رأي «الراي» / صباح الكويت ... «سويسرا العرب» - الافتتاحية

  • 7/11/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في كل منعطف، كل أزمة، كل مشكلة، كل خلاف، كل توتّر... يقف الشيخ صباح الأحمد على رأس المبادرة ويكون الأسرع في التحرك والتواصل والحرص على بقاء الحوار وعدم تقطيع خيوط التلاقي.عندما حصلت جريمة تفجير الإمام الصادق في الكويت قبل عامين، كان صاحب السمو الأمير أول من حضر بدمعته إلى المكان وبعبارته «هذول عيالي». لم ينتظر من يحدّد له خريطة المسير أو التصرف، لأن المبادرة جزء من شخصيته وهي التي طبعت مسيرته في تعامله مع مختلف الأزمات الإقليمية والداخلية.رجل حوّل دولة مساحتها صغيرة إلى منطقة سلام مساحتها العالم بأسره. أمير أوجد في معجم القانون الدولي مصطلحات جديدة للقوة لا علاقة لها لا بالجيوش الجرّارة ولا بأسراب المقاتلات وأرتال الدبابات وحاملات الطائرات.قوة الحياد الإيجابي المتصل بقضايا أهله وأشقائه وأصدقائه لا الحياد المنفصل المتميز.قوة الدور التفاوضي الذي يحوّل الديبلوماسية من لغة حوار إلى حاجة إقليمية ودولية.قوة الحضور الدولي المتقدم في الأزمات الإنسانية الطاحنة للشعوب.قوة الثقل المبادر للجمع لا للقسمة وللتعاون بدل الصراع.قوة رجل كتب التاريخ بمسيرته ولم ينتظر التاريخ ليوثق إنجازاته في إطفاء الحرائق وإبقاء الحوار قائماً بين متنازعين... مسيرة أمير لم ينتظر أحداً ليدعوه إلى دور بل كان دائماً صاحب الدعوة مرتكزاً على إرث طويل وخبرة أطول.من لبنان قبل عقود إلى بلسمة جراح السوريين قبل سنوات، مروراً بقيادته للديبلوماسية الكويتية في أصعب الظروف خلال الحرب العراقية- الإيرانية ونارها التي أحرقت حتى مياه الخليج، وجهوده لجمع التيارات الفلسطينية المتناحرة قبل الغزو، ودوره التصالحي في قمم العرب، والحفاظ على الحوار بين إيران وجوارها من منطلق التزامه الكامل هموم البيت الخليجي ومصالح أشقائه، وفتح نوافذ المستقبل مع عراق ما بعد صدام حسين... كلها وغيرها عوامل لم تشكّل فحسب تسمية العالم له زعيماً للإنسانية بل حوّلت الكويت إلى سويسرا العرب، بمعنى الدور السلمي الذي قامت به تلك الدولة الأوروبية وحولها إلى حاجة دولية.اليوم، يعيش البيت الخليجي أزمة كبيرة، وليس سراً أن الخلاف بين الأشقاء ليس عابراً أو سهلاً، لكن سمو الأمير الذي بادر منذ اليوم الأول لرأب الصدع خاض سابقاً مبادرات تصالحية تحت دويّ الحرب وبارود القصف، ويعرف أن الصبر مفتاح التفاوض، وأن البناء على المشتركات معبر للتقدم، وأن الشفافية والمصارحة والصدق مدخل لعلاقات مستقبلية أفضل، ويعرف أن الأزمات في بداياتها تشتعل بوقود إعلامي يرمي كل طرف من خلاله بحمولته وذخيرته، ثم يراهن على تطويق التصعيد تدريجياً وصولاً إلى وضع كل الملفات على طاولة الحوار.ورغم كل محاولات وضع العصي في دواليب الوساطة الكويتية، ورغم كل العرقلة وتمنيات المغرضين لها بالفشل، إلّا أن صبر الحليم طويل، وها هو اليوم يوجد غطاءً دولياً مواكبا يتولى متابعة جهود حل الأزمة بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة أخرى، عابرة بشكل مباشر إلى جوهرها أي مكافحة الإرهاب.هنا، لا بد من المكاشفة والبحث في كل ملف على حدة مع تبيان أوجه الاتهام والأدلة ومعرفة الردود عليها. البيت الخليجي لا يحتمل المزيد من التصعيد لأن خسائرنا اليوم أرباح لغيرنا اليوم وغداً، والبيت الخليجي إذا فتح باب الإرهاب عليه فسيدفع ثمناً لن يسلم منه أحد.تعرضت الكويت لنار الإرهاب وعاشت مراحل من عدم الاستقرار وساد الخوف على الصيغة والدور والأمن، لكنها تجاوزت ذلك بفضل مؤسساتها وتجربتها وعلاقة الحاكم بالمحكوم ونهج المكاشفة مع الجميع في الداخل والخارج. والشيخ صباح الأحمد الذي يحرص اليوم على البيت الخليجي كحرصه على الكويت، يقول عن شعوب الخليج «هذول عيالي» ولا يريد لهم إلا كل خير بعيداً عن انقسامات تفتح باب البيت لغريب يتمدّد داخل غرفه... وبعيداً عن إرهاب يهدم السقف على من فيه.«الراي»

مشاركة :