحاد الأوروبي والصين من جانب وواشنطن من جانب آخر إلى وقت آخر.Image: category: عالميةAuthor: هشام محمود من لندنpublication date: الاثنين, يوليو 10, 2017 - 21:00

مشاركة :